شهدت أول جلسة علنية عقدتها المحكمة الجنائية الكبرى مدنية في قطر للنظر في قضية روسيين متهمين باغتيال الرئيس الشيشاني السابق سليم خان يندرباييف في الدوحة في 13 شباط فبراير الماضي، توجيه النيابة العامة القطرية تسعة اتهامات الى "عميلي الاستخبارات" الروسية، كما قدمت معلومات مثيرة حول كيفية الاغتيال والوسائل المتبعة. وقررت المحكمة عقد جلستها الثانية في 25 الشهر الجاري، استجابة لطلب محامي الدفاع القطري محسن دياب السويدي، لإتاحة الفرصة له لدرس ملفات القضية. وكان المحامي قال انه لم يتسلم ملف الدعوى ولم يقابل موكليه إلا دقائق معدودة، وقرر رئيس المحكمة ابراهيم صالح النصف الاستماع الى اثنين من شهود الاتهام ال13 في جلسة مقبلة، كما قرر تمكين المحامي من الاطلاع على ملفات الدعوى، واستجاب طلبه عدم نشر أي صورة للمتهمين مع استمرار حبسهما. ولوحظ ان الموقوفين شابان ملتحيان، الأول اسود الشعر واسمه اناتولي فلاديمير فيتش، والثاني أشقر وهو فاسيلي اناتولي فيتش، وأنكرا الاتهامات أمام المحكمة امس، لكن المتهم الثاني اعترف بتهمة التزوير والاحتيال في استئجار سيارة قال الادعاء انها استخدمت في اطار الترتيب لعملية الاغتيال". وكان المتهمان يرتديان ملابس رياضية داخل المحكمة، وحضر الجلسة محامون روس يعملون "خلف الكواليس" مع المحامي القطري. ويسمح قانون المحاماة بترافع محامين عرب أمام المحاكم القطرية، لكنه يحظر ذلك على محامين أجانب. وكانت المحكمة وفرت مترجماً من العربية الى الروسية وبالعكس، لتمكين المتهمين من متابعة وقائع الجلسات. وقدم ممثل النيابة سعد الدوسري لائحة الاتهام وعرض قصة "الجريمة" وطبيعة الاتهامات، وهي "القتل العمد بأسلوب وحشي"، علماً ان العقوبة في هذه الحال هي الإعدام، ولوحظ ان الاتهامات وجهت وفقاً لقانون العقوبات وقانون المتفجرات، لا قانون الارهاب الذي صدر حديثاً. وشملت الاتهامات الشروع في قتل داوود نجل يندرباييف الذي أصيب إصابات خطيرة في عملية التفجير عقوبتها الحبس لمدة طويلة، والتهمة الثالثة هي "استعمال متفجرات بقصد قتل أكثر من شخص" وعقوبتها الاعدام، اضافة الى "تلقي تدريب على المتفجرات لتحقيق غرض غير مشروع" تصل عقوبتها الى عشرين سنة و"الاشتراك في استيراد متفجرات من دون الحصول على ترخيص، وذلك بقصد ارتكاب جريمة"، اضافة الى "الاحتيال على الغير بانتحال اسم شخص ديبلوماسي، وارتكاب تزوير بطريقة الاصطناع"، و"اتلاف مال مملوك للغير" سيارة يندرباييف. وكشفت هيئة الاتهام ان المتهمين اعترفا أمام الشرطة والنيابة وقاضي التحقيق بارتكاب جريمة الاغتيال باستخدام قنبلة وضعت أسفل السيارة، ومثلا كيفية تنفيذ الجريمة. واشار ممثل النيابة الى وجود شريطين مصورين يوضحان ذلك. وورد اسم ديبلوماسي روسي هو الكسندر فيدشسوف في معلومات الادعاء واتهاماته، لكن النيابة لم توجه اليه تهمة المشاركة في اغتيال يندرباييف، بسبب حصانته الديبلوماسية بمقتضى اتفاقية جنيف. وكانت قطر أعلنت طرد الديبلوماسي الروسي، وهو بحسب "الاعترافات" ضابط استخبارات كان يعمل في السفارة. وورد في لائحة الاتهامات ان الموقوفين "اشتركا مع آخر يتمتع بالحصانة الديبلوماسية في استيراد المتفجرات لارتكاب الجريمتين" اغتيال يندرباييف والشروع في اغتيال ابنه، وضبطتهما الشرطة في منزل في منطقة "الدوحة الحديثة". وشملت "قرائن" قدمها ممثلا الاتهام سعد حنيف الدوسري وغانم سيف السليطي اعتراف المتهمين بأنهما يعملان لدى الاستخبارات الروسية، وبأن الاغتيال نفذ بأمر أصدره وزير الدفاع الى الكسندر، وهو ضابط استخبارات يعمل ديبلوماسياً في قطر. وتضمنت معلومات النيابة التي أوردت "اعترافات" المتهمين رصد منزل يندرباييف وسيارته والمسجد الذي يؤدي الصلاة فيه، واكدت هيئة الاتهام ان الموقوفين اشارا الى ان بعض الصور التقط عن طريق قمر اصطناعي روسي، واخرى بواسطة ديبلوماسي يدعى افغيني. كما أفادا عن اعداد قنبلة روسية وزنها كيلوغرامان، وقال بحسب تأكيدات النيابة، انهما تدربا على تفجير القنبلة التي "صنعت خصيصاً" في موسكو لارتكاب "الجريمة". ولفتت النيابة الى ان التحريات وأقوال المتهمين كشفت ان سيارتين تحملان لوحتين ديبلوماسيتين تابعتين لسفارتي روسيا في الامارات والسعودية، وصلتا الى الدوحة لنقل القنبلة في حقيبة ديبلوماسية، وان المتهم الأول تسلمها من الديبلوماسي ضابط الاستخبارات الكسندر. واعلنت النيابة ان المتهمين كانا سينفذان الاغتيال في السادس من شباط الماضي، لكنه تأجل الى 13 شباط بسبب أداء ياندرباييف الصلاة في مسجد آخر غير الذي اعتاد ان يصلي فيه. وقدم الادعاء تفاصيل عن لحظة توجه المتهمين والديبلوماسي الى المنطقة التي نفذت فيها العملية، والأدوات المستخدمة وبينها جهاز للتحكم عن بعد لم يستخدم، وكان توفيره احتياطاً لاستخدامه في حال عدم انفجار السيارة بعد تحركها من المسجد. واستخدم احد المتهمين لحية مستعارة. كما ضبط الأمن القطري في منزل كان يسكنه المتهمان عدداً من القبعات وكاميرتي فيديو وآلة تصوير فوتوغراف واجهزة حماية واجهزة تشفير واستشعار عن بعد، وملابس تشبه الزي الباكستاني ومنظارين.