يحتل التسلح النووي ومسألة الأمن الجوي حيّزين كبيرين في قمة الدول الصناعية الثماني في سي آيلاند. وتستعد الدول الصناعية الكبرى اليوم لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة إزاء تهريب المواد النووية وعمليات نقل تكنولوجيا التخصيب وإعادة المعالجة غير المشروعة إلى دول غير نووية، بعد سلسلة لقاءات للرئيس جورج بوش أبرزها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حيث بحثا الأزمة الإيرانية، وآخر مع رئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي تناول الأزمة الكورية. وقال مسؤول أميركي إن "خطة عمل حظر الانتشار" المتوقع أن يتبناها الزعماء تركز على الشراكة العالمية التي أعلنت قبل ثلاث سنوات خلال قمة المجموعة في كندا. ومن المقرر أن تنضم إلى هذه الخطة سبع دول أخرى هي أستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا وتشيخيا. وفي المسألة الإيرانية، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: "نأمل بأن يظهر بيان القادة اليوم أنهم متحدون بالفعل في عزمهم على ألا تنتج إيران أسلحة نووية. ليس هناك انقسام بين دول مجموعة الثماني حول أن تسلح إيران نووياً أمر غير مقبول". وكانت كل من فرنساوبريطانيا وألمانيا دعت في مشروع قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى توبيخ إيران توبيخاً عنيفاً. غير أنه ليس واضحاً إن كان قادة الدول الثماني سينجحون في التوصل إلى ما هو أكثر من بيان عام حول هذه القضية. روسيا وإثر لقاء بوش وبوتين، أعلنت موسكو أمس رفضها وقف خططها الخاصة ببناء مفاعل نووي لإيران، طالبة من طهران الاستجابة للنداءات الدولية في مواجهة الضغوط الأميركية. وفي المقابل، عبرت روسيا عن ارتياحها لقرار الأممالمتحدة حول العراق. وعبّر سيرغي بريخودكو، مستشار الرئيس الروسي للسياسة الخارجية، عن ارتياحه لجو "الحيوية والزمالة الأصيلة" الذي ساد اللقاء بين بوش وبوتين. وأشار إلى جولات كلب بوش في الغرفة ليبرهن على مدى الحميمية التي سادت اللقاء. لكن موضوع التعاون النووي المدني مع إيران لم يلق تجاوباً من جانب سيّد الكرملين الذي "رفض طلب بوش بتهذيب". وقال بريخودكو: "تعاونا مع إيران وسنواصل التعاون معها في توليد الطاقة نووياً"، مضيفاً أن "هذا مشروط بأن تفي طهران بالشروط التي وضعتها الوكالة الدولية وإلى الحد الذي يمكننا من حل كل المشكلات الفنية المتعلقة ببناء مفاعل بوشهر لتوليد الطاقة ثنائياً". من جهة أخرى، بحث اللقاء عمل المؤسسات الديموقراطية في روسيا. لكن بريخودكو أكد أن الحديث جرى في شكل استفسارات وليس انتقادات. إذ رأى بوتين أن الإصلاحات والاقتصاد يتقدمان "بشكل طبيعي" فيما أشار بوش إلى حسن سير الأعمال الروسية. وظهرت قضية البرنامج النووي الإيراني أيضاً خلال المحادثات بين بوش والمستشار الألماني غيرهارد شرودر. وقال مسؤول آخر في الإدارة "يمكنني القول إن شرودر وبوش يشتركان في درجة من التشكك في شأن نيات طهران"، مضيفاً أن واشنطن تحشد دولاً أوروبية أخرى من المجموعة في صفها مثل بريطانياوفرنسا وإيطاليا حول هذه القضية. وأعلنت إيران أنها في حاجة للطاقة النووية للوفاء بالاحتياجات المتزايدة من الكهرباء مع الاحتفاظ باحتياطاتها من النفط والغاز الطبيعي من أجل التصدير. وكان الممثل السابق لايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي صرح في مقابلة صحافية أمس ان طهران ستعرض نفسها الى الخطر اذا كان بحوزتها اسلحة نووية، باعتبارها غير قادرة على مواجهة ترسانة الولاياتالمتحدة او اسرائيل. وفي ردّ على التوجه الأميركي- الأوروبي لإدانة إيران في الاجتماع المقبل لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المقرر عقده في الرابع عشر من الجاري، بدا اتجاه لدى البرلمان الايراني الجديد بعدم المصادقة على البروتوكول الإضافي الذي يسمح بعمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت النووية الإيرانية، بحسب ما علمت "الحياة" من مصادر برلمانية إيرانية مطلعة. ويعتبر هذا الموقف أهم الخطوات التي يعتزم المحافظون القيام بها بعدما انتزعوا الغالبية البرلمانية من أيدي الإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 20 شباط فبراير الماضي. برنامج نووي "مدني" في العراق وبدا الموقف الأميركي مختلفاً في ما يتعلق بالعراق. إذ صرّح مساعد وزير الخارجية الأميركي جون بولتون بأن الولاياتالمتحدة التي عارضت في الماضي امتلاك العراق برنامجاً نووياً مدنياً يمكن أن تعيد النظر في موقفها في "عراق تغير". وقال بولتون المكلف مراقبة التسلح والأمن الدولي "إنها فكرة مطروحة"، مشيراً إلى أنه "عندما تكون هناك حكومة تمثيلية ويؤكد مجلس الأمن الدولي أن العراق لا يمتلك أسلحة للدمار الشامل يكون البلد قد تغير فعلاً. لا أرى أي سبب يمنعنا من التفكير في برنامج نووي مدني في هذا البلد خلافاً للوضع في بلدان أخرى"، وإذ أشار إلى أن "ذلك على الأمد البعيد جداً". وتعارض الإدارة الأميركية رغبات مماثلة لإيران، مؤكدة أن هذا البلد لا يحتاج إلى تكنولوجيا نووية نظراً لثرواته النفطية الكبيرة. من جهة أخرى، قال بولتون إن الولاياتالمتحدة تبذل جهوداً شاقة "في سباق مع الزمن" لتأمين وظائف لما بين 400 و500 عالم عراقي كانوا يعملون في مجال التسلح قبل سقوط نظام صدام حسين. وقال: "يجب ابتكار أفكار لشغل هؤلاء الناس". ويخشى الأميركيون أن توظف شبكات إرهابية أو دول "مارقة" هؤلاء العلماء لتطوير أسلحة جرثومية أو كيماوية أو نووية. الأزمة الكورية وبالنسبة إلى تسلح كوريا الشمالية نووياً، أفاد مصدر أميركي أن رئيس الوزراء الياباني أبلغ الرئيس الأميركي بأنه لمس خلال لقائه الشهر الماضي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إيل "قدراً أكبر قليلاً من الاعتراف باحتمال تحقيق مزايا من التخلي عن الأسلحة النووية". وأضاف أن اليابان تشارك في الجهود لإقناع كوريا الشمالية بنزع أسلحتها بالتعاون مع الصينوالولاياتالمتحدةوروسيا وكوريا الجنوبية. ومن المقرر أن تجتمع هذه الدول الست مرة أخرى أواخر الشهر الجاري. حماية النقل الجوي على صعيد آخر، ينتظر أن يقر رؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني اليوم نحو 30 تدبيراً لتوفير مزيد من الحماية للنقل الجوي من اعتداءات إرهابية جديدة. وجاء الإعلان عن هذه الخطة بعدما نشر موقع إسلامي على شبكة الإنترنت بياناً منسوباً إلى تنظيم "القاعدة" هدد بمهاجمة الشركات الجوية الأميركية والغربية والمنشآت التي يؤمها الغربيون في السعودية. وتأمل المجموعة بالإسراع في تطبيق هذه التدابير بحلول نهاية 2005 على أن تترافق مع إيجاد وسائل لتجنب إزعاج المسافرين أو حركة الطيران. ولن يكون لهذه المبادرة أي معنى إذا اقتصرت على أعضاء مجموعة الثماني، بسبب طبيعة النقل الجوي نفسها. لذلك ستحاول المجموعة توسيع تطبيقها لتشمل بلداناً أخرى. وقال مسؤول أميركي كبير: "ثمة عدد من المجالات سنتقاسم فيها خبراتنا مع بلدان أخرى حتى لا تكون هناك حلقات ضعيفة". لكن التنسيق وتبادل المعلومات ليسا أمراً سهلا. فلدى الأوروبيين خصوصاً حساسية بالغة حول مسائل حماية الحياة الخاصة. وحاول قادة مجموعة الثماني الالتفاف على هذه الصعوبة، مشيرين إلى أن التدابير التي سيتم تبنيها اليوم ستتقيد بالمعايير الوطنية والدولية على هذا الصعيد.