في فلسطين أبو عمار يقول انه مستعد للشهادة. في العراق مقتدى الصدر يقول انه مستعد للشهادة. وما سبق استئناف لمقارنتي قبل أسبوع بين أخبار العراقوفلسطين التي أصبحت خبراً واحداً، وردي على القارئ حسّان حسن الرملي الذي اعترض على المقارنة من دون ان يشرح سبب اعتراضه، غير القول ان القضية الفلسطينية هي "قضية العرب والمسلمين الأولى والأخيرة". قد تكون الأولى، الا انها حتماً لن تكون الأخيرة، فهناك دائماً قضية أو قضايا. أمامي رسائل تؤيد ما أكتب، الا ان مثل هذه الرسائل لا يفيد في النشر، طالما ان المرسل يتّفق معي في رأيي المنشور، لذلك اخترت دائماً ان أرسل ردوداً خاصة الى أصحاب هذه الرسائل، وأن أترك الزاوية للمعارضين أو المعترضين، وهم كُثر. من هؤلاء زين العابدين القرشان الذي بعث إليّ برسالة من فرانكفورت تحتج على تقريظي الكلمة منه وليست مني المساعدات الكويتيةللفلسطينيين، ويقول ان الكويت لم تقدّم شيئاً للفلسطينيين أو غيرهم، ثم يذكرني بالجدل الذي دخلته مع بعض الصحافيين الكويتيين. أولاً، كان لبعض الصحافيين الكويتيين رأي، وكان لي رأي سجلته رداً ثلاث مرات، وقد طوي الموضوع في حينه. ثانياً، لم أمدح الكويت أو مصر أو المملكة العربية السعودية في مقالي، وإنما سجلت ما اعتبرت انه حقائق: الدعم السياسي المصري، والدعم المالي السعودي، ونجاح المساعدات الكويتية. ثالثاً، وكمثل على المقال أعرف ان دولة الكويت تبرّعت بنفقات بناء معهد في أبو ديس، وأشرفت على التنفيذ، واكتمل البناء قبل اجتياح اسرائيل القدس سنة 1967. وكان إسمه المعهد العربي الكويتي الأردني، فأصرت اسرائيل على شطب الكويت ليصبح اسمه المعهد العربي الأردني، ثم المعهد العربي فقط تحدياً لاسرائيل. وقد زيدت على هذا المعهد كليات طب وآداب وحقوق وهندسة وكومبيوتر وشريعة ليصبح جامعة القدس، الا ان المقدسيين المسنين لا يزالون يسمونه المعهد الكويتي. وكنتُ هاجمت آرييل شارون وتحدثت عن جرائمه وسفالته الشخصية، وتحداني القارئ محمد عزو المملوك، من لندن، ان أتحدث بالصراحة نفسها عن القادة العرب. وأجد نفسي مرّة أخرى أمام أولاً وثانياً وثالثاً. أولاً، شارون لا يقارن بأحد، مع سقوط صدام حسين، فهو نسيج نفسه في الجريمة، وهو عار على الذين انتخبوه، وكارثة على المنطقة. ثانياً، اذا أراد القارئ ان يعمل عنتر بن شداد، فهو حرّ، الا انني لم أكن عنترة الفوارس يوماً ولن أكون. ثالثاً، وهو الأهم لما أرجو ان تكون فيه فائدة للقراء، فمصادري عن شارون اسرائىلية خالصة أو يهودية، منعاً للجدل، وأنصح القارئ القادر ان يقرأ واحداً من الكتب التالية، أو يقرأها كلها: - "حروب حدود اسرائيل" من تأليف المؤرخ الاسرائىلي بني موريس. - "شارون: قيصر اسرائىلي" من تأليف الاسرائىلي اوزي بنزيمان. - "المثلث المصيري: الولاياتالمتحدة، اسرائيل، الفلسطينيون" من تأليف اليهودي الأميركي العالمي نوعام تشومسكي. وأكمل برسائل تلقيتها عبر البريد الالكتروني، فالقارئة واندا بيرفوت تسأل: "لماذا العراقيون ليسوا من القوة والشجاعة ان يقفوا في وجه المتمردين الذين يسببون كل المشكلات؟ يجب عليهم ان يستردوا بلدهم لأنفسهم بدل انتظار ان يفعل الآخرون ذلك نيابة عنهم". يا أخت واندا خذينا بحلمك. ربما كان الذين تسمينهم "متمردين" ثواراً من القوة والشجاعة ان يحاربوا القوات الأميركية لتحرير العراق. الموضوع، هو أي جانب يقف فيه الواحد منا، فالارهابي كما تراه اسرائيل هو بطل تحرر وطني عند الفلسطينيين والعرب والمسلمين، والمتمردون أو الارهابيون في العراق، كما تراهم سلطة التحالف، هم أبطال المقاومة في نظر أنصارهم. وفي جميع الأحوال، فالعراقيون آخر من يحتاج الى قوة أو شجاعة لأنهم اشتهروا عبر التاريخ بهذه وتلك. وأختتم برسائل موضوعها مقالي عن اللاسامية في أوروبا، وقد أرسلت ردوداً خاصة الى قراء مثل الأخ عبدالرحيم صابر، وأكتفي هنا برسالتين من كيث كوميس وسيسيلي سوراسكي. القارئ كيث يعترف بأنه لم يتوقع ان تعامل جريدة عربية اللاسامية بموضوعية، الا انه يسجل نقطة رداً على قولي قرب نهاية المقال ان "اليهود مسؤولون" عن معالجة أسباب عودة اللاسامية، فهو يقول ان الناخبين الاسرائىليين مسؤولون. وأشرح للقارى وغيره عبارتي بالقول ان رأيي كان ان ممارسات اسرائيل هي سبب انتشار اللاسامية، والانكار يعني الاستمرار، وقد دعوت اليهود لا الاسرائىليين وحدهم، لأنني أعتقد ان إدانتهم سياسة آرييل شارون وتنصلهم منها ورفضهم لها تساعد على معالجة الموضوع. أما القارئة سيسيلي فتقول انها من جماعة سلام يهودية أميركية، وأن جماعتها تشعر بالألم عندما تقتل الحكومة الاسرائىلية الفلسطينيين وتنتهك حقوقهم الانسانية باسم اليهود. وهي تضيف ان جماعتها تضم ألوف اليهود من حول العالم الذين يطالبون بإنهاء الاحتلال فوراً لما يسببه الدمار من أذى للشعب الفلسطيني، وأيضاً للشعب الاسرائىلي. أشكر القارئة سيسيلي سوراسكي على رسالتها كلّها، وأعرف ان هناك يهوداً في اسرائىل وحول العالم يريدون السلام. وكل استطلاع للرأي العام الاسرائىلي أظهر غالبية مع السلام. ولعلّنا نرى يوماً طلاب السلام وقد انتصروا على دعاة الحرب.