أعلن الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس دبي أمس طي صفحة الخلافات بين البلدين بعد نحو خمسة أعوام من التوتر والقطيعة بسبب اتهام كل بلد للآخر بدعم مجموعات مسلحة متمردة في البلدين. واتفقا على عودة علاقات بلديهما إلى وضعها الطبيعي وتنمية حدودهما. وأكد البشير أن السودان «وضع حداً نهائياً لصفحة» الخلافات مع تشاد وعلى استعداد لتطبيع العلاقات معها. وقال البشير في مؤتمر صحافي مشترك مع دبي لدى وداعه في مطار الخرطوم: «بهذه الزيارة وضعنا حداً نهائياً للمشاكل بيننا... وأقول لشعبينا في السودان وتشاد نحن بهذا طوينا صفحة المشاكل بيننا نهائياً واتفقنا على العمل سوياً لتحقيق الأمن والاستقرار وجعل الحدود بيننا منطقة لتبادل منافع». وتابع: «عندما أُبلغنا بأن الرئيس دبي سيأتي إلى الخرطوم فوجئنا ولكنها مفاجأة سارة ولكنها غير مستغربة»، مشيراً إلى أن في السودان 18 قبيلة مشتركة مع تشاد «وهذا كفيل بخلق فرص مناسبة للعيش بسلام بين الخرطوم ونجامينا». وأكد البشير أمام تجمع من المسؤولين والديبلوماسيين الأجانب والمنظمات أنه لا يوجد خلاف حدودي أو تاريخي بين السودان وتشاد ولم تجر حرب مباشرة بين جيشي البلدين وأن الخلافات كانت دائماً تثيره المعارضات المسلحة في كلا البلدين، موضحاً أنه اتفق مع دبي على دعم محادثات السلام المتعثرة بين حكومته ومتمردي دارفور الجارية في الدوحة. وذكر أنه جرت وساطات من أجل الصلح والتطبيع بين تشاد والسودان «ولكننا في النهاية أدركنا أن قوة ومتانة الروابط التي تجمعنا لا تحتاج إلى وسيط لأنه لن يكون أكثر جدية وحرصاً وأكثر فهماً لطبيعة العلاقات بين البلدين منّا نحن». وزاد: «قلبنا الصفحة تماماً، ومنذ اليوم ستكون معركتنا المشتركة هي تحقيق السلام والأمن والاستقرار واتفقنا على مشروع مشترك لتنمية المناطق الحدودية وقررنا أن تكون الحدود لتبادل المنافع والعلاقات الاجتماعية ولن تكون حدوداً لعبور السلاح». ولفت إلى انه اتفق مع دبي على وضع أيديهما في أيدي بعض وأن تجري بينهما اتصالات مباشرة وشخصية لمنع أي توترات بين البلدين و «الوقوف في وجه الأعداء الذين لن تعجبهم هذه الخطوة وسيسعون مرة أخرى إلى تخريب العلاقات بيننا». وأشاد البشير بدور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرؤساء المصري حسني مبارك والسنغالي عبدالله واد والليبي معمر القذافي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تعزيز جهود تطبيع العلاقات بين السودان ودفع عملية السلام في دارفور، مشيراً إلى أنه مع دبي أجريا اتصالات هاتفية مع هؤلاء الزعماء ليل الاثنين - الثلثاء. وشدد الرئيس التشادي، من جانبه، على ضرورة توافر الإرادة السياسية الجادة لحلحلة أي مشكلة تطرأ في علاقات البلدين. وأعرب عن أمله في تسريع عملية السلام في دارفور، مؤكداً دعم بلاده للجهود العربية الأفريقية المشتركة حتى يعود الأمن والاستقرار إلى الإقليم والمنطقة الحدودية. ووجه دبي نداء عاجلاً إلى حاملي السلاح في دارفور لوقف العدائيات. وقال إن حكومته ترى أن منبر الدوحة هو الأفضل لحل أزمة دارفور وإن تشاد «تقف مع هذه الجهود من دون تحفظ». ودعا الخرطوم إلى التحلي بالمرونة وتشجيع المتمردين على الحوار لإلقاء السلاح والعودة الى وطنهم. كما دعا الرئيس دبي المعارضة التشادية المتمركزة في دارفور إلى «العودة إلى البلاد» والمشاركة في الانتخابات المقبلة. وقال في كلمة أمام تجمع في الخرطوم «إنني أطلب منهم أن يختاروا طريق العقل وأن يعودوا إلى البلاد». وأضاف: «أتعهد بأن أوفر لهم كل الضمانات الأمنية حتى يتسنى لهم الاندماج مجدداً بشكل مشرّف في الحياة العامة والمدنية في البلاد طالما انهم سيحترمون المؤسسات والقوانين». وقال مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين إن زيارة دبي ستحدث أثراً ايجابياً على مسار مفاوضات الدوحة، مبيّناً أن توتر العلاقات السودانية - التشادية كان له الأثر السلبي على أزمة دارفور. ورأى أن عودة العلاقات بين الخرطوم ونجامينا من شأنه إعادة قضية دارفور إلى حجمها الطبيعي. وأوضح مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل أن البلدين اتفقا على استئناف رحلات الخطوط الجوية السودانية بين الخرطوم ونجامينا من الأسبوع المقبل، وإعادة فتح المؤسسات السودانية في نجامينا التي أغلقتها السلطات التشادية عقب توتر علاقات البلدين وتشمل مدرسة الصداقة السودانية التشادية والمركز الثقافي السوداني، وفتح القنصلية التشادية في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور والقنصلية السودانية في أبشي في شرق تشاد. من جهة أخرى، أجرى الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر محادثات مع الرئيس السوداني عمر البشير والمسؤولين السودانيين تتعلق بالترتيبات الخاصة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في نيسان المقبل. وقال كارتر في مؤتمر صحافي إنه تلقى ضمانات من البشير بأنه لن تكون هناك عوائق أمام المرشحين في حملاتهم الانتخابية التي تبدأ السبت المقبل، موضحاً أن البشير أبلغه أن قانون الأمن الذي يحكم عمل الأجهزة الأمنية لن يقف عائقاً أمام التجمعات والأنشطة السياسية. وفي القاهرة («الحياة»)، أعرب الرئيس المصري حسني مبارك عن تطلعه لأن تؤدي المصالحة بين السودان وتشاد إلى استكمال تسوية نهائية للوضع في دارفور بما يحقق الاستقرار على الحدود. وجاء موقف الرئيس المصري خلال الاتصال الذي أجراه معه الرئيس السوداني والرئيس التشادي. وبحث وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مساء أول من أمس مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه مجمل قضايا الشأن السوداني وسبل دعم التسوية السياسية في إقليم دارفور.