أصدر القضاء القطري أمس حكماً بالسجن المؤبد على عميلين للاستخبارات الروسية دينا بتهمة اغتيال الرئيس الشيشاني السابق سليم خان يندرباييف في الدوحة في شباط فبراير الماضي. وفي حين أكد نص الحكم تورط الحكومة الروسية في الاغتيال، أكدت موسكو براءة مواطنيها وقالت ان المحاكمة لم تكون موضوعية وتضمنت اخطاء اجرائية. ولم يغلق الحكم الصادر عن "المحكمة الجنائية الكبرى" في الدوحة بحق "الضابطين" الروسيين اناتولي بلاتشكوف وفاسيلي اناتولي ملف القضية، لأن محكمة الاستئناف هي المخوّلة النظر في حكم السجن المؤبد وإصدار الحكم النهائي في وقت لاحق، خصوصاً ان هيئة الدفاع برئاسة المحامي القطري محسن السويدي أكدت انها ستستأنف الحكم. واعلن القاضي إبراهيم النصف الحكم في جلسة علنية حضرتها السيدة مليكة ارملة يندرباييف، وقال في حيثيات الحكم ان "القيادة الروسية أصدرت في آب اغسطس أمراً بقتل وتصفية الرئيس الشيشاني السابق وتشكلت عناصر تنفيذ العملية من ضابطين روسيين عملا ديبلوماسيين في السفارة الروسية في قطر والمتهمين المحكوم عليهما"، مشيراً الى ان الحكم بالسجن مدى الحياة وليس بالاعدام "أخذ المتهمين بقسط من الرأفة". وأعتبرت قيادات شيشانية أن الحكم يدين "الإرهاب الروسي"، وقال أحمد زكييف وزير الخارجية في الحكومة الشيشانية المعارضة لموسكو الذي حضر الجلسة إن إغتيال يندرباييف يؤكد أن "الروس هم الإرهابيون لا الشيشان" وأن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجرم حرب". ورأى أن موسكو "قامت بارهاب دولي" و"مثلما مارست أساليب إرهابية في الشيشان فانها تمارس اليوم ارهابا في دول أخرى وهذا خطر على دول العالم". وسألت "الحياة" المحامي السويدي عن رأيه في الحكم فقال "نحترم قرار المحكمة ونتمسك بالبراءة وسنطعن في القرار ونستأنف قرار المحكمة"، وتوقع تبرئة موكليه في محكمة الاستئناف، مؤكدا ان "سير المحاكمة كان هادئا وجيدا، لكن شابها بعض الاخلالات واعتراضات من النيابة وافقت عليها المحكمة، وسنطرح هذه الاخلالات أمام محكمة الاستئناف". رد الفعل الروسي وفي موسكو، اثار الحكم المشدد استياء واسعاً وتعلقت الانظار بعفو أميري محتمل وسط تصاعد الانتقادات ضد سير المحاكمة التي وصفت بانها "لم تكن موضوعية وخضعت". لكن موقف وزير الخارجية سيرغي لافروف خلا من التشدد، وقال ان موسكو تحترم القضاء في قطر، مشيرا الى نية بلاده في تقديم اعتراض على الحكم المعلن ومواصلة جهودها لضمان عودة مواطنيها. واصدرالمكتب القانوني المكلف الدفاع عن المتهمين بيانا أورد فيه سلسلة مخالفات قانونية قال ان المحكمة ارتكبتها خلال سير القضية. واشار البيان الذي نشرته وكالة "انترفاكس" الروسية ان المكتب ينظر في احتمال اللجوء الى آليات القانون الدولي لمراجعة ما وصفه بانه اخطاء جسيمة مارسها القضاء القطري ولخصها في خمس نقاط هي اعتقال المواطنين الروس داخل مبنى تابع للبعثة الدبلوماسية والقيام بحملة تفتيش داخل المبنى في مخالفة صريحة لمواثيق فيينا للعام 1971 المتعلقة بالعلاقات الديبلوماسية، معتبرا ان نتائج الاعتقال والتفتيش باطلة حسب القوانين الدولية. كما اعتبر البيان اعترافات المتهمين التي شكلت اساسا لاصدار الحكم عليهما باطلة كونها انتزعت عن طريق استخدام القوة في مخالفة لميثاق نيويورك الذي حرم استخدام التعذيب البدني بحق السجناء، واورد البيان ايضا ما اعتبره مخالفة للدستور القطري نفسه ،اذ لفت الى رفض المحكمة النظر في شكوى المتهمين حول تعرضهما للتعذيب لانتزاع اعترافات ورفضت المحكمة ايضا محاسبة المسؤولين في اجهزة التحقيق. وفي هذا الاطار اضاف البيان ان المحكمة القطرية لم تعر اهتماما كافيا لعدم وجود أدلة ملموسة على تورط المتهمين في حادث الاغتيال واستندت الى اعترافات قدمتها اجهزة التحقيق. الى ذلك، اعلن متحدث باسم فريق المحامين انه سيقدم طلبا لنقل المتهمين لتمضية فترة العقوبة في بلدهما استنادا الى القانون الدولي، وقال ان الطلب سيعتمد على اساس ان المتهمين سيعانيان صعوبات اضافية في حال ارغما على تمضية العقوبة في السجون القطرية "وسط بيئة ثقافية واجتماعية غريبة عنهما".