لم تكن حفلة "ستار أكاديمي" الاولى في تونس عادية. فهي، أولاً، حفلة الطلاب الاولى بعيداً من مسرح الاكاديمية وعيون الاساتذة ونتائج التصويت ومعارك المنافسة، وثانياً، هي فاتحة المغامرة الفنية الاولى من نوعها في منطقة الشرق الاوسط. وثالثاً، لأن جمهور الحفلة هو جمهور تونسي ذواق يعرف جيداً كيف يحتضن النجوم وكيف يتفاعل مع اغانيهم. استقبلت العاصمة التونسية نجوم الاكاديمية بلهفة. وان كان لأحمد وبهاء مكانة خاصة عند مواطنيهم، الا ان لكل واحد منهم جمهوراً يحبه ويقدره. اجراءات أمنية مكثفة رافقت الطلاب منذ لحظة وصولهم الى المطار. وتجندت أجهزة الامن لمرافقتهم في تنقلاتهم وفي الفندق. ولم تمنع الساعة المتأخرة من ليل الجمعة الماضي، لدى وصول الطلاب من بيروت، توافد المعجبين الى المطار ولا عجب ان توافد آلاف المعجبين الى المطار طيلة الاسبوع الماضي لمعرفة موعد وصول الطائرة أو ان تعج طرق العاصمة والفندق بآلاف المعجبين الذين انتشروا لتحية موكب الطلاب، أو ان تنتشر الحواجز الأمنية على الطرق المؤدية الى صالة الحفلة وان يصل الجمهور الى الصالة قبل أربع ساعات من بدئها، أو ان تدب الفوضى ويزدحم المؤتمر الصحافي الذي أقيم لمحمد عطية وبهاء وأحمد بالصحافيين والمعجبين. حفلة النجوم الاولى التي أقيمت في قاعة الرياضة في المنزه أول من أمس والتي تبعتها حفلة ثانية أمس حضرها نحو 9 آلاف متفرج فضلاً عن بعض الشخصيات الاجتماعية والسياسية، كانت مفاجئة حتى لمنظمي الحدث. فما أن صعد نجوم الاكاديمية حتى دبت حالة هستيرية في الصالة. رحب الجمهور الذين تألف من فئات عمرية مختلفة غلب عليها عنصر الشباب بالتصفيق والصراخ. لم يكن أي من منظمي الحفلة أو حتى النجوم أو مديرة الاكاديمية رولا سعد التي رافقت طلابها بغية تشجيعهم في امتحانهم الفعلي الاول، يتوقع تجاوب الجمهور الكبير. جهد مئات رجل الامن الذي طوقوا المكان في ان يضبطوا الصالة قدر المستطاع خشية أن يهجم الجمهور الملتهب الى المسرح او ان يسقط احدهم من المدرجات. لم يهدأ جمهور الصالة ولا للحظة واحدة، فترقرقت عينا سينتيا بالدموع تأثراً، وطار بشار فرحاً على المسرح، وارتسمت ابتسامة كبيرة على وجه محمد خلاوي الذي تمايل طرباً للمرة الاولى على المسرح... افتتحت السهرة بأغنية الطلاب الخاصة "جايي الحقيقة" تلتها اطلالة نجم الاكاديمية محمد عطية الذي بدا واثقاً من نفسه، فعرف كيف يتفاعل مع الجمهور ويتواصل معه ويضفي بحيويته المعهودة طابعاً خاصاً. الاغنية الثانية كانت لمحمد خلاوي وميريام الذين قدما "اهواك". غنى الجمهور أكثر مما غنى الطلاب، صفق بحرارة حينما قدم محمد عطية بشار في اغنية "آه يا هوى". غنى بشار بإحساس كبير أغنيته الخاصة، بدا فرحاً، فخوراً، متفاجئاً بالجمهور الذي حفظ اغنيته عن ظهر قلب. بعدها صعدت ميريام وسينتيا وقدمتا مع فرقة الرقص اغنية "فينو" التي تميزت بأسلوبها الاخراجي والاضاءة وشعلات النار التي كانت تتصاعد من جوانب المسرح. وما ان صعدت