شن مسلحون هجمات منسقة على قوات الشرطة العراقية، حولت عدداً من المدن إلى مناطق حرب أمس، ما أدى الى سقوط 69 قتيلاً وجرح 276 في مناطق الموصل وبعقوبة والرمادي والفلوجة وبغداد. وبين القتلى ثلاثة جنود أميركيين، وانسحبت القوات الاميركية من مدينة الفلوجة التي دخلتها صباحاً، بعد توصلها الى هدنة مع قادتها المحليين. وتميزت الهجمات، مع بدء العد العكسي لنقل الاحتلال السلطة إلى الحكومة العراقية، بكونها منسقة ومتشابهة، ركزت على مراكز الشرطة وجرت قوات أميركية الى مواجهة وسط مدن. وعمد الأميركيون إلى التركيز على القصف الجوي. أعلن ضباط في الشرطة العراقية ان معارك دارت أمس، بين قوات أميركية ومقاتلين مسلحين في وسط الموصل شمال العراق. وقال النقيب وديع محمد عبدالله من الشرطة المحلية للمدينة ان "اشتباكات بين مسلحين والقوات الاميركية اندلعت في منطقة حي الصحة وسط الموصل". واضاف ان "مروحيات شاركت في قصف المقاتلين". وأكد الرائد محمود عبدالقادر الجبوري من الشرطة ان "مواجهات وقعت بين مسلحين كانوا في سيارتين ويطلقون النار على جنود اميركيين في دورة اليرموك وسط الموصل". وتابع ان "المقاتلين يستخدمون اسلحة رشاشة وقاذفات مضادة للدبابات آر بي جي". وأفادت الشرطة العراقية ان أربع سيارات ملغومة على الاقل استهدفت مراكز للشرطة في الموصل، وأوقعت خسائر بشرية كبيرة. وقال الطبيب جمال العاني، أحد المسؤولين في غرفة العمليات التابعة لوزارة الصحة: "وفقاً للاحصاءيات التي وصلت الى غرفة العمليات في الوزارة من المستشفيات العراقية فإن 69 عراقياً قتلوا وجرح 276 آخرين في مواجهات الموصل وبعقوبة والانبار وبغداد". وأوضح أن "44 عراقياً قتلوا واصيب 216 في الموصل 400 كلم شمال بغداد وان 13 عراقياً قتلوا في بعقوبة وجرح 15، فيما قتل 9 عراقيين في محافظة الانبار غرب وجرح 37". وتمثل هذه الهجمات المتزامنة في بعقوبة والفلوجة والرمادي والموصل تكثيفاً للحملة التي يشنها مقاتلون عراقيون ومتشددون أجانب، للإضرار بعملية نقل السلطة إلى الحكومة الموقتة بعد ستة ايام. وأدت اشتباكات بعقوبة الى انسحاب القوات الاميركية من داخل المدينة ، كما أسفرت عن احراق آليتين أميركيتين. واستولت المجموعات المسلحة على مركز الشرطة في حي "المفرق" وتمركزت فوق بنايات مرتفعة في المدينة، فيما قصفت الطائرات الاميركية أهدافاً فيها. وهزت سبعة انفجارات على الاقل بغداد أمس. وقال ضابط عراقي إن أربعة على الاقل من افراد الحرس الوطني قتلوا كما جرح اثنان من المدنيين بانفجار سيارة ملغومة في جنوببغداد. وقالت مصادر مستشفيات ان خمسة قتلوا بالانفجار. وفي الموصل، انفجرت أربع سيارات ملغومة على الاقل قرب مبان للشرطة، ما أدى الى تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان واشتعال النار في عدد من السيارات. وهزت ثلاثة انفجارات اخرى المدينة في وقت لاحق، وأمر التلفزيون السكان بالبقاء في منازلهم. وأغلقت الشرطة كل الطرق الرئيسية وأعلنت حظر التجول من الغروب حتى الفجر. وأعلن الجيش الاميركي ان جندياً أميركياً قتل وجرح ثلاثة آخرون بالانفجارات، وان حارس أمن قتل عندما هاجم مقاتلون شركة أمن خاصة. ودوت أصوات اطلاق النار في انحاء الموصل، عندما خاض مقاتلون