تعددت السيناريوهات الإسرائيلية لما يحمله "اليوم التالي" لإقرار الحكومة الإسرائيلية خطة رئيسها ارييل شارون ل"فك الارتباط" التدريجي عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، لكنها التقت جميعها في توقعها بأنه بدأ العد التنازلي ل"حقبة شارون" وان انتخابات برلمانية مبكرة باتت مسألة وقت. ويتفق المعلقون على أن الدولة العبرية ستشهد في الأسابيع المقبلة الفصل الأول من فوضى سياسية وحزبية ستحتد درجتها مع الصيف في وقت سيكرس شارون جل جهوده من أجل البقاء في منصبه "في واحدة من أهم المعارك في حياته"، لكنهم يشككون في قدرته على "الصمود" لأكثر من أشهر ازاء التركيبة المعقدة للكنيست الحالي التي لن تمنحه الهدوء لفترة طويلة. ويرى هؤلاء أن الحكومة الثالثة التي سيشكلها شارون لن ترتكز إلى قاعدة برلمانية متينة، بل ستكبل يديه وسيكون سهلاً على معسكر اليمين اسقاطها، وقد تسنح له الفرصة الأولى لذلك لذلك أثناء التصويت على موازنة العام المقبل في تشرين الأول اكتوبر قبل ان ينسحب شارون من أي مستوطنة في القطاع. وتتشكل الكنيست الحالية من الأحزاب: ليكود 40 نائباً، العمل 21، شينوي 15، شاس 11، الاتحاد القومي 8، مفدال 6، يهدوت هتوراه 5، ميرتس - ياحد 6، التجمع الوطني 3، الجبهة 3 والموحدة 2. ومع إقالة الوزيرين افيغدور ليبرمان وبيني الون، وفي حال انسحب وزيرا "مفدال" ايفي ايتام وزبولون اورليف من التوليفة الحكومية الحالية، فإن قاعدتها البرلمانية ستتقلص إلى 55 نائباً فقط ليكود وشينوي، ما يعني سقوطها الفوري، إلا إذا منحها حزب "العمل" يسار الوسط شبكة أمان موقتة لتجتاز اليوم اقتراحات حجب الثقة عنها. وأمام شارون عدد من الخيارات لتشكيل حكومة جديدة تبدو جميعها صعبة وبعضها غير واقعي: ضم "العمل" الى الحكومة، اي تشكيل حكومة علمانية من "ليكود" و"العمل" و"شينوي" يفترض ان يدعمها نواب الأحزاب الثلاثة 76 لكن المعارضة الواسعة داخل "ليكود" لانضمام العمل ومعارضة أربعة من نواب "العمل"، لذلك، قد تحولان دون توافر غالبية برلمانية لتوليفة كهذه اكثر من 60 نائباً، وعلى رغم المصاعب المذكورة يبقى هذا الاحتمال هو الأقوى. حكومة ضيقة مع مفدال، أي الحكومة الحالية باستثناء "الاتحاد القومي" وتحظى بتأييد 61 نائباً، ويبدو هذا الاحتمال ضعيفاً ازاء موقف زعيم مفدال الوزير المتطرف ايفي ايتام وحاخامات الحزب الداعي الى مغادرة الحكومة. وثمة احتمال بأن يحصل انقسام داخل هذا الحزب المتدين فيدعم اثنان من نوابه الستة الحكومة ويبحث شارون عن أربعة نواب من أحزاب أخرى لتوفير غالبية من 61 نائباً وكلا الاحتمالين ضعيف. حكومة مع الأحزاب الدينية المتشددة: أي "شاس" الشرقية و"يهدوت هتوراة" الاشكنازية لتحلا محل "الاتحاد القومي" و"مفدال". لكن في هذه الحال يتوقع انسحاب حزب "شينوي" الذي يرفض الجللوس الى جانب المتدينين المتزمتين في حكومة واحدة. يبقى أمام شارون اقناع "العمل" بدخول الحكومة مع المتدينين تحظى بدعم 73-77 نائباً، هذا ان نجح أولاً في اقناع أقطاب الحزبين المتزمتين بالانضمام الى حكومته، ويبدو ان مثل هذه المهمة صعبة جداً بعد ان اعلن زعيم "شاس" ايلي يشاي عزمه على تجنيد غالبية لدعم مشروع حجب الثقة عن الحكومة احتمال ضعيف. حكومة ضيقة والذهاب الى انتخابات مبكرة: في حال فشل شارون في تشكيل حكومة تتمتع بغالبية برلمانية سيعلن أمام الكنيست دعمه مشروع قانون لحل الكنيست والذهاب الى انتخابات برلمانية مبكرة. في هذه الحال ليس اكيداً ان ينتخب اعضاء "ليكود" شارون على رأس لائحته الانتخابية الجديدة احتمال وارد. وقد يواجه شارون احتمالاً آخر يتمثل باضطراره إلى الاستقالة من منصبه في حال عدم نجاحه في تشكيل ائتلاف جديد يجمع حوله أكثر من نصف نواب الكنيست من دون أن يؤدي ذلك إلى تقديم الانتخابات، وذلك إذا أفلح وزير المال بنيامين نتانياهو في جمع تواقيع 61 نائباً يدعمونه لخلافة شارون. وعلى رغم اصدار أوساط قريبة من شارون على بث الانطباع بأن مهمة نتانياهو شبه مستحيلة، لكن مراقبين يفضلون شطب كلمة استمالة من القاموس السياسي في إسرائيل التي تشهد تقلبات من ساعة إلى أخرى.