عرفت سياحة الجولات البحرية تطوراً سريعاً خلال العقدين الماضيين، إذ بات السياح الأوروبيون مولعين بالرحلات التي لا تقتصر على بلد واحد وإنما تقودهم إلى مدن ساحلية عدة على متن سفن هي أشبه ما تكون بفنادق عائمة من فئة خمسة نجوم. إلا أن هذه الرحلات تركزت على الموانئ الأوروبية في البحر المتوسط في حين بقي نصيب العرب منها قليلاً. ويحتل ميناء برشلونة المرتبة الأولى في حوض المتوسط، إذ يستقبل 844 ألف سائح في السنة. ويسعى التونسيون الى إستقطاب السفن السياحية بتحديث البنية الأساسية في الموانئ الرئيسية ووضع برامج خاصة لهذه الفئة من السياح. واستقبل ميناء حلق الوادي القريب من العاصمة تونس 340 ألف سائح في السنة أتوا في 278 رحلة على متن هذه السفن الخاصة. وسُجل نمو في عدد سياح الرحلات البحرية نسبته 35 في المئة. وتوقع مدير الميناء خالد غميض أن يرتفع العدد إلى 350 رحلة في السنة الجارية، وأوضح ل"الحياة" أن هذا النوع من السياح مهم لأنه ينتمي إلى الفئة الموسرة المعروفة بكثرة الانفاق، وهم يمضون عادة بين ست ساعات وأربع وعشرين ساعة في مدينة تونس للتجوال في احيائها ومعالمها التاريخية ثم يستأنفون رحلتهم إلى ميناء آخر. وأشار غميض إلى أن ميناء حلق الوادي لم يستطع استقبال 18 سفينة سياحية في العام الماضي بسبب شدة الضغط عليه ما أدى إلى تحويلها نحو ميناء بنزرت الذي يبعد عن تونس ستين كيلومتراً، وتوقع أن يكون الضغط أكبر في الصيف الحالي. ومن أجل درس المشاكل التي يطرحها تطوير هذا الفرع من السياحة الراقية، عقد ديوان الموانئ البحرية التونسي واتحاد موانئ شمال افريقيا ندوة في تونس قبل أيام شارك فيها ممثلون للموانئ المصرية والسودانية والجزائرية والليبية والمغربية، إلى جانب رئيس المنظمة المتوسطية لسياحة سفن الترفيه ميد كروز. وأظهرت المداخلات العلمية التي قدمت في الندوة أن الرحلات الترفيهية شهدت تطوراً سريعاً في السنوات الخمس الأخيرة، وأن عدد السياح الذين تستقطبهم يقدر بثمانية ملايين سائح في الحوض الغربي للمتوسط فقط. وتوقعت دراسة أعدها ديوان الموانئ البحرية التونسي أن يرتفع العدد إلى 11 مليون سائح في السنة 2020، وسترتفع حصة تونس إلى 11 في المئة من العدد الاجمالي للسياح، بينما سيرتفع عدد الرحلات إلى 449 رحلة في سنة 2010. وعلى هذا الأساس، سيباشر التونسيون في انشاء محطة خاصة باستقبال هذا النوع من السفن، إضافة إلى إقامة أرصفة جديدة في ميناءي بنزرت وسوسة اللذين يستقبلان حالياً نحو 23 ألف سائح. ويحتل ميناء حلق الوادي المرتبة العاشرة بين موانئ الحوض الغربي للمتوسط على صعيد استقبال السفن السياحية، إلا أن التونسيين يأملون بأن يزيد حجم الزوار كون الفترة القصيرة التي يمضونها في البلد تتيح لهم زيارة المتاحف والمواقع الأثرية والتسوق في المدينة القديمة، ما يجعل الايرادات التي تحققها هذه الفئة أهم من ايرادات السياح الأوروبيين العاديين الذين يقيمون في الفنادق. ويرجح أن تهتم البلدان العربية المتوسطية في الفترة المقبلة بتطوير البنية الأساسية للموانئ لأخذ حصة أكبر من السفن السياحية التي تجوب المتوسط في رحلات سياحية تستغرق حوالى الأسبوع وتتيح التعرّف على مدن عدة في رحلة واحدة.