معارك ضارية مع القوات الاميركية والشرطة العراقية. بعقوبة وشن مسلحون ملثمون يرتدون أقنعة سوداً موالون ل"أبي مصعب الزرقاوي" هجوماً على مركز للشرطة في بعقوبة 60 كيلومتراً شمال غربي بغداد. وقال مسؤولو مستشفى ان تسعة من رجال الشرطة وأربعة مدنيين قتلوا وان 22 جرحوا. وروى شهود ان عشرات من المسلحين سيطروا على التقاطع الرئيسي في البلدة بعد هجوم على مركز الشرطة فجراً، كما هاجموا أي شرطي عراقي أو جندي اميركي صادفوه. وقال ناطق عسكري اميركي ان جنديين اميركيين قتلا. وردت القوات الاميركية بتوجيه ضربات جوية بعدما استولى مسلحون على مركز مدني، وهاجموا مبنى حكومياً، وقتل اثنان منهم. وارتدى كثيرون من المقاتلين أغطية رأس صفراً عليها عبارة "سرايا التوحيد والجهاد"، ووزعوا منشورات تحذر العراقيين من "التعاون" مع الاميركيين. وجاء في هذه المنشورات ان "لحم المتعاونين أطعم من لحم الأميركيين". وعرضت قناة "الجزيرة" الفضائية لقطات لملثمين يلوحون بأسلحتهم في بعقوبة، مشيرة إلى أنهم من أنصار الزرقاوي. وكانت الجثث متناثرة على الأرض في الشوارع المجاورة. وأعلن مصدر عسكري أميركي مقتل جنديين أميركيين وجرح سبعة آخرين في مكمن في بعقوبة. وكانت حصيلة أولى تحدثت عن قتيل وثلاثة جرحى. وقال المصدر إن "جنديين قتلا واصيب سبعة آخرون عند تعرض دورية تابعة لفرقة المشاة الأولى لهجوم عند تقاطع المفرق". وأوضح ان "المقاتلين شنوا الهجوم بالأسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للدبابات". وأعلن ضابط أميركي ان الطيران الاميركي شن أمس غارات على مدينة بعقوبة، حيث نفذ مسلحون سلسلة هجمات دموية على الشرطة العراقية والقوات الاميركية. وأعلن مصدر طبي في مستشفى بعقوبة العام ان عشرين عراقياً، بينهم 11 شرطياً، قتلوا وجرح 45 من المدنيين في مواجهات أمس. وقال حسين علي من ادارة المستشفى ان "المستشفى تلقت عشرين جثة بينها جثث 11 شرطياً". كما عالجت 45 جريحاً من المدنيين. وأعلن مصدر في الشرطة ان مسلحين هاجموا أمس منزل مدير شرطة محافظة ديالى 60 كلم شمال شرقي بغداد، ما أدى الى احتراقه. وقال المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، إن "منزل اللواء وليد خالد عبدالسلام مدير شرطة محافظة ديالى هوجم صباحاً بقذائف مضادة للدبابات آر بي جي ما أدى الى احتراقه". واضاف ان "عبدالسلام وعائلته لم يكونا في المنزل وقت الهجوم". وأوضح المصدر ان "السكرتير الخاص بمدير الشرطة اصيب بجروح"، مشيراً إلى أن "تبادلاً للنار حصل بين المسلحين ورجال الشرطة الذين كانوا يحمون المنزل". الفلوجة إلى ذلك، أعلن مشاة البحرية الأميركية المارينز في بيان ان مروحية من طراز "كوبرا" تابعة لهم، كانت تقصف الفلوجة أمس، أرغمت على الهبوط اضطرارياً خارج المدينة وعثر على طاقمها سليماً. وجاء في البيان ان "قوة المارينز الأولى ردت بالتنسيق مع لواء الفلوجة في الجيش العراقي على هجمات شنها متمردون داخل المدينة وخارجها، وتدخلت طائرات ومروحيات". وكان ضابط في "المارينز" قال لوكالة "فرانس برس" إن "مروحية اسقطت فوق المدينة". وأوضح البيان انها هبطت بشكل اضطراري عند اطراف الفلوجة وتمكن جنود "المارينز" من انقاذ الطيارين. ودعت مساجد مدينة