أطلقت السلطات الأميركية دنماركياً من معتقل غوانتانامو ليعود حراً إلى بلاده حيث أكد القضاء أن أي تهمة لن توجه إليه. وأثار ذلك انزعاج أسر البريطانيين الخمسة الذين سيجرى إطلاقهم، باعتبار أن لندن تنوي اعتقالهم بموجب قانون الإرهاب. لكن هذا الاعتقال يظل سهلاً بالنسبة إلى اسر معتقلين آخرين يواجهون محاكمات عسكرية أميركية، بينهم يمني وجهت إليه 13 تهمة بحسب ما أبلغ محاميه وزير العدل القطري السابق نجيب النعيمي "الحياة" أمس. والأسوأ هو ما تواجهه أسرة معتقل سوداني لا يعرف أهله التهم المنسوبة إليه، ولم يروا أو يسمعوا عنه إلا عندما شاهدوه مغلول اليدين في التلفزيون. أطلقت السلطات الأميركية أمس معتقلاً دنماركياً من غوانتانامو، فيما تستعدّ بريطانيا لاستقبال خمسة من مواطنيها المحتجزين هناك، في إطار سلسلة من الإفراجات قررتها واشنطن قبل بدء المحاكمات العسكرية الأميركية في المعتقل. وعاد دنماركي من أصل جزائري ويدعى حسن 30 عاماً إلى الدنمارك على متن طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو الدنماركي، يرافقه رجال أمن وديبلوماسيون من وزارة الخارجية في بلاده التي حصلت واشنطن على ضمانات منها بمراقبته وبعدم مشاركته مستقبلاً في أي أعمال إرهابية بحسب ما أكدت الاستخبارات الدنماركية بي آي تي. وأكد القضاء الدنماركي أن حسن لن يحال إلى القضاء لعدم وجود أدلة تدينه بمخالفة قانون البلاد. وليس حسن الاسكندينافي الوحيد المعتقل في معسكر "إكس راي"، إذ ايحتجز هناك السويدي من أصل جزائري مهدي غزالي للاشتباه بانتمائه إلى تنظيم "القاعدة". وترفض الخارجية الأميركية إطلاقه إلا بعد الحصول على ضمانات من السلطات السويدية بأنه لن يرتكب أعمالاً "أرهابية" في المستقبل، ما رفضه المعتقل واعتبره والده بأنه "فخ أميركي" لإبقائه "أسيراً لرقابة الاستخبارات السويدية". استياء في بريطانيا وأثار إطلاق سراح الدنماركي استياء في بريطانيا، ففي حين أكد مجلس العموم البريطاني قبل أيام أنه سيطلق سراح "الطالبانيين البريطانيين" خلال 48 ساعة من وصولهم إلى لندن حيث تنتظرهم عائلاتهم وآلاف المؤيدين، نقض وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الإعلان مؤكداً أن الشرطة ستعتقلهم وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب البريطاني. وكشف سترو أمام أعضاء البرلمان تفاصيل إطلاق سراح الخمسة المقرر خلال أسابيع. وقال إن شفيق رسول وآصف إقبال ورحال أحمد وطارق درغول وجمال الدين "سيعتقلون فور وصولهم إلى بريطانيا، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2000 لاستجوابهم حول نشاطات إرهابية يحتمل أن يرتكبوها". وأكد: "سيتم اتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية الأمن القومي، وستجرى محاكمات إذا تطلب الأمر ذلك". ورفض سترو كشف تفاصيل نقلهم بعدما كانت واشنطنولندن تتفاوضان بشأن ما إذا كانت القوات الجوية الأميركية أو القوات الجوية الملكية البريطانية ستتولى إعادتهم إلى بلادهم. والعائدون هم خمسة من تسعة بريطانيين محتجزين مع 651 معتقلاً آخر في معتقل "إكس راي" في كوبا منذ عامين بدون محاكمات. وتستمر المفاوضات لإعادة البريطانيين الأربعة المتبقين: فرزل عباسي ومعظّم