استجاب المرشح الديموقراطي الى الرئاسة الاميركية جون كيري لضغوط أعضاء حزبه الذين طلبوا منه استخدام لهجة اكثر قساوة في تصريحاته، في محاولة للرد على اتهامات وجهت اليه بعدم المبالاة في قضيتي الأمن القومي والسياسة الخارجية. وفي خطاب ألقاه كيري السناتور عن ماساشوستس في سياتل مساء الخميس، بدا ان كيري لم يقدم الكثير مما يجعله يتفوق على الرئيس الجمهوري جورج بوش الذي لا يزال متفوقاً عليه كيري في استطلاعات الرأي. ويأتي خطاب كيري غداة تحذير إدارة بوش من تهديد "خطر" بوقوع اعتداء في الولاياتالمتحدة، وبعد خطاب لآل غور المرشح الديموقراطي السابق للرئاسة في انتخابات عام 2000، تضمن انتقادات حادة للسياسة الأمنية الحالية. وفي استعراض للوعود التي قطعها كيري، بدا أنه وضع ضمن أولوياته تجنّب حصول الإرهابيين على أسلحة الدمار الشامل، ما يتطابق مع ما ينادي به بوش. ومما قاله كيري في هذا الإطار: "لدي رسالة اليوم إلى القاعدة وإلى كل إرهابي يختبئ وراء أوهامها: نخوض انتخابات في أميركا لكن ليس لأحد أن يشك في أن هذا البلد موحد في تصميمه على القضاء عليكم". وأضاف: "ليكن ذلك واضحاً جداً ...عندما اصبح القائد الأعلى، سأطلق كل قوى الأمة من اجل تحديد مكان شبكاتكم وتدميرها. سنستخدم كل الموارد المتوافرة من أجل تدميركم". ومضى قائلاً: "عندما أصبح رئيساً سيكون هدفي الأول منع الإرهابيين من الحصول على أسلحة للدمار الشامل ومهمتنا الأساسية ستكون شل وتدمير خلاياكم الإرهابية"، مؤكداً ضرورة "نقل المعركة ضد العدو إلى كل قارة". ثم قال السناتور أن لا بد للولايات المتحدة أن تبقى القوة العسكرية العظمى في العالم. ووعد أيضاً بأن يكشف "في الأسابيع المقبلة خططاً محددة" لبناء قوة عسكرية جديدة قادرة على دحر "الأعداء القدامى ومنع انتشار الأسلحة النووية البيولوجية والكيماوية". وهو ما سبق أن تحدث عنه البيت الأبيض. ثم تناول العلاقات مع السعودية، متهماً إدارة بوش بالتساهل في ما يتعلق بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال المرتبطة به. وقال: "ببساطة: لن نقيم العلاقات المعتادة مع السعودية"، داعياً الرياض إلى اتخاذ إجراءات عملية ضد رجال الدين. وأشار خصوصاً إلى "الذين يشيدون بالارهاب". ومن خلال كلام المرشح الديموقراطي، يظهر أن لا فرق بين مطالبه وتلك التي ينادي بها بوش فيما عدا أنها جاءت بلهجة أكثر حدة، علّه يضرب بذلك على وتر وجدان الشعب الأميركي الذي دخل قبل يومين في دوامة من الخوف مع الإعلان عن خطر هجوم إرهابي يستهدف الولاياتالمتحدة هذا الصيف. إلى ذلك، انتقد السيناتور الديموقراطي أحادية وفردية إدارة بوش واستخدامها للقوة قبل استنفاد الديبلوماسية. وعلى رغم كونه من الذين دعموا الحرب، اكتفى كيري بحض بوش على البحث عن مساعدة دولية للخروج من أزمة العراق من دون أن يتحدث عن أي انسحاب. وأكد أنه "لا يمكن التعامل مع كل المشكلات من وجهة النظر العسكرية". وعبّر عن اسفه لانقضاء مرحلة "كانت أميركا فيها، تتولى القيادة بدلاً من القتال بمفردها وكانت تمد يدها بدلاً من قبضة يدها وكان العالم بأسره يحترمنا". وأضاف أن "العالم يريد اليوم أميركا محترمة وليس أميركا مخيفة فقط"، داعياً إلى بدء "مرحلة جديدة من التحالفات" في جميع أنحاء العالم. ويعتبر حديث كيري عن إعادة بناء التحالفات في الخارج مطلباً للشعب الأميركي. أما في مسألة الأمن القومي التي تشكل محور استراتيجية بوش في حملته الانتخابية، لا يعارض الاميركيون الحصول على مساندة من الخارج لتحقيق ذلك وإن كانوا موافقين على المضي بذلك وحدهم. وعلى رغم إعلانه عزمه بناء تحالفات حول العالم، لم يأت كيري بالكثير في مسألة العراق. ولا يرى القيمون على حملته ضرورة أن يركز عليها في خطبه باعتبار أن بوش هو الذي بدأ الحرب لذلك عليه أن يحصد ما زرع. الاعتماد على النفط اقتصادياً، تعهد السيناتور كيري بإنهاء الاعتماد "الخطير" للولايات المتحدة على نفط الشرق الأوسط، مطالباً بوضع سياسة للأمن القومي تحقق ذلك خلال 10 سنوات، عبر استخدام تقنيات جديدة وبدائل للوقود وفرض ضرائب على السيارات التي تعمل بالوقود. وقال: "من أجل ضمان استقلالنا الكامل وحريتنا الكاملة ولتكون مصائرنا بأيدينا يجب أن نخلص أميركا من اعتمادها الخطير على نفط الشرق الأوسط". واعتبر أن الإدارة الحالية "تجاهلت أن واشنطن فقدت صوتها" عند الحديث عن سياسات وممارسات من جانب بعض دول الخليج، بسبب الاعتماد على النفط "بما في ذلك الدعم الصريح للجماعات الإرهابية".