بهاء، حتى علت الصراخات والهتافات التي اعطت المشتركة التونسية دعماً فبدت متألقة محترفة، عرفت كيف تظهر صوتها الطربي الجميل في اغنية "سحرني". بعد بهاء، جاء دور أحمد الذي كان ينتظره الجمهور، فما ان دخل حتى عصفت في الصالة موجة تصفيق لم تهدأ الا حينما بدأ بالكلام واعرب عن فرحه وفخره بالغناء أمام جمهور بلاده... السعادة التي غنى بها أحمد أعطته سحراً خاصاً فغنى بإحساس لافت. تتالت الأغاني ولم يهدأ الحاضرون. رقصوا وغنوا أكثر مما غنى ورقص النجوم. لم تكف عن التصفيق أكف الجمهور التونسي الذي لم يأت كعادته لاكتشاف موهبة الفنان الضيف، وانما لاعطاء الدعم والثقة ل"نجوم الغد". لم تحتج الحفلة الى عناصر الابهار التي تتميز بها ال"ال بي سي" عادة، علماً ان الاضاءة وفرقة الرقص اضفت جواً مميزاً. الاختلاجات التي تملكت كل طالب فور صعوده الى المسرح كانت وحدها كافية لإبهار الجمهور. تصاعدت الحماسة في الفقرة الأخيرة من السهرة فغنت سينتيا وصوفيا "أنا مريضة"، ثم بشار ومحمد خلاوي "مشكلني". بعدها غنت سينتيا "حبيب قلبي"، وغنى أحمد وعطية "الله عليك يا سيدي". نجح منظمو الحفلة في تقديم توليفة فنية منوعة، غلبت عليها الاغاني الايقاعية التي ترضي جمهور الشباب، لكنها جمعت ايضاً مدلي لداليدا مع سينتيا وصوفيا، و"جاري يا حمودة" التي قدمها أحمد وبهاء كتحية تونسية خاصة، و"مدلي" رحبانية لفيروز تقاسمها بشار مع ميريام وبهاء. اختتمت الحفلة مع أشهر اسكتشات الاكاديمية "بشارنو" التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، اعادة اغنية "جايي الحقيقة". أسدل الستار، خرج النجوم من باب سري قبل نهاية الحفلة وتوجهوا الى الفندق. على الطريق، ووسط المواكبة الامنية المشددة، هنأ الطلاب بعضهم بعضاً كما فعلوا في الحفلة بعد انتهاء كل أغنية. حيوا جهود المنظمين وأستاذهم ميشال فاضل الذي قاد الفرقة الموسيقية وشكروا الجمهور التونسي الذي أعطاهم كل الدفع والدعم. أما القيمون على الحفلة فكانوا فرحين بنجاح الحفلة وهنأوا الطلاب على عبورهم الامتحان الاول بامتياز. وأكد ناجي باز وأمين أبي ياغي شركة "ستار سيستيم" المنتجة للحدث، والمنظم التونسي مراد متاري وشركة "سكوب برودكشن" الذين نظموا الحفلة في تونس ان كل الجهود المضنية التي قاموا بها والتقنيات التي استحضروها من فرنسا وحرصوا على ان تكون بمواصفات عالية، والحملة الاعلامية الضخمة التي أقيمت في تونس وكانت بموازاة حفلة انور ابراهم، أثمرت جهودها. نجحت الفعاليات الثقافية التي نظمت الحفلة ان تعطي صورة جيدة عن قدرة تونس على اقامة حفلات بتنظيم محكم وكسبت رهان ان يكون لحفلات تونس طابعاً خاصاً. يعول المنظمون على حفلة صفاقس حيث سيكون لسحر المكان تأثيراً ايجابياً يتفادوا فيها مشكلة الصوت والصدى التي واجهوها في قاعة تونس. كما ينتظرون حفلات الكويت ومصر المتوقع أن يحضرها 30 ألف متفرج، علماً ان حفلة المنامة تأكدت وستقام في الواحد والعشرين من الشهر الجاري.