بيغ وريتشارد بلمار ومارتن موبونغا الذين تصرّ واشنطن على مقاضاتهم أمام المحكمة العسكرية في وقت تهدد المحكمة العليا الأميركية بالإقرار بعدم شرعية احتجازهم. وتحدث سترو عن ضرورة محاكمتهم وفقاً للمعايير الدولية أو إعادتهم إلى المملكة المتحدة، مؤكداً تعليق السلطات الأميركية الإجراءات القانونية الأميركية بحق عبّاسي وبيغ في تموز يوليو الماضي. كما لفت إلى تطمينات حصل عليها بأنهما لن يحكما بالإعدام إذا ثبتت تهم الإرهاب عليهما. النعيمي: التهم الموجهة إلى اليمني وفي مؤشر إلى انطلاق المحاكمات العسكرية في غوانتانامو، وجهت اتهامات إلى عنصرين مفترضين في تنظيم "القاعدة" هما: اليمني علي حمزة أحمد سليمان البهلول والسوداني إبراهيم أحمد محمود القوص بالتخطيط لارتكاب "جرائم حرب". ووكلت عائلة بهلول المحامي القطري وزير العدل الأسبق نجيب النعيمي للدفاع عنه. ومن المقرر أن توجه خلال الأيام القليلة المقبلة 13 تهمة إليه، من بينها توليه المكتب الإعلامي ل"القاعدة" وقيامه بتصوير شريط فيديو لعملية الاعتداء على المدمرة الأميركية كول في عدن عام 2001 والتحريض لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الولاياتالمتحدة عبر تجنيد أشخاص يمنيين. وأفاد النعيمي ل"الحياة": "أن التهمة الرئيسية التي وجهت ضد بهلول هي التآمر على قتل أبرياء وهدم الأملاك، إلى جانب 13 تهمة عامة دونت في الوثيقة الرسمية للمثول بها أمام القضاء لمحاكمته عسكرياً". وأشار إلى وجود 13 معتقلاً في غوانتانامو سيعلن البنتاغون عن جنسياتهم مطلع آذار مارس المقبل، وهم الأشخاص المتبقون من 20 معتقلاً قررت السلطات الأميركية خلال الشهر الجاري الإفراج عنهم. وقال النعيمي: "إن بهلول كان مكلفاً في نهاية 1999 من جانب أسامة بن لادن بإدارة المكتب الإعلامي لتنظيم "القاعدة" الذي من مهماته تجهيز وتصوير بعض اللقطات التي تطلب منه تصويرها ومنْتَجَتِها تحت اسم "القاعدة" إلى نهاية كانون الأول ديسمبر 2001 بحسب ما ورد في الوثيقة الأميركية ضده. وكان تطوع بالسفر من اليمن إلى أفغانستان مروراً بباكستان للالتحاق ب"القاعدة" حيث التقى رئيس اللجنة الأمنية للتنظيم سيف العدل، الذي قام بتأمين المسكن له في بيت الضيافة الذي تملكه "القاعدة" قريباً من مطار قندهار، وتولى مسؤوليات التدريبات العسكرية لفترة شهرين في معسكر عيناك. معاناة أسرة معتقل سوداني وفي الخرطوم، أعلن وزير الدولة للخارجية نجيب الخير عبدالوهاب أن بلاده تسعى إلى توفير هيئة للدفاع عن القوص، مؤكداً عدم درايته باتهام عشرة سودانيين محتجزين في غوانتانامو بعد الإفراج عن اثنين في وقت سابق. وذكر أن السفارة السودانية في واشنطن أبلغته أن السلطات الأميركية تعتبر إبراهيم القوص من المقربين إلى بن لادن. وكان يدير "شركة طابا" التي كان يملكها الأخير في الخرطوم وعمل حارساً له وفقاً لما أثبتت أشرطة الفيديو، كما أنه عمل في القسم الإعلامي للتنظيم وخطّط مع آخرين لاغتيال أميركيين في أفغانستان وغيرها. وأبلغت أسرة إبراهيم القوص "الحياة" أمس أن أخباره قطعت عنها منذ العام 1996 ولم تعرف شيئاً عنه إلا الشهر الماضي، عندما ظهرت صورته ضمن المعتقلين في غوانتانامو، إذ تعرّف والده إليه من خلال برنامج