خطت دول مجلس التعاون الخليجي خطوة مهمة في اتجاه تطبيع العلاقات مع العراق، اذ اعلن وزراء خارجية المجلس خلال اجتماعهم في جدة امس ترحيبهم بالحكومة الجديدة، ورفعوا توصية الى "القادة" لاعادة العراق الى دورة الخليج لكرة القدم، واكدت الكويت انها ستعيد علاقاتها الديبلوماسية مع بغداد فور صدور قرار دولي يضفي الشرعية على الحكومة الموقتة. في غضون ذلك شنت سورية هجوماً عى علاوي وحكومته، آخذة عليه مطالبته بإبقاء "قوات الاحتلال في العراق". واعلنت جماعة ايرانية في طهران تطوع اكثر من 2000 شخص "لتنفيذ عمليات استشهادية ضد الاميركيين والاسرائيليين" حين يأمرها مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي. وساد الهدوء مدينتي النجف وكربلاء امس وظهرت مؤشرات كثيرة الى استيعاب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، فأعلن وزير العدل ان بالامكان وقف ملاحقته قضائياً، فيما استقبله آية الله علي السيستاني امس، بعدما رفض ذلك مرتين. امنياً خاضت القوات الاميركية معارك عنيفة مع "جيش المهدي" في مدينة الصدر وقتل جندي اميركي، بينما اغتال مجهولون شقيق الواشي بعدي وقصي نجلي الرئيس العراقي السابق صدام حسين اللذين قتلهما الاميركيون. في جدة أعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح السالم ان بلاده تنتظر قراراً من مجلس الامن يعترف بشرعية الحكومة العراقية لتعيد العلاقات الديبلوماسية المقطوعة مع بغداد. واوضح الوزير الكويتي في مؤتمر صحافي عقده عقب اختتام الاجتماع العادي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة امس ان الكويت تنتظر ان يعطي مجلس الامن شرعية دولية للحكومة العراقية القائمة لتعيد العلاقات الديبلوماسية وترسل بعثة للتحضير لاعادة فتح السفارة الكويتية. وكان وزراء خارجية دول الخليج الستة وافقوا خلال اجتماعهم امس على توصيات اللجان الاولمبية الرياضية الخليجية لاعادة العراق الى المشاركة في دورات بطولة كأس الخليج لكرة القدم، ورفعوا الى قادة دولهم توصية بذلك لإقرارها لأن "قرار وقف مشاركة العراق في دورة كأس الخليج وفي المنظمات الخليجية التي كان عضواً مؤسساً فيها قبل قيام مجلس التعاون صدر عن قادة دول المجلس واي قرار يلغي القرارات السابقة لابد ان يصدر عن القادة". واعربت دول المجلس عن ارتياحها الى تطورات الاوضاع السياسية في العراق وانتخاب رئيس وتشكيل الحكومة الجديدة وهنأ الوزراء في بيانهم الختامي الشيخ غازي الياور "لتوليه رئاسة الجمهورية العراقية" وعلاوي لاختياره رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية الموقتة. في دمشق وجهت الاذاعة السورية امس انتقادات الى الحكومة العراقية الجديدة برئاسة علاوي لمطالبتها بابقاء "قوات الاحتلال" في العراق. واعتبرت ان "رئيس الحكومة ووزير الخارجية هوشيار زيباري قالا انهما سيطلبان من قوات الاحتلال البقاء لمساعدة العراق على ضمان الامن. وحاولا الايحاء بأن الطلب باستمرار بقاء قوات الاحتلال تعبير عن ممارسة السيادة وكأن السيادة لا تتعارض مع وجود الاحتلال". وانتقدت الاذاعة مضمون بيان الحكومة الانتقالية الذي وصف "قوات الاحتلال بانها قوات متعددة الجنسية". واضافت ان "الأسوأ من ذلك هو ما تضمنه بيان حكومة علاوي في اعتبار اي عمل مقاوم داخل العراق ولا سيما ضد قوات الاحتلال بأنه ارهاب تقتضي محاربته". وفي خطوة لافتة استقبل السيستاني امس في منزله الصدر، بعد قبول الاخير اتفاقاً يقضي باخلاء النجف والكوفة من المظاهر المسلحة، وفي ظل تأكيد الحكومة العراقية انها ستتولى ايجاد تسوية قانونية لملاحقته في مقتل عبدالمجيد الخوئي تضمن التزام الاميركيين تعهداتهم في هذه المسألة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مكتب الصدر في النجف ان "السيد مقتدى الصدر زار آية الله العظمى السيستاني فاستقبله بحفاوة بالغة وبارك جهوده التي بذلها خلال الفترة الماضية". كما نقلت تأكيداً من مكتب السيستاني للقاء. وكان الصدر وجه انتقادات شديدة الى المراجع الشيعية خصوصاً الى السيستاني الذي رفض مراراً استقباله. في موازاة ذلك، كشف وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن ل"الحياة" ان الصدر قد يستفيد من المادة 99 من الاحكام الجزائية في وقف الملاحقات القضائية ضده، في اطار قضية اغتيال عبدالمجيد الخوئي. وقال ان المدعي العام العراقي قد يقدم طلباً بهذا المعنى يليه توقيع وزير العدل لتصبح عملية انهاء الملاحقة القانونية لمقتدى الصدر سارية المفعول، مضيفاً ان الحكومة العراقية التي تتسلم السيادة في نهاية حزيران يونيو المقبل ستتولى ايجاد حل نهائي للأزمة. وأكد الوزير أن الحكومة قادرة على ان تضمن سيراً طبيعياً لتسوية ازمة النجف التي تكللت بالنجاح أخيراً، من خلال ضمان التزام الاميركيين عدم ملاحقة مقتدى الصدر وباطلاق المعتقلين التابعين لمكتبه. ورأى أنه يمكن دمج الكثير من عناصر "جيش المهدي" في مؤسسات رسمية مثل الشرطة وقوات الحدود، أو ان يتحول هذا الجيش الى حزب سياسي. ويبدو أن حكومة اياد علاوي ستنتهج طريقة أكثر واقعية في التعاطي مع عناصر تيار الصدر، مثلما تعاطت مع موضوع "حزب البعث" المنحل بعيداً عن سياسة "الاجتثاث". في المقابل، تحاول جماعة مقتدى الصدر اعادة تنظيم صفوفها واعادة صياغة عقيدتها السياسية في مواجهة تداعيات محتملة قد يتسبب بها اتفاق السلام في النجف، خصوصاً ان يتحول هذا الاتفاق الى مبدد لعناصر التيار، عن طريق دمجها او صهرها بالحال العراقية المرتبطة بحكومة علاوي والاميركيين.