قرر مجلس الشيوخ الاميركي بالاجماع تقديم مساعدة انسانية عاجلة قيمتها 95 مليون دولار لمنطقة دارفور في غرب السودان. وأشار مسؤولون اميركيون بارزون الى وجود ادلة على ان عملية "ابادة جماعية" تجري حاليا في دارفور، الا انهم اكدوا ان الولاياتالمتحدة لم تتخذ موقفا قانونيا حيال هذه المسألة. وجاء التطوران بعد ساعات من اعلان وزارة الخارجية الاميركية أن الوزير كولن باول سيزور الخرطوم الاربعاء المقبل. ويوضح جدول اعمال باول المزدحم أنه سيذهب في البداية الى الخرطوم ثم الى منطقة دارفور في 29 و30 حزيران يونيو الجاري، بين قمة حلف شمال الاطلسي في اسطنبول واجتماع وزاري لدول جنوب شرق آسيا آسيان في جاكرتا. ويأمل باول أثناء مروره في السودان في لقاء الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي يتوقع ان يكون في المنطقة في الفترة ذاتها كما صرح الناطق باسم الخارجية الاميركي ريتشارد باوتشر. واضافة الى المحادثات السياسية الرسمية التي سيجريها في العاصمة فإن زيارته الى دارفور ستتيح له لقاء مسؤولين في منظمات انسانية واعضاء من لجنة وقف اطلاق النار وايضا بعض النازحين بسبب المعارك. واعلن باول انه سيطلب من السلطات السودانية "السماح للمساعدات بالمرور بكل حرية وكذلك بدخول العاملين في الوكالات الانسانية واستخدام القوات والنفوذ الحكومي لوقف الهجمات والتصرف بشكل مسؤول لمساعدة هؤلاء الناس". لكنه اضاف ان "الوضع في دارفور حرج الى درجة وان تمكنا من القيام بما نريد غدا فستكون هناك خسارة كبيرة في الارواح بسبب حالات الحرمان التي يعاني منها الناس اليوم". وكان برلمانيون اميركيون وجهوا الاربعاء نداء الى الرئيس جورج بوش للتدخل عسكريا في دارفور بغية وقف "الابادة الجماعية" الجارية. وأشار الموفد الخاص المكلف جرائم الحرب بيار بروسبر، اثناء جلسة مساءلة امام الكونغرس، الى ان ثمة "مؤشرات تدل على ابادة جماعية وهناك ادلة تذهب في هذا المنحى". لكنه اضاف: "في الوقت الحاضر نحن لسنا في وضع نستطيع فيه تأكيد ذلك"، موضحاً: "من اجل ان نقوم بذلك، فانه يجب فتح ابواب دارفور" التي قال انه لم يستطيع الحصول على اذن بدخولها. واضاف ان واشنطن لديها ادلة على ارتكاب سبعة مسؤولين سودانيين وغيرهم من مسؤولي المليشيات الموالية للحكومة، المعروفة باسم "الجنجاويد" جرائم حرب. وصرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية طلب عدم الكشف عن اسمه للصحافيين في وقت لاحق بأن واشنطن لديها أدلة بما فيها صور اخذت بالاقمار الاصطناعية لاثبات تلك المزاعم. وقال "لدينا صور عن اماكن تعرضت لهجمات ولذلك فاننا نعلم ان العنف مستمر". ويتوقع ان تسمح زيارة باول أيضاً بحض الاطراف على الانتهاء بأسرع وقت من وضع اللمسات الاخيرة على اتفاق السلام بين الحكم في الخرطوم والمتمردين في جنوب البلاد. وعلى رغم ان واشنطن بذلت جهودا كبيرة للتوصل الى هذا الاتفاق، فان الوضع في دارفور لا يزال في طليعة الاولويات كما يقول باوتشر. وتحدثت الولاياتالمتحدة الاسبوع الماضي عن امكان فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على المسؤولين السودانيين الذين يعتبرون الأكثر تورطا في هذه الازمة. وسيكون باول أول وزير خارجية أميركي يزور السودان منذ توقف قصير لوزير الخارجية السابق سايروس فانس في العام 1978. وفي غضون ذلك، اقترع مجلس الشيوخ الاميركي ليل الخميس بالاجماع على تقديم مساعدة انسانية عاجلة بقمية 95 مليون دولار لمنطقة دارفور. وقال السناتور الجمهوري سام بروانباك ان "هذا التعديل سيتيح نقل مساعدة عاجلة الى منطقة في السودان تشهد ازمة انسانية خطيرة". واضاف ان "هذه المساعدة الاضافية بامكانها ان تنقذ عددا كبيرا من الارواح خلال الاشهر المقبلة". وشدد زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل على ضرورة دعم هذه المساعدة بجهود ديبلوماسية. واعتبر ان السفير الاميركي الجديد لدى الاممالمتحدة جون دانفورث الذي كان موفدا خاصا للادارة الاميركية الى السودان "سيكون بامكانه الدعوة الى اجراء محادثات في مجلس الامن في شأن تشكيل قوة تدخل اذا لزم الامر". واضاف "يجب الحديث عن قوات غير اميركية خصوصا من اوروبا وافريقيا كما يجب على مجلس الامن ان يجري مشاورات مع الاتحاد الافريقي". أنان على صعيد آخر، أكد فرد ايكهارت الناطق باسم الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان ان زيارة انان للسودان الاربعاء تهدف الى "تصعيد الضغوط" على الحكومة السودانية كي تعالج أزمة دارفور فوراً. ويغادر انان نيويورك اثناء العطلة الاسبوعية في جولة تستمر ثلاثة اسابيع على الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا. ويصل أنان الى الخرطوم صباح الاربعاء لعقد اجتماعات رسمية ثم يزور مخيمات النازحين في اليوم التالي في دارفور ثم يتجه الى تشاد حيث يزور ايضا مخيمات للاجئين السودانيين ويعقد لقاءات مع المسؤولين في تشاد التي تقود وساطة لحل مشكلة دارفور. ويجول أنان على اريتريا واثيوبيا ويحضر قمة الاتحاد الافريقي، ثم يجتمع الاربعاء التالي مع المفاوضين السودانيين المشاركين في المحادثات بين الحكومة السودانية ومتمردي جنوب السودان.