الفلوجة عبر مكبرات الصوت المقاتلين ظهراً الى وقف النار، مشيرة الى التوصل الى هدنة بين أعيان المدينة وقادة "المارينز". وأشار النداء الذي وجهته المساجد إلى أن "المارينز سيبدأون الانسحاب بعد اتفاق مع قادتهم". وأثار هذا الاعلان مظاهر فرح في المدينة الواقعة على بعد خمسين كلم غرب بغداد، حيث أخذت تتشكل مواكب متظاهرين. وأفاد شهود ان عدداً من سكان الفلوجة بدأوا يغادرون المدينة التي شهدت اشتباكات عنيفة بين مسلحين وقوات "المارينز". انسحاب أميركي وانسحبت القوات الاميركية من المواقع التي دخلتها صباحاً في المدينة بعد اتفاق وفد من الفلوجة مع القوات الأميركية لوقف القتال. وتضمن الوفد ممثلاً لمجلس عشائر الفلوجة ومحمد لطيف قائد "لواء الفلوجة" وممثلين لمجلس الحكم المحلي، بالإضافة إلى قائمقام الفلوجة. وصرح محمد إبراهيم الحسن قائمقام الفلوجة بأن أعضاء الوفد "أجروا محادثات في المعسكر الاميركي شرق الفلوجة، واتفق على انسحاب الجيش الأميركي من المواقع التي اقتربت من أهداف الفلوجة من الجهات الشرقيةوالجنوبيةالشرقية. والجانب الأميركي أبدى استعداده لعدم مهاجمة الفلوجة بالطائرات والدبابات وفتح الطريق السريع الذي أغلق من جهة الفلوجة إلى الرمادي". وأفاد شهود ان قتالاً ضارياً اندلع في الفلوجة مع مشاة البحرية الاميركية، وحلقت طائرات حربية وطائرات هليكوبتر اميركية على ارتفاع منخفض فوق المدينة، بينما دوت اصوات القذائف الصاروخية والانفجارات في الشوارع. وأفادت وكالة "رويترز" ان الاشتباكات استمرت ساعتين، وان طائرات اميركية أسقطت قنابل وزن كل منها 500 رطل على مواقع المقاتلين. الرمادي في مدينة الرمادي، أكدت مصادر في الشرطة ان خمسة من عناصرها ومدنياً قتلوا وجرح أربعة عشر آخرون. وهاجم مسلحون مركز شرطة "القطانه" وسط المدينة، بعبوات ناسفة، ما أدى الى تدمير اجزاء من المبنى. وانفجرت سيارة مفخخة قرب الحي الصناعي في الرمادي، استهدفت قافلة عسكرية اميركية. وأطلق مقاتلون قذائف "مورتر" على مركزين للشرطة ومنزل مسؤول أمني في الرمادي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة اشخاص على الاقل. وقال شهود ان رابعاً قتل في اشتباكات مع القوات الاميركية. وأشاروا إلى أن المواجهات في الرمادي بدأت بمحاولة تنفيذ عملية انتحارية ضد مركز للشرطة، أدت الى مقتل الانتحاري برصاص احد عناصر الأمن قبل ان يفجر العبوة. وقال شاهد ان "الرجل خرج من سيارة مدنية أمام مركز الشرطة في الكتانة قرب مقر محافظة الأنبار، وهمّ بالتوجه الى المدخل". وأوضح ان الشرطي "اطلق النار عليه فقتله واحدث انفجاراً هائلاً". وأوضح الشاهد أن المحاولة التي نفذت في ساعة مبكرة صباحاً، تلاها انفجار أمام مركز الشرطة في حي الملعب وسط المدينة. وروى شاهد آخر يدعى حامد حسن ان القوات الاميركية وصلت الى موقع الانفجار فتعرضت لنيران المقاتلين، ودارت اشتباكات عنيفة جداً استمرت ساعتين ونصف ساعة. وتحدث مواطنون عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في الاشتباكات، لكن قوات الأمن التي تحرس مستشفى المدينة منعت الصحافيين من دخوله. وقتل أربعة عناصر من الحرس الوطني العراقي وجرح ثلاثة آخرون صباحاً في عملية انتحارية قتل منفذها أيضاً.