تزايد الاهتمام الأوروبي بأزمة دارفور في غرب السودان بشكل ملحوظ في الأيام الماضية. ويزور الخرطوم حالياً ثلاثة وزراء من فرنسا وسويسرا وايطاليا مع وصول تسعة مراقبين من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في بعثة الاتحاد الافريقي لمراقبة الهدنة في دارفور. وينتظر ان يصل الى المنطقة خلال أيام وفد من الكونغرس الاميركي مع اقتراب اقرار اتفاق سلام نهائي في جنوب البلاد. واعلن وزير الدولة للخارجية الفرنسي رينو موزولييه عقب لقائه الرئيس عمر البشير امس ان بلاده طرحت مبادرة لتسوية أزمة دارفور تستند على الوساطة التشادية وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وقال للصحافيين ان تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور مهم للأوضاع في تشاد وغرب افريقيا، موضحاً ان بلاده تستضيف حالياً محادثات بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور. واعرب عن قلقه لخطورة الأوضاع في الاقليم عقب زيارة مخيمات النازحين هناك. وتوجهت الى دارفور امس وزيرة الدولة للخارجية الايطالية ماغريتا بونيفر، وينتظر ان تصل الى الخرطوم اليوم وزيرة الخارجية السويسرية ميشيلين كالمي، ومع انضمام تسعة مراقبين أعلن منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ابتعاثهم لمساعدة الاتحاد الافريقي في مراقبة وقف النار بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور في غرب البلاد. وتسارعت الخطوات الأوروبية بعد القمة الأوروبية الأخيرة التي طالبت الخرطوم بنزع اسلحة الميليشيات وتسهيل تمرير الاغاثة، بعد أيام من قمة الثماني الكبار التي أصدرت بياناً عن دارفور حمل مطالب مماثلة. وعزا وزير الدولة للخارجية السودانية الدكتور التجاني فضيل الاهتمام الأوروبي الى رغبة حكومته في التعامل بشفافية مع قضية دارفور. وسمحت الخرطوم بزيارة وفد من الكونغرس الاميركي بعد ممانعة عقب تهديد مسؤولين في مجلس النواب والادارة الاميركية بفرض عقوبات على مسؤولين سودانيين تحملهم واشنطن مسؤولية الأزمة الانسانية في دارفور ما دفع الحكومة السودانية الى طلب وساطة قطر لتخفيف الضغوط عليها. ونجحت الدوحة في ترتيب محادثات هاتفية بين وزير الخارجية الاميركي كولن باول ونظيره السوداني مصطفى عثمان اثناء زيارته القصيرة الى الدوحة ليل الاحد. ويرى ديبلوماسيون غربيون في الخرطوم تحدثوا الى "الحياة" امس ان هناك تنسيقاً في المواقف الأميركية والأوروبية، ورأوا ان مصالح الطرفين تلتقي في مسألة دارفور اذ ان واشنطن لها استثمارات في نفط تشاد بمبلغ 7 بلايين دولار. وتعمل فيه شركة "شيفرون" الاميركية، كما انها راعية السلام في جنوب السودان ولا تريد ان يكون منقوصاً باستمرار حرب دارفور ما يقلل من انجازها السياسي. لكن الخبير في الشؤون الافريقية الدكتور عبدالله عمر يعتقد ان هناك تقاطعاً في المواقف الاميركية والأوروبية في شأن دارفور، اذ ان المنطقة تتاخم مناطق النفوذ الفرنسي في غرب افريقيا ولا تبتعد عن الاجندة الاميركية في منطقة البحيرات التي سعت الادارة الاميركية الى ابعادها عن التأثير الأوروبي القديم رغم فشلها في مهمتها. ويقول مراقبون ان المواقف الغربية عموماً تجاه ما يجري في دارفور مرتبطة بنظرها الى مستقبل السودان في ظل اتفاق السلام ومصيره بعد ست سنوات.