عرضته قناة "الجزيرة" القطرية واحتضن جهاز التلفزيون وبكى عليه. وأكد أحد أشقائه ل"الحياة" عبر الهاتف من مسقط رأسه في مدينة عطيرة 300 كيلومتر شمال الخرطوم أن إبراهيم نشأ حياة عادية وكان متديناً، وكان حريصاً على مطالعة الكتب الدينية والثقافية التي يحتفظ بها والده في مكتبته. وقال صديق له إنه كان متديناً وحريصاً على أداء صلواته في المسجد حتى أطلق عليه "حمامة المسجد" وكان عاطفياً إلى حد بعيد ويحب العزلة وعدم الاختلاط بالآخرين الأمر الذي جعل أسرته وأصدقاءه لا يعلمون عنه معلومات كثيرة. وأضاف انه كان متسامحاً وأن قدراته السياسية والتنظيمية كانت ضعيفة وانقطع في بعض فترات حياته إلى حفظ القرآن الكريم ودراسة التصوف. وعمل قبل أن يغادر البلاد عام 1996 في شركة تختص بإنشاء الطرق. وولد إبراهيم عام 1960، ودرس في مسقط رأسه في عطيرة حتى بلغ المرحلة الثانوية ولم يجتزها لدراسة الجامعة، وانقطع للعمل الخاص في بعض الشركات حتى غادر البلاد إلى جهة غير معلومة. واعتقل في أفغانستان في كانون الأول ديسمبر من العام 2001 ورحل إلى قاعدة غوانتانامو، وعيّنت وزارة الدفاع الأميركية أخيراً المحامية شارون تسيفر للدفاع عنه. مخاوف من هجمات في بريطانياوفرنسا وعشية نشر وثيقة مثيرة للجدل عن مختلف الخيارات الممكنة لاعتماد تشريع أكثر صرامة لمكافحة الإرهاب في بريطانيا، حذّر وزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكيت من حتمية شن هجوم إرهابي في المملكة، معتبراً أن التدابير الأمنية غير كافية وحدها لدرء الخطر. ومن التدابير الجديدة المطروحة في الوثيقة استحداث إجراءات قضائية سرية يتخذها قضاة متخصصون بمكافحة الإرهاب وخفض مستوى الأدلة المطلوبة للحكم على قضايا مرتبطة بالإرهاب. وتحدث بلانكيت عن القدرة على القيام بعمل جيد عبر إعطاء أجهزة الأمن صلاحية تنفيذ اعتقالات بحق الأفراد قبل ارتكابهم اعتداءات بدلاً من توقيفهم بعد ارتكابها. وفي باريس، صرّح الوزير الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرانسوا كوبيه بأن التهديدات الموجهة إلى فرنسا المنسوبة إلى الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بعد منع الحجاب في المدارس العامة تستدعي اعتماد "قدر كبير من اليقظة". وأشار إلى أن السلطات لم تعمل على رفع مستوى الخطة المعدّة لمواجهة التهديدات الإرهابية. وأفادت مصادر في الشرطة الفرنسية أنه جرى تشديد الإجراءات الأمنية حول الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وأن أجهزة الأمن والاستخبارات ماضية في عملها للحيلولة دون وقوع أي اعتداء في فرنسا. وكان مدير الاستخبارات الأميركية سي آي أيه جورج تينيت تحدث قبل يومين عن تخوف بلاده من تعرضها لهجوم إرهابي جديد شبيه بهجمات 11 أيلول سبتمبر. من جهة أخرى، أعلنت الشرطة الإيطالية أمس، توقيف مغربي في إطار تحقيق حول شبكة إسلامية يشتبه في أنها خططت لاعتداءات في البلاد لحساب "القاعدة". واعتقل نجيب رواس 38 سنة المقيم في برغامو لومبارديا الشمالية في بريشيا لومبارديا. كما اعتقل مغاربيان آخران هما التونسي فيصل بوغانمي 38 سنة والمغربي خالد خمليش 39 سنة اللذان يعملان في مسجد كريمونا لومبارديا وأودعا السجن على ذمة التحقيق.