سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محكمة لاهاي : على اسرائيل تفكيك الجدار ووقف بنائه و"حق الدفاع عن النفس" لا يبرره - عرفات : انتصار للشعب الفلسطيني واشنطن : الحل في "خريطة الطريق" الرئيس الاسرائيلي : المحكمة أخطأت ، تحرك عربي لتفعيل القرار في الامم المتحدة
حسمت محكمة العدل الدولية ترقب المجتمع الدولي ب "رأي استشاري" بالغ الوضوح، فاعتبرت الجدار الذي تبنيه اسرائيل في عمق الاراضي الفلسطينية مخالفاً للقانون الدولي، ودعت الى تفكيكه ووقف بنائه، رافضة ادعاء اسرائيل ب "حقها في الدفاع عن النفس" لإقامة هذا الجدار، كما سجلت واجب اسرائيل "تعويض الاضرار" التي تلحق بالافراد الفلسطينيين من جراء بناء الجدار. ووصف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات القرار بانه "انتصار للشعب الفلسطيني وللعدل وللشعوب الحرة وحركات التحرر". وشكر محكمة لاهاي على القرار الذي وصفه ب "صوت الحق والقانون وليس القانون المحلي بل القانون الدولي الذي يقف ضد الجدار كما وقف ضد جدار برلين الذي ازالوه وسيزيلون هذا الجدار ان شاء الله لنقيم دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس". فيما اعتبر الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساب ان المحكمة "أخطأت في قرارها ولم يتوجب عليها النظر في قضية الجدار". ودعا الحكومة واجهزة الامن الى استكمال بناء الجدار الذي "ليس جداراً ثابتاً ولا يحمل طابعاً سياسياً بل امنياً". وكرر وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم ان الجدار "امني" وأنه "في الامكان نقله وفقاً لنتائج المفاوضات مع الفلسطينيين". أما الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان فقال ان محكمة لاهاي "ليست المكان المناسب لحل قضية ذات طابع سياسي. هذه قضية ينبغي حلّها من خلال العملية القائمة وهي تحديداً خريطة الطريق". ووقف النائب في الكنيست الاسرائيلية المفكر الفلسطيني الدكتور عزمي بشارة وسط الحشود في خيمة الاعتصام والاضراب عن الطعام في ضاحية البريد بين القدس ورام الله، ليؤكد ان محكمة العدل في لاهاي لم تكتف بابداء رأي القانون الدولي المبدئي في قضية الجدار فقط، بل طلبت من الاممالمتحدة ان تتخذ الاجراءات المناسبة لوقفه وانهائه وان القرار حمل جدية وقوة تساعدان الفلسطينيين على الاستمرار في العمل ضد الجدار الى ان يتم تحطيمه وهدمه، داعياً الاسرائيلييين الى عدم الغضب على هذا القرار بل اعتباره "نقطة بداية لمشاركتنا المعركة ضد الجدار". وقال بشارة ل"الحياة" ان القرار يؤكد أن الانتصار على الجدار ممكن، لكن هذا لا يعني اننا انتصرنا بعد، والقرار شديد الأهمية معنوياً وسياسياً واخلاقياً، ويجب البناء عليه من خلال استصدار قرارات من مجلس الامن الدولي، واعتقد انه من الصعوبة بمكان للولايات المتحدة ان تعارض القوانين الدولية، خصوصاً بعدما لحق بها بسبب ذلك في العراق. يجب عدم التسليم بفيتو أميركي في أي حال". في بادرة قانونية وسياسية كبيرة أعلنت محكمة العدل الدولية، ظهر امس في لاهاي، رأيها الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للامم المتحدة، فدعت مؤسسات المنظمة الدولية، خصوصاً الجمعية العامة ومجلس الأمن، الى البحث في "الاجراءات الاضافية من أجل انهاء الوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار والاجراءات المرتبطة به". وطلبت من اسرائيل تفكيك الجدار وإعادة ممتلكات الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية ودفع تعويضات للمتضررين. و بدا هذا الرأي بمثابة اجماع دولي ضد الجدار، اذ دعمه 14 قاضياً ولم يعارضه سوى القاضي توماس بيرغنتال، وهو من الولاياتالمتحدة. ويؤهل رأي المحكمة الذي صدر تحت عنوان "العواقب القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة" السلطة الوطنية والفلسطينيين لمطالبة قوة الاحتلال بتفكيك الجدار وتعويض الأضرار العامة والخاصة التي ترتبت عنه. ورحب الوفد الفلسطيني الى لاهاي بالرأي الذي توصلت اليه أعلى هيئة قضائية في العالم. فقال مندوب فلسطين لدى الأممالمتحده الدكتور ناصر القدوة ان الرأي "يعكس القانون الدولي وله الصفة نفسها ويفترض في الأطراف كافة العمل على تنفيذه". ويستند رأي المحكمة الى كم كبير من القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية التي طالبت بشكل منتظم بوقف بناء الجدار داخل الأراضي المحتلة. وكان لافتاً أيضاً ان رأي المحكمة استند الى اتفاقات جنيف التي اعتبر أنها "تنطبق على الاراضي الفلسطينية كونها اراضي محتلة". وستحيل المحكمة الرأي القانوني الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لأنه يرد على طلب الأمين العام كوفي انان في 8 كانون الاول ديسمبر 2003 بحث العواقب القانونية الناجمة عن الجدار. وتلا رئيس المحكمة شي جيونغ الصين خلاصة الرأي الاستشاري في حضور زملائه القضاة ال 14. والى القدوة، كان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وممثلو بعض الدول العربية وممثلو البعثات الديبلوماسية المعتمدين في مقدم الحضور. وفيما استند الى مواقف الجمعية العامة ومجلس الأمن من مشكلتي الجدار والمستوطنات، رفض جيونغ دعاوى اسرائيل ضد صلاحيات المحكمة، التي قال انها "تملك صلاحية إبداء رأيها عندما تطلب منها هيئات مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة". ورفض خصوصاً الذرائع السياسية لمشكلة الجدار. وقال: "المحكمة لا تقبل الدلائل التي أثارت الطابع السياسي للمشكلة الجدار لنفي صلاحياتها المحكمة. ولم يوافق القضاة ذرائع بعض الأطراف اسرائيل والولاياتالمتحدة بأن رأي المحكمة "يشوّش على خريطة الطريق" وقال ان المحكمة "لا ترى في هذا الدليل سبباً للتحفظ" عن إبداء رأيها. وتعرض رئيس المحكمة في تلاوته الى مقتضيات القانون الدولي واتفاقيات جنيف، وقال انها تنطبق على وضع الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وأكد وجوب احترام مقتضيات المواثيق الدولية والانسانية من جانب اسرائيل بصفتها قوة الاحتلال. واستنتج رئيس المحكمة أن الأراضي التي تحتلها اسرائيل منذ ما يزيد على 37 عاماً تخضع لقوانينها الترابية بصفتها قوة الاحتلال. ولذلك فهي "ملزمة بمقتضيات المعاهدات التي تضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأكثر من ذلك فهي ملزمة ان لا تقيم أي حاجز يحول دون تنفيذ هذه الحقوق في المجالات التي تم نقل الصلاحيات فيها الى السلطات الفلسطينية". وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية انه ستكون لرأي محكمة لاهاي "انعكاسات كبيرة على صعيد القانون الدولي"، لأنه يعكس القانون الدولي "على رغم محاولات المحافظين الجدد إعادة ترتيب العلاقات الدولية". وأوضح موسى ان الجامعة العربية تجري مشاورات لتحديد خطة التحرك وصيغته في المرحلة المقبلة. ويعتقد خبراء القانون الدولي ان لرأي محكمة لاهاي "ثقلاً سياسياً وقانونياً كبيراً". لكنهم رأوا ان استفادة الفلسطينيين من هذا الرأي "سيظل يرتبط بطبيعة موازين القوى السائدة اليوم والتي تميل لمصلحة اسرائيل بسبب الانحياز الأميركي". وقال مصدر ديبلوماسي فلسطيني ان السؤال الآن "يتركز على مدى قدرة النظام العربي على الاستفادة من رأي المحكمة". وفي نيويورك، تعتزم بعثة فلسطين لدى الأممالمتحدة العودة الى الجمعية العامة لاستصدار قرار يبنى على الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي. وتجتمع مجموعة السفراء العرب في الأممالمتحدة يوم الاثنين المقبل للنظر في مشروع قرار فلسطيني ولتمهيد التوجه الى الجمعية العامة. وفي مقابل تمسك اسرائيل بأن الرأي الاستشاري للمحكمة "غير ملزم" شدد المسؤولون الفلسطينيون على كون الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم "لا يجعله غير قانوني" حسب المستشارة القانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، دايانا بطّو. وشددت بطّو على اهمية ما تضمنه رأي المحكمة بأن على جميع الدول "التزام عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناشئ عن بناء الجدار، وعدم تقديم أي مساعدة للحفاظ على الوضع الراهن، وكذلك التعاون لوضع حد للانتهاكات و ضمان تقديم اسرائيل التعويضات" المترتبة عليها، وقالت: "ننوي العمل على هذا البعد الدولي، مع جميع الدول، الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها، لتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي". ولفتت ايضاً الى ان المحكمة الدولية حضّت كلاً من الجمعية العامة ومجلس الأمن على "النظر في الاجراءات الاضافية التي يجب اتخاذها لإنهاء الوضع غير القانوني الناتج عن بناء الجدار".