يحكم رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون اصرار دائم على مضايقة فرنسا سواء في اطار زيارات المسؤولين الفرنسيين الى اسرائيل والمناطق الفلسطينية أم على صعيد تشجيع يهود فرنسا على الهجرة الى اسرائيل. ويبدأ وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه الأحد المقبل جولة شرق أوسطية يزور خلالها مصر والأردن وتنتهي في 22 الشهرالجاري، ثم يزور في 29 منه المناطق الفلسطينية حيث يلتقي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مما جعل شارون يرفض لقاءه مثلما حصل مع سلفه دومينيك دوفيلبان الذي كان اكتفى بلقاء وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم. وذكرت صحيفة "لوكانار اتشينيه" ان شارون يريد منع بارنييه من لقاء عرفات وان محادثات تجري منذ نحو 20 يوماً بين وزارة الخارجية الفرنسية وطاقم رئيس الحكومة الاسرائيلية، في ظل أجواء متوترة حول زيارة الوزير الفرنسي الى المناطق الفلسطينية واسرائيل. وذكرت الصحيفة ان المشروع الأول لبارنييه كان يقضي بالقيام بجولة يزور فيها كلاً من مصر والأردن ثم اسرائيل وبعدها المناطق الفلسطينية حيث يلتقي عرفات، لكن السفير الاسرائيلي في فرنسا ابلغ وزارة الخارجية بأن الوزير الفرنسي لن يلتقي شارون إذا زار رام الله والتقى عرفات. وأضافت انه بعد استشارة القصر الرئاسي اقترح بارنييه برنامجاً آخر لجولته مراعاة لحساسية شارون، يزور فيه مصر ثم اسرائيل قبل التوجه الى الأردن ثم المناطق الفلسطينية، لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي رفض ذلك. وأشارت الصحيفة الى ان المشروع الثالث للزيارة نص على زيارة مصر ثم اسرائيل ثم الأردن في 21 و22 الشهر الجاري، ومن ثم يتوجه الى رام الله في 29 حزيران يونيو للقاء عرفات والمسؤولين الفلسطينيين، لكن شارون وجه رسالة الى باريس اكد فيها انه اذا التقى بارنييه عرفات، فإن زيارته الى اسرائيل لن يكون مرغوباً فيها وغير مفيدة. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان بارنييه سيكتفي بجولة على مصر والأردن ثم يزور رام الله في 29 حزيران بعد انتهاء قمة حلف شمال الاطلسي ناتو في اسطنبول. وقالت المصادر ان بارنييه سيزور اسرائيل لاحقاً في موعد لم يحدد بعد. أما على صعيد تشجيع الوكالة اليهودية لهجرة يهود فرنسا، فأعلنت الوكالة نهاية الاسبوع الماضي انها سترسل وفداً الى مدينة مارسيل الفرنسية لإقناع سكانها من اليهود بالهجرة الى اسرائيل. وقال مدير مكتب عمدة مارسيل، لانغلاند في اتصال هاتفي مع "الحياة"، ان بلدية المدينة التي يترأسها فرانك بوبوني اشتراكي غير معنية بهذا الأمر وان أي اتصال لم يجر معها حول الموضوع ولم تبلغ به وانها مبادرة لا يمكن إلا مكافحتها. واكد لانغلاند ان يهود مارسيل ليسوا اسرائيليين، وانهم فرنسيون، مبدياً استغرابه لمبادرة الوكالة اليهودية التي اطلع عليها عبر الإعلام. واضاف ان الطائفة اليهودية في مارسيل قديمة ومهمة، وانه لا توجد احصاءات حول تنقلاتها، اذ ان فرنسا لا تجري احصاءات حول تنقل السكان وفقاً لانتمائهم الديني. وذكر ان مارسيل فيها اكبر عدد من اليهود في فرنسا. وكان أحد الوزراء الاسرائيليين ناثان شارانسكي صرح قبل حوالى سنة بأن فرنسا "دولة لا سامية" ينبغي على اليهود مغادرتها الى اسرائيل، كما أدلى شارون بملاحظات بهذا المعنى ما جعل الرئيس الفرنسي جاك شيراك يمتنع عن استقباله في فرنسا قبل ان يعتذر رسمياً عما قاله. وصرح معاون رئيس تحرير مجلة "لوموند ديبلوماتيك" دومينيك فيدال، بأن استقدام اسرائيل ليهود فرنسا، مسألة استراتيجية بالنسبة الى الدولة العبرية. وأوضح ان ميزان القوى الديموغرافي في ما يسمى ب"اسرائيل الكبرى" بحلول 2010 و2012، سيكون برأي جميع المختصين بالشأن الديموغرافي لصالح الفلسطينيين الذين سيشكلون غالبية السكان. وقال انه رداً على هذا الواقع، هناك حلان غير متعارضين مطروحين على اسرائيل، هما أولاً خفض عدد السكان الفلسطينيين عبر عمليات تهجير جزئية وليس بالضرورة عبر الترحيل المكثف، وثانياً تعزيز الهجرة الى اسرائيل، لكن هذا الحل فشل كلياً. وأشار الى انه في المقابل، وبالنسبة للحل الأول، هناك ما يراوح بين 200 و700 ألف فلسطيني غادروا الضفة الغربية وغزة منذ الانتفاضة الثانية وهم من المسيحيين وهذا برأي شارون مهم واستراتيجي. وتابع ان عدد اليهود الذين يهاجرون الى اسرائيل في انخفاض مستمر منذ الانتفاضة الثانية، لا بل ان بعض يهود اسرائيل يغادرونها الى الخارج.