اعلن وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه امس في تل ابيب ان "المرء لا يختار خصمه"، مؤكدا انه "لا يمكن القيام باي شيء بدون رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات او ضده". وقال بارنييه في كلمة القاها في جامعة تل ابيب: "ان التاريخ يعلمنا ان المرء لا يختار خصمه، وان السلام يبرم مع هذا الخصم تحديدا". وتابع الوزير الذي لقي انتقادات حادة في اسرائيل على اثر زيارته لعرفات في نهاية حزيران يونيو في رام الله بالضفة الغربية: "اعرف رأي الجميع هنا برئيس السلطة الفلسطينية وما يقال عن الذين يلتقونه". وقال بارنييه في اليوم الثالث والاخير من زيارته الى اسرائيل: "ما زلنا على قناعتنا بانه لا يمكن القيام باي شيء بدون عرفات او ضده، وانه بابقائه اسيرا، فاننا نقلص ايضا فرص مشاركة الاجيال الصاعدة في المؤسسات السياسية الفلسطينية". وتساءل: "هل تقضي مصلحة اسرائيل بان يستمر تفكك المجتمع والسلطة الفلسطينيين او على العكس ان يتوطدا للسيطرة بشكل افضل على الحركات المتطرفة والتصرف بوصفها محاورا يتمتع بمصداقية؟" وشدد بارنييه الذي يلاحظ مراقبون بروز نقلة جديدة في ديبلوماسية بلاده في الشرق الاوسط، خصوصاً في ما يتعلق بالموقف من سورية ولبنان والنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي على ان "من البديهي ان على السلطة الفلسطينية ايضا ان تطبق جميع الموجبات التي تفرضها عليها خريطة الطريق، وهي مكافحة الارهاب والفساد واجراء اصلاحات في العمق". ومن مظاهر الانعطافة الجديدة في الديبلوماسية الفرنسية الدور البارز الذي تلعبه باريس في مسألة السعي الى ضمان تنفيذ القرار 1559 والدعم الذي عبر عنه بارنييه لخطة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للانسحاب من قطاع غزة. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي في خطابه في جامعة تل ابيب امس ان الاوروبيين "يواجهون صعوبة في تقبل التفاقم المستمر في وضع الفلسطينيين"، ودعا المجتمع الدولى، خصوصاً الولاياتالمتحدة والجامعة العربية، الى حل النزاع العربي - الاسرائيلي. وقال بارنييه إن "الاوروبيين عموماً، وليس الفرنسيين فحسب، يلقون صعوبة في تقبل التفاقم المستمر في وضع الفلسطينيين". واضاف: "المنازل التي تدمر والعائلات التي يلقى بها في الشارع وحظر التجول واعادة الاحتلال والعمليات المحددة الاهداف التي تحصد ايضاً الابرياء. هل يجعل ذلك حياتكم أكثر اماناً؟ هل يجعل ذلك حياتكم افضل؟ اجل، الاوروبيون يتساءلون وينتظرون ردوداً". ودعا بارنييه الأسرة الدولية ولا سيما الولاياتالمتحدة وجامعة الدول العربية الى ايجاد حل للنزاع في الشرق الاوسط وعدم تركه "من دون حل". وقال: "انه نداء اوجهه اليوم. نداء الى الاسرة الدولية، نداء الى الجامعة العربية، نداء الى الولاياتالمتحدة لان حل هذا النزاع يتطلب التزاماً قوياً وحازماً من الولاياتالمتحدة". وتابع بارنييه: "لنعمل سوية خلال الاشهر المقبلة .. لنوحد جهودنا للعودة الى طريق المفاوضات حول الوضع النهائي. دعونا لا نترك الأزمة من دون حل وهذه المنطقة بلا مستقبل". وكان يوم أمس الثالث والأخير في اول زيارة لبارنييه الى اسرائيل بهدف تهدئة التوتر في العلاقات بين البلدين. ومع ان وزير الخارجية الفرنسي اعلن اول من أمس في مؤتمر صحافي مع نظيره الاسرائيلي سلفان شالوم عن دعم كبير لخطة شارون للانسحاب من قطاع غزة، فقد أكد في الوقت نفسه ضرورة احترام "خريطة الطريق"، خطة السلام الدولية التي تهدف الى تسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. من جهة اخرى، شدد بارنييه على الدور السياسي الذي يعتزم الاتحاد الاوروبي ان يلعبه في المنطقة وأهمية مواصلة الحوار مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات وهما نقطتان محور خلاف مع حكومة شارون. وقال الوزير الفرنسي ان الاتحاد الاوروبي "مستعد للقيام بدوره بالكامل لمواكبة نجاح هذا الانسحاب"، مؤكداً أن اوروبا "لن تكتفي بدور تقديم الدعم المالي ... لأننا لسنا مجرد سوبرماركت يمكنه ارسال شيكات هنا وهناك". وأكد ان فرنسا "صديقة لإسرائيل وصديقة للدول العربية التي تتحاور مع اسرائيل وتريد ان تكون مفيدة وما سنفعله سنفعله عن طريق الاتحاد الأوروبي".