اثار قرار وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي أي تعليق استخدام بعض تقنيات الاستجواب القاسية التي وفرت المذكرة الصادرة في الاول من آب اغسطس 2002 الغطاء القانوني لها "بإعتبارها مبررة في بعض الحالات"، تساؤلات عدة في شأن السبب الحقيقي الذي اوجب تدوين تقنيات التعذيب ومقدار اعتماد المحققين اسسها في التحقيقات. وعكس القرار تداعيات فضائح تعذيب المعتقلين في سجن أبو غريب العراقي والسجون الافغانية، وارتبط بمطالبة البيت الابيض الثلثاء الماضي، بمراجعة وزارة العدل وخبراء قانونيين آخرين أجزاء المذكرة وتقويم خضوعها للاطر القانونية. واعلنت ال"سي آي أي" ان قرار تعليق الاجراءات سيطبق على مراكز الاعتقال كلها في العالم، حيث يستجوب عناصرها اعضاء يشتبه في انتمائهم الى تنظيم "القاعدة"، بإستثناءالسجن العسكري في قاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا. وكانت المذكرة حددت تقنيات التعذيب في "ايهام السجين بالغرق" ورفض تقديم ادوية لتخفيف الاوجاع واخضاع السجناء لاوضاع مرهقة جسدياً وتعريضهم للضوء والضجيج وحرمانهم من النوم، وايضاً دفعهم الى الاعتقاد بانهم يستجوبون من قبل حكومة اخرى. واعدت المذكرة استناداً الى جدل قام في شأن متطلبات التحقيق مع "ابو زبيدة" احد كبار معاوني زعيم "القاعدة" اسامة بن لادن والذي أوقف في نيسان ابريل 2002، وطبقت قواعدها لاحقاً مع خالد الشيخ محمد العقل المدبر المزعوم لاعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 والذي اعتقل مطلع عام 2003. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر اجهزة الاستخبارات ان ال"سي آي أي" علقت استخدام بعض تقنيات الاستجواب القاسية في انتظار درسها من جانب وزارة العدل وخبراء قانونيين اخرين في الادارة الاميركية. وفي وقت يرجح اشراف مسؤولي الادارة الاميركية على اعداد هذه المذكرة في سبيل اعتماد آلية لاستخلاص المعلومات تتناسب مع معتقلين بارزين من تنظيم "القاعدة"، بدليل التزامها بأوامر مباشرة من الرئيس جورج بوش، زاد التساؤل في شأن شرعية تحميل عملاء ال"سي آي أي" مسؤولية الانتهاكات التي ارتكبوها في تطبيق القوانين الفيديرالية للاستجواب. وشملت لائحة المسؤولين الذين شاركوا في وضعها، بحسب مصادر مطلعة، خبراء قانونيين من مجلس الامن القومي ومسؤولي مكتب ديك تشيني نائب الرئيس ومستشار البيت الابيض الذي اصر اخيراً على ان هذه المذكرة نتجت من عمل مجموعة صغيرة من الخبراء القانونيين في وزارة العدل، علماً انها حملت توقيع رئيس مكتب وزارة العدل جاي بيبي ووجهت الى مستشار البيت الابيض ألبرتو غونزاليس. وفي ظل الجدل القائم في شأن المصدر الحقيقي للمذكرة، اكتفى الرئيس الاميركي السبت الماضي، بإعلان التزام الولاياتالمتحدة بمعاهدة جنيف، ووعد بمنع اي عقاب قاس وغير معتاد وتحميل المسؤولية لكل من ينتهك هذه السياسة. وقال في بيان نشر في مناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب الذي اعلنته الاممالمتحدة: "اعمال التعذيب كانت خطأ ولا علاقة لها بسياستنا وقيمنا كأمة".