هبط 600 مظلي معظمهم من الاميركيين أمس في منطقة سانت مير ليغليز غرب فرنسا، في بداية الاحتفالات بالذكرى ال60 لعملية انزال الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية على منطقة النورماندي، حيث احتشد الآلاف من المحاربين القدماء وسط استعدادات أمنية غير مسبوقة. اذ نشرت السلطات الفرنسية نحو 300 الف جندي لتأمين الاحتفالات التي يحضرها اليوم نحو مليون شخص و17 من كبار زعماء العالم، بينهم الرئيس جورج بوش. ووضعت على أهبة الاستعداد بطاريات صواريخ مضادة للطائرات ومقاتلات ومروحيات لتأمين منطقة يحظر الطيران فيها، وتمتد بين موانئ شيربور ودوفيل. وأعلن الجيش الفرنسي انه سيسقط اي طائرة تنتهك منطقة الحظر التي فرضها فوق شواطئ النورماندي. وأقلع اسطول سفن من ميناء بورتسموث جنوببريطانيا الى كاين في النورماندي يقل قدامى المحاربين الذين تصدوا لنيران القوات النازية أثناء عملية الانزال الضخمة على شواطئ المنطقة في السادس من حزيران يونيو 1944. وبين الحضور المستشار الالماني غيرهارد شرودر الذي سيكون أول زعيم الماني يحضر احتفالات يوم الانزال، "دليلاً على المصالحة". كما سيكون فلاديمير بوتين اول رئيس روسي يشارك في هذه المناسبة "إكراما للدور الذي لعبه الاتحاد السوفياتي على الجبهة الشرقية لمحاربة النازية". ويلقي بوش خلال الاحتفال كلمة، أكد البيت الأبيض، انه سيركز فيها على التضحيات التي أقدم عليها الجنود الأميركيون لتحرير أوروبا، ولا يتطرق خلالها الى الوضع في العراق. فيما يوجّه الرئيس الفرنسي "رسالة امتنان" و"صداقة" الى الولاياتالمتحدة على رغم الخلافات المستمرة في شأن العراق. وقال شيراك في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" التلفزيونية ان "الفرنسيين يقولون شكراً للاميركيين ولن ينسوا أبداً ما قاموا به قبل ستين عاما". وحاول ان يخفف من حدة الخلافات بالقول: "بين الاصدقاء، من الطبيعي ان تقال الاشياء بوضوح ... من الان فصاعدا، يجمعنا هدف مشترك هو فرض الامن والاستقرار في العراق". وأثارت دعوة بوش للمشاركة في الاحتفالات إرباكاً في أوساط الطبقة السياسية الفرنسية التي انقسمت على كيفية استقباله وتوجيه الشكر الى الولاياتالمتحدة على ما فعلته قواتها العام 1944، من دون التخلي عن مواقف الاستنكار لما تفعله هذه القوات اليوم خصوصاً في العراق. وفيما راوحت المواقف في الصف اليميني عند ضرورة التمييز بين بوش وسياسته والولاياتالمتحدة التي تربطها بفرنسا علاقة تاريخية، بدت المواقف أكثر تباعداً في الصف اليساري. فاعتبر المسؤول عن العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي بيار موسكوفيسي ان القيم المشتركة بين فرنساوالولاياتالمتحدة لا ينبغي أن تغيب بسبب الرفض الذي تثيره سياسة بوش. واعتبرت الوزيرة السابقة بولين غينشار ان بوش "يفتقر لأي صدقية وكان من الأفضل عدم دعوته الى احتفالات النورماندي، لأن مشاركته فيها تعطيه فرصة الترويج لسياسته".