أفاد مسؤولون أميركيون وأجانب رفيعو المستوى في الجيش والاستخبارات ورجال القانون، أن الإدارة الأميركية بالغت في تصوير خطورة نحو 600 معتقل في غوانتانامو. وجاء ذلك بعدما تمسّك كبار المسؤولين الأميركيين على مدى عامين ونصف العام ب"الخطر الإرهابي" الذي يشكله المعتقلون، حتى أن ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي وصفهم ب"الأسوأ من بين الكثير من السيئين". كذلك كان كبار موظفي الإدارة أصروا على أن معلومات جمعت من المعتقلين، كشفت عن خلايا إرهابية، وأحبطت مخططات لاعتداءات وأظهرت قدرة "القاعدة" على إعادة تنظيم نفسها. وبررت اعتقالهم بالأسرار التي يخفونها والتهديدات التي يشكلونها، من دون توجيه التهم إليهم. ومع استعدادات المحكمة العليا للنظر في الوضع القانوني ل595 معتقلاً في مخيم "إكس راي"، أظهرت دراسة أجرتها "نيويورك تايمز" أن الإدارة والعسكريين قاموا بتضخيم الخطر المتمثل في المعتقلين وما يخفون من معلومات. وأقرّ العشرات من كبار العسكريين ورجال الاستخبارات ومراقبي تطبيق القانون في الولاياتالمتحدة وخارجها بأن، على عكس ادعاءات الإدارة، ليس في غوانتانامو معتقل واحد يمكن تصنيفه كقائد في "القاعدة" أو أحد كبار وجوهه الميدانيين. وقالوا إن أفراداً معدودين على أصابع اليد بين 12و24 أكدوا انتماءهم إلى التنظيم الإرهابي أو أظهروا قدرة على شرح الخطط الداخلية للشبكة. وفي وقت ساعد بعض المحتجزين في التحقيقات الاستخباراتية، فإنهم لم يوفروا معلومات أحبطت اعتداءات ما، بحسب تأكيد المسؤولين الذين شملهم تحقيق "نيويورك تايمز". ومقارنة بكبار وجوه "القاعدة" الذين تعتقلهم وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه في مكان آخر، لم يوفر سجناء غوانتانامو سوى معلومات محدودة الأهمية، باعتبار أن غالبية معلومات التنظيم مجدولة ولا يناقشها المسؤولون إلا في سرية تامة. وفي أيلول سبتمبر 2002، أي بعد ثمانية أشهر على بدء توافد المعتقلين إلى الخليج الكوبي، كثرت الأسئلة عن جدوى اعتقال المقاتلين هؤلاء، إثر دراسة سرية أجرتها "سي آي أيه"، رأت أن الكثير منهم هم من المقاتلين غير ذوي الشأن الذين ذهبوا إلى أفغانستان أو قاتلوا في صفوف "طالبان"، أو من الأبرياء الذين ابتلعتهم فوضى الحرب، بحسب ما قال مسؤول أميركي بارز اطلع على التقويم. أدلة ضعيفة ضد المعتقلين وأفادت مصادر أخرى أن الأدلة ضد العديد من المحتجزين لا تزال ضعيفة، إلى حد لم يتمكن المحققون سوى من عرض قضايا 15 معتقلاً فقط أمام المحكمة العسكرية، ستة منهم سبق أن أعلن الرئيس جورج بوش مشروعية محاكمتهم عسكرياً. ويستعد المحققون لتقديم 35 إلى 40 قضية أخرى، أمام المحكمة العسكرية بحسب المصادر نفسها. وقال مسؤول رفيع: "حين تجمع في صورة واحدة كل المعلومات الواردة من شتى أنحاء العالم تجد أن معلومات غوانتانامو لا تمثل سوى جزء صغير للغاية من الصورة الكاملة. كانت مفيدة وقيمة في بعض المجالات. لكن هل تعتبر المصدر الرئيسي للمعلومات؟ طبعاً لا". وفي المقابل، برر ضباط وزارة الدفاع الأميركية بنتاغون المسؤولون عن غوانتانامو، جهود جمع المعلومات الاستخباراتية. وقال ستيف رودريغيز المشرف على فريق التحقيق في المعتقل: "كل يوم نحصل على معلومة ذات قيمة حتى الساعة". ويقول الضباط إن الاستخبارات زودتهم مجموعة من الصور التي التقطت ل"القاعدة" قبل 11 أيلول سبتمبر 2001، يظهر فيها مجاهدون خلال تطوعهم، كما أطلعتهم على كيفية قيام التنظيم بنقل الأموال وعلاقته بمجموعات مقاتلة أخرى. كما أكدوا أن بعضهم هم من الضالعين في عمليات القاعدة وحتى من مموليها ومن حراس أسامة بن لادن الشخصيين. وأشارت المصادر إلى اكتشافها أخيراً مقاتلاً ساعد في عمليات التطوع لاعتداءات 11 أيلول. وعلى رغم ذلك، اعترف قائد القوات الخاصة التي تدير مخيم "إكس راي" البريغادير جنرال جاي هود، بخيبة أمل بعض المسؤولين في واشنطن. وأضاف: "أعتقد بأن التوقعات كانت أعلى في البداية. هناك من انتظر تدفقاً في المعلومات القادرة على تحطيم أكثر التنظيمات الإرهابية تعقيداً في شهور. لكن ذلك لم يحصل".