أصدر أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح أمس أمراً بمنح المرأة الكويتية "كامل الحقوق السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية" اعتباراً من شباط فبراير المقبل، وعلى أساس تعديل قانون الانتخاب. واستقبلت المعارضة الكويتية هذه الخطوة بترحيب حذر، في حين رحبت السفارة الأميركية في الكويت "بكل خطوة من شأنها توسيع المشاركة السياسية" في هذا البلد. وجاء إعلان مجلس الوزراء الأمر الأميري مفاجئاً للقوى السياسية التي تستعد للمعركة الانتخابية مطلع تموز يوليو. وستثير المبادرة الحكومية بمنح المرأة حقوقها، في غياب مشاركة مجلس الأمة البرلمان، جدلاً كبيراً في الجانب السياسي والقانوني، خصوصاً إعلان المجلس أمس أنه يدرس إصدار قوانين بمراسيم أميرية على أساس المادة 71 من الدستور جاعلاً حق المرأة السياسي في مقدمها. وكذلك ستشعل جدلاً بين المجموعات الإسلامية حول جواز دخول المرأة البرلمان. وستضاعف مشاركة المرأة في الانتخابات قاعدة المشاركة السياسية التي تقتصر حالياً على 113 ألف مواطن أو ما يشكل أقل من 14 في المئة من الشعب الكويتي، وتطرح تحديات على الصعيد الاجتماعي في بلد يميل إلى القيم المحافظة وتعزل فيه أنشطة النساء عن الرجال. وجاء في بيان لمجلس الوزراء بعد جلسته الأسبوعية أمس أن أمر الأمير جاء "تقديراً للدور الحيوي المهم الذي تضطلع به المرأة الكويتية في بناء وتنمية المجتمع الكويتي وما قدمته من تضحيات جسيمة ودور مسؤول ازاء مختلف التحديات". وكلف المجلس لجنة الشؤون القانونية إعداد الأداة القانونية اللازمة لتنفيذ الرغبة الأميرية التي ستنفذ بعد استكمال اجراءات التسجيل في قيد الناخبين والتي موعدها الطبيعي المقبل هو شهر شباط فبراير 2000. وأعربت السفارة الأميركية في الكويت عن ارتياحها إلى الأمر الأميري. وقال المسؤول الإعلامي في السفارة كلود يونغ ل"الحياة": "نحن نرحب بأي خطوة من شأنها توسيع المشاركة في العملية السياسية، وفي ضوء ذلك نحن نحيي الخطوة التي اتخذها اليوم الأمير ومجلس الوزراء". وأعرب نواب سابقون في مجلس الأمة عن ترحيب مشوب بالشك في دوافع الحكومة إلى إشراك المرأة في الانتخابات. وقال النائب الدكتور ناصر الصانع ل"الحياة": "إن أي توسيع لدائرة المشاركة السياسية في الكويت يخدم الديموقراطية فيها، وكنت أعلنت في محاضرة لي الأسبوع الماضي ان المطلوب ليس اشراك المرأة في الانتخابات فحسب، بل خفض سن الناخبين من 21 إلى 18 عاماً والسماح للعسكريين بالتصويت". ورأى أن "الحكومة كان بإمكانها تحريك موضوع حق المرأة وإقراره منذ زمن طويل، فلماذا تبادر إليه الآن في غياب البرلمان؟"، وتابع: "قلنا دائماً إن المبادرات الحكومية أفضل في فرص نجاحها من مبادرات النواب، ونتمنى أن تبقى شهية الحكومة مفتوحة للصلاح في المجلس المقبل". وأيد النائب السابق عدنان عبدالصمد بقوة حق المرأة السياسي. وأوضح في حديث إلى "الحياة": "كنت من المنادين بمنح المرأة حق الترشيح والانتخاب منذ 1981، وعارضت الحكومة دوماً مشروعات القوانين التي قدمناها بهذا الشأن، وكانت أصواتها في المجلس العائق الوحيد دون حصولنا على الغالبية المطلوبة. لديّ شك في مدى دستورية تعديل قانون الانتخاب لمصلحة حق المرأة على أساس المادة 71 كما أعلن أمس، لأن ما يصدر من مراسيم على أساس هذه المادة ينبغي أن يكون على أساس الضرورة وما حدث توسيع غير دستوري لمفهوم الضرورة". وأضاف عبدالصمد: "نخشى أن تسلك الحكومة هذا السبيل لتمرير قوانين أخرى لا ينطبق عليها مفهوم الضرورة، وأن تسعى إلى احراج المعارضة في المجلس المقبل بأن من يتحفظ عن التوسع في استخدام المادة 71 هو معارض لحق المرأة السياسي، أما إذا وافقنا على التعديل، فسنكون ملزمين قبول باقي القوانين التي تريدها الحكومة". ورأى أن الإعلان المفاجئ عن منح المرأة حقوقها الأساسية "سيكون أيضاً مثار بلبلة في الموسم الانتخابي الحالي وستنشغل بها المقار الانتخابية للمرشحين بين مؤيد ومعارض، خصوصاً في صفوف الإسلاميين، مما قد يصرف الأنظار عن قضايا أخرى تسعى الحكومة إلى تمريرها". واطلع مجلس الوزراء على التقرير الأول للجنة الوزارية التي شكلت برئاسة وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد بعد حل مجلس الأمة في الرابع من الشهر الحالي لدرس المشروعات التي تحتاج إلى قوانين تصدر بمراسيم. ومن هذه المشروعات: تعديل قانون التجارة لعام 1980، وقانون حماية الملكية الفكرية الذي تتعرض الكويت لضغوط خارجية لإقراره، ومشروع قانون في شأن عدم اثبات السابقة الجزائية الأولى للمدانين في بعض الجرائم. وفي أول ردة فعل من المجموعات الإسلامية في الكويت، أعلنت "الحركة السلفية" عن رفضها لقرار الحكومة منح المرأة الكويتية حق الترشيح والانتخاب. وقالت في بيان وزع أمس ان فتوى سابقة من وزارة الاوقاف الكويتية منعت مشاركة المرأة في الانتخابات وكذلك الأمر في فتاوى فقهية في دول عربية أخرى بما في ذلك الأزهر في مصر. وحذرت الحركة من "الانسياق وراء دعاة تحرير المرأة واقحامها بما يعود بالمفسدة والضرر على مجتمعنا"، كما تحفظت الحركة من حيث المبدأ على قيام الحكومة باستصدار مراسيم في غياب البرلمان.