لايبدو وصف العراقيين بأنهم "مختلفون دائماً ومن النادر ان يتفق اثنان منهم على قضية حتى وان كانت صغيرة" بعيداً عن الحقيقة. لكن في الخلافات الدائرة منذ ايام على تسمية الرئيس العراقي الموقت، "يتفق" عراقيون كثيرون على ان المرشحين: الديبلوماسي السابق وسليل العائلة العريقة عدنان الباجه جي، و شيخ العشيرة العراقية والعربية الكبيرة والمهندس الشاب غازي عجيل الياور، يتمتعان بمؤهلات تمكنهما من شغل الموقع الرئاسي. ثم يستدركون اتفاقهم هذا ليتحولوا بسرعة الى "الاختلاف" الدائم، ليتبين انهم يرون في الباجه جي "زين" والياور "كلش زين"! مؤيدو الباجه جي من بين العراقيين، هم نخبة المجتمع من كبار الموظفين والأكاديميين والمثقفين فضلاً عن مجموعات كبيرة من السنة ترى في وزير الخارجية العراقية الأسبق امتداداً لوالده الذي لعب دوراً بارزاً في تكريس الوجود السني داخل الدولة العراقية. بينما يقف خلف الياور ساسة الشيعة والأكراد وأطياف واسعة من الناس المرتطبين بهم ، اذ يرون في هذا الشيخ السني مثالاً للتسامح الطائفي وتفهماً لما وقع على الشيعة في الجنوب وعلى الأكراد المجاورين لمضارب عشيرته في الشمال، من ظلم على يد صدام حسين ونظامه. في مجلس الحكم حيث تتركز معركة اختيار الرئيس العراقي الجديد، يقف ممثلو الشيعة 13 قيادياً والأكراد خمسة الى جانب الياور، فيما يبدو الباجه جي محاطاً بأقلية اصوات ممثلي السنة 5 من بينهم الباجه جي ذاته، لكنه بحسب احد ممثلي "الحزب الديموقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني "محاط بدعم مباشر من بريمر الذي قد يستخدم الفيتو على ترشيح الياور". الباجه جي بحسب هذا الإصطفاف الخلافي الجديد هو "مرشح النخبة" فيما ظهر الياور بصورة "المرشح الشعبي" الذي عمل في لجنة وساطة لفك الحصار عن الفلوجة في نيسان ابريل الماضي، وآبدى مواقف اثناء رئاسته مجلس الحكم أكسبته صورة "الزعيم الوطني" القادر على طمأنة اطراف تبدو اقرب الى اصولها الطائفية والعرقية من شراكتها الوطنية، فهو يرى في "خلاص العراق من كوارث صدام واخطاء الأميركيين، اجواء طمأنينة تجعل العراقيين جميعاً وعلى نحو متساوٍ على خط بداية جديد". هذا الكلام ينظر اليه السنّة العراقيون بشيء من الريبة، اذ يعني بين سطوره "إبعاداً للسنة عن المراكز القيادية التي كرست لهم في الدولة العراقية حكومات متعاقبة حكمت بغداد منذ العام 1921 حتى سقوط نظام صدام". ويرى عضو قيادي في "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم ان "وقوف بريمر خلف الباجه جي هو جزء من المراجعة الأميركية بشأن دور السنة في حكم العراق، فهم وجدوا ان سنياً يرضي طائفته في الرئاسة، سيخفف من نقمتها على النظام الجديد". واذا صحّ ذلك فمن السهل تفهم وقوف ممثلي الشيعة في مجلس الحكم الى جانب "سني كلش زين" هو الشيخ غازي الياور.