أثارت فتوى نشرها الشيخ الدكتور محمد الأشقر في الكويت وتجيز عضوية المرأة في البرلمان، هزة قوية في الوسط الإعلامي الكويتي الذي كان يشهد حتى وقت قريب إجماعاً على معارضة الحق السياسي للمرأة، على أساس أن دخولها البرلمان نوع من الولاية العامة التي لا يجوز للمرأة شرعاً توليها. وجاءت فتوى الأشقر، وهو أردني يحظى بالتوقير والاحترام بين الإسلاميين الكويتيين، بينما مجلس الأمة البرلمان يستعد لمناقشة تعديل على قانون الانتخاب يعطي المرأة حق الترشيح والاقتراع. وكتب الأشقر في مقال نشر في صحيفة "الوطن" الكويتية الأسبوع الماضي أن فتاوى الفقهاء عبر التاريخ الإسلامي بتحريم الولاية العامة على المرأة تعود كلها إلى حديث وحيد عن الصحابي أبو بكرة الثقفي رضي الله عنه وفيه ان الرسول صلى الله عليه وسلم بلّغه أن الفُرس بعد موت كسرى ولوّا ابنته الحكم فقال: "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة". ويرى الأشقر رد هذا الحديث وكل الأحاديث التي رواها أبو بكرة بسبب أن هذا الصحابي قد أبطل الخليفة عمر بن الخطاب شهادته بعد حادثة تاريخية معروفة اتهم فيها أبو بكرة و3 رجال آخرين أمير الكوفة المغيرة بن شعبة بالزنا، ثم لم تكتمل شهادتهم شرعاً لامتناع أحدهم عن الشهادة، فتم جلدهم حد القذف. وقال الشيخ الأشقر إنه لا يرى وجهاً لمنع المرأة من تولي المناصب، وأشار إلى أن القرآن امتدح بلقيس كملكة على اليمن، وان في مشاركة المرأة في البرلمان مصالح كثيرة للأمة، واستشهد بقيادات نسائية معاصرة ناجحة مثل أنديرا غاندي في الهند. وما أن نشرت فتوى الأشقر حتى توالت ردود الإسلاميين، فكتب الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، وهو أبرز مشايخ التيار السلفي، يرد على الأشقر ويعتب عليه. أما الشيخ حامد العلمي، أمين عام "الحركة السلفية" السابق، فكتب يستبعد أن يكون الشيخ الأشقر تلفظ بذلك الكلام بحق الصحابي أبو بكرة، وان علماء الحديث على مدى 14 قرناً قبلوا أحاديث هذا الصحابي ولم يردها أحد بسبب ما كان بينه وبين أمير الكوفة. ونشر فقهاء ودارسون إسلاميون كويتيون آخرون مقالات كثيرة رداً على الأشقر ترفض اجازة ترشيح المرأة. موقف الأشقر على ما أثاره من شكوك لم يزحزح الاتجاه السلفي عن موقفه تجاه التعديل المقترح على قانون الانتخاب. وقال النائب السلفي الدكتور وليد الطبطبائي ل"الحياة" إنه "ثابت لدينا موقف الشرع من تولي المرأة عضوية البرلمان، لذا فإننا نرفض تعديل قانون الانتخاب لاعطائها حق الترشيح، أما حق الانتخاب فربما يكون جائزاً، ولكن القبول به من عدمه يعتمد على تقدير المصلحة ومدى خلو مشاركة المرأة في الانتخابات من سلبيات اجتماعية وأخلاقية، خصوصاً بسبب الأجواء التي تحيط بالحملات الانتخابية الكويتية". غير أن "الحركة الدستورية الإسلامية" التي تمثل تيار الاخوان المسلمين، تبدي موقفاً أكثر تساهلاً، فهي ترحب بمشاركة المرأة في الانتخاب في الوقت الذي صرح فيه أمينها العام الدكتور بدر الناشي بأن موقف الحركة الرافض ترشيح المرأة ليس نهائياً، وأن لجنة داخلية تعكف على درس موضوع تعديل قانون الانتخاب الذي اقترحته الحكومة. وكان مقترح مماثل بإعطاء المرأة الحق السياسي أخفق عام 1999 بفارق قليل من الأصوات، ويأمل المؤيدون لهذا الحق في أن ترفع الآراء الفقهية الجديدة، وما أعلنه الأشقر، الحرج عن بعض النواب المستقلين الذين عارضوا حق المرأة في ما مضى لأسباب دينية وشعبية. الصقر: الحكومة قادرة على تمرير التعديل في هذه الأثناء، جدد الليبراليون الكويتيون مطالبهم بدعم حق المرأة السياسي وتأييده، وقال النائب محمد الصقر في تصريح أمس ان الكويت "صارت الدولة الوحيدة في العالم من بين كل الدول ذات الأنظمة النيابية التي تقصر الحقوق السياسية فيها على الرجال دون النساء"، وتخوف من أن يكون اقتراح الحكومة الأخير تعديل قانون الانتخاب "من قبيل تبرئة الذمة ليس إلا"، قائلاً إن المستقبل القريب هو ما سيحدد ذلك، لافتاً إلى أن "للحكومة حزباً قوياً يضم رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد وكل الوزراء، وأن لدى هذا الحزب من الوسائل ما يضمن لأي مشروع قانون ترغب الحكومة فعلاً وحقيقة في إقراره، غالبية كافية لذلك". ودعا الصقر إلى أن "تتضافر جهود السلطات الدستورية كافة وقوى المجتمع المختلفة لإقرار الحقوق السياسية للمرأة بعدما انتفت حجة الأسانيد والأدلة التي كانت تعرقل حصولها على حقوقها السياسية سواء أكانت قانونية أم شرعية"، مشيراً بذلك إلى فتوى الشيخ الأشقر. وأكد "ضرورة تلمس السبل الممكنة لإقرار هذا الحق الأصيل لها".