استغرب كثيرون قرار جمعية المنعشين السياحيين وجمعية أرباب القوافل السياحية في زاكورة تنظيم ملتقى سينمائي دولي، وتقديم فعاليات مَدَنِية بإمكانات ذاتية محدودة في مدينة صحراوية صغيرة تفتقر إلى البنى التحتية اللازمة، ولا تحتوي حتى على قاعة سينمائية. وتساءل بعضهم: "كيف تتجرأ هذه المدينة المغربيّة على منافسة كان"؟ لكنّ أبناء زاكورة رفعوا التحدي، واتصلوا بالمركز السينمائي المغربي، فأرسل لهم قافلته السينمائية التي مكنتهم من متابعة الأفلام المشاركة في الملتقى الدولي الأول للفيلم عبر الصحراء في الهواء الطلق. وهكذا تغلب الملتقى على أهم عوائقه لتصير ساحات هذه المدينة الصحراوية فضاءات مذهلة للعرض. وعلى رغم أن العديدين لم يفهموا إصرار أبناء زاكورة على السينما واعتبروا مغامرتهم مع هذا الملتقى الدولي مجازفة حقيقية، إلا أن المدينة الصحراوية الصغيرة ظلت على الدوام تعتبر نفسها مدينة سينمائية منذ بداية ستينات القرن الماضي، حينما صور في صحرائها دافيد لين فيلمه الشهير "لورانس العرب" الذي لعب بطولته كل من لورنس أوليفييه وأنطوني كوين وعمر الشريف. وفي الفضاء نفسه، حوّل بيرناردو بيرتولوتشي رواية بول بوولز الشهيرة "السماء الواقية" إلى "شاي في الصحراء". هذه الصحراء التي احتضنت العديد من الانتاجات السينمائية العالمية نذكر منها أيضاً "أوديب ملكاً" لبازوليني و"أستيريكس وأوبلكس/ مهمة كليوباترا" من اخراج ألان شابا، بطولة جمال الدبوز وجيرار ديبارديو. مزيد من السحر في برنامجها السينمائي لهذه الدورة توقفت زاكورة عند تجارب استثنائية تألقت فيها الصحراء، ك "ييلين" للسنغالي سليمان سيسي، "عطش" للمغربي سعد الشرايبي، "بحر الرمال" للمالي عبدولاي سكوفاري، "وجهاً لوجه" للمغربي عبد القادر لقطع، و"لي رومبار دارجيل" للفرنسي جون لويس بيرتوسيلي. هذا الأخير أكد للحياة أنه ضرب بكل مواعيده في "كان" عرض الحائط وجاء إلى زاكورة بحثاً عن سحر الصحراء، الصحراء التي سبق له التعامل معها لكنه لم يستنفد سحرها بعد، لذا فهو يفكر جاداً في العودة إلى هنا من أجل فتح تجربته السينمائية على المزيد من السحر. وإضافة إلى المخرجين، حضر الدورة الأولى لملتقى زاكورة الدولي عبر الصحراء العديد من نجوم السينما المغربية من بينهم محمد مفتاح، منى فتو، فاطمة خير، السعدية لاديب، وهدى الريحاني، وهو ما اعتبره مدير الملتقى محمد علي الهلالي ضرورياً لإعطاء نوع من الإشعاع للملتقى ولمنطقة زاكورة عموماً. وأضاف الهلالي ل"الحياة": "تنظيم ملتقيات دولية يجب ألا يبقى حكراً على العواصم وحدها. الكثير من الجهات تصرف مبالغ ضخمة على مهرجانات كبيرة لكن من دون استراتيجية تذكر، أما نحن فأهدافنا واضحة، نريد لهذا المهرجان أن يساهم في التعريف بمنطقتنا. وأعتقد أنه سيساهم في تعزيز البنى التحتية. وإذا نجحنا في أن نهدي مدينتنا قاعة تحتضن دوراتنا المقبلة وتوفر لأبنائها فرجة سينمائية يومية فإن هذا سيكون أمراً رائعاً. إننا نريده مهرجاناً في خدمة التنمية المحلية وليس العكس".