توقع الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في ضاحية نايفاشا الكينية على اتفاق قسمة الثروة بعد 36 يوماً من المفاوضات بينهما. وباشر الجانبان أمس مناقشة ملف قسمة السلطة وما تبقى من قضايا خلافية مرتبطة بمستقبل المناطق المهمشة الثلاث. وأجرى الرئيس السوداني عمر البشير اتصالين هاتفيين مع نائبه الأول علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية" العقيد جون قرنق اللذين يقودان المحادثات في كينيا، لتهنئتهما بإنجاز اتفاق قسمة الثروة. وتلقى طه وقرنق اتصالاً مماثلاً من المبعوث الرئاسي الأميركي الى السلام في السودان جون دانفورث. وأوفدت الخرطوم أمس وزيري الطاقة الدكتور عوض أحمد الجاز والمال الزبير أحمد الحسن وفريقاً من الإعلاميين والصحافيين لحضور توقيع الاتفاق بعد ظهر اليوم في منتجع سيمبا. واعتبر وزير الدولة للخارجية نجيب الخير اتفاق قسمة الثروة "خطوة متقدمة نحو إقرار السلام النهائي". وقال للصحافيين أمس ان حسم المسألة "سيسهل تجاوز العقبات والقضايا الخلافية في مستقبل المناطق الثلاث واقتسام السلطة". وكشف ان وزارته تلقت تقارير من دول أوروبية عدة تتوقع التوصل الى اتفاق سلام خلال شهر. ورأى ان "بطء عملية السلام أمر طبيعي في سبيل الوصول الى سلام مستدام ومستقر". وشمل اتفاق قسمة الثروة مبادئ عامة تحدد مسؤوليات مستويات الحكم الثلاثة المركزي والاقليمي والولائي واختصاصاتها في التشريع وتحصيل الضرائب وتوحيد السياسات النقدية عبر مصرف مركزي واحد يعمل بنافذتين بنظام اسلامي في الشمال وعالمي في الجنوب. ونص الاتفاق الذي لم يكشف عن كل بنوده بعد على انشاء صندوق لإعمار الجنوب وآخر لإعمار المناطق المتأثرة بالحرب، وقسمة عائدات النفط المنتج في الجنوب مناصفة بين الشمال والجنوب مع تخصيص 2 في المئة من العائدات للمنطقة المنتجة، على أن تخصص عائدات الجنوب من النفط لحكومته الاقليمية من أجل تسيير حكومات ولاياته العشر أثناء الفترة الانتقالية. ويدعو الاتفاق الى انشاء مفوضية قومية للنفط تعمل تحت اشراف الرئاسة ورئيس حكومة الاقليم الجنوبي وتختص بالاشراف على الاستثمار في النفط وابرام العقود مع الشركات. ونفى عضو الوفد الحكومي المفاوض الدكتور أمين حسن عمر وجود ضغوط وراء الاتفاق. وتوقع التوصل الى اتفاق خلال أيام إذا استطاع الجانبان تجاوز القضايا الخلافية. وذكر عمر ان الجانبين توصلا في الماضي الى تفاهم في بعض نقاط ملف قسمة السلطة "وتبقت قضايا تتعلق بتمثيل الجنوب في المؤسسات والوزارات الاتحادية ومؤسسات الحكم في جنوب البلاد والرئاسة وسلطاتها وموعد اجراء الانتخابات ونسب المشاركة في البرلمان الانتقالي ومجلس الولايات". وكشف الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان تفاصيل أخرى في الاتفاق موضحاً ان الطرفين اتفقاعلى طبع عملة جديدة على أن يستمر تداول الدينار وجنيه السودان الجديد لفترة انتقالية في الشمال وفي الجنوب. وسيتم الغاء العملتين بعد طباعة العملة الجديدة. واتفق طه وقرنق أيضاً على أن تخضع المفوضية الوطنية للنفط لاشراف الحكومة الحالية، ومن يمثل "الحركة الشعبية" في مؤسسة الرئاسة. وأكدت مصادر أخرى اتفاق الطرفين على ملكية الأرض، ولجان للموارد والموازنة العامة والسنة المالية. واعتبر عرمان الاتفاق "خطوة ممتازة ستدفع بدماء وقوة جديدة في المفاوضات تساعد في حل القضايا العالقة في المناطق الثلاث، وقسمة السلطة". وقال ان الاتفاق "يحوي الكثير من المؤشرات الايجابية في شأن النظرة الجديدة للثروة وقسمتها في السودان". وأوضح ان "هذه المرة الأولى التي تكون فيها حكومة الجنوب قادرة، وتعتمد على ثروة وموارد، ليس كما حصل في اتفاقية اديس ابابا على المنح وهبات المركز". وأضاف عرمان ان اتفاق قسمة الثروة "يمكن ان يطبق في المستقبل على كل أقاليم السودان، خصوصاً مناطق التهميش مثل دارفور وشرق السودان ومناطق انتاج الثروات مثل مشروع الجزيرة".