نجح "المشاغب" مايكل مور في إثارة غضب البيت الأبيض، فالمخرج الفائز بالسعفة الذهبية عن فيلمه "11-9 فهرنهايت" في الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي كان يتوقع أن تستقبل الإدارة الأميركية فوزه بغضب، لكن هل كان يدرك أنه سيكون سبباً في اختلاف وجهات النظر بين واشنطن وهوليوود؟ هذا ما حصل فعلاً إذ وصف البيت الأبيض الأميركي الفيلم بأنه "مضلل في شكل سافر"، فيما قابلته هوليوود بحماسة كبيرة، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" أمس. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه قد علق على الفيلم قال لوكالة الصحافة الفرنسية "أترون كيف ان الولاياتالمتحدة دولة حرة، وكل واحد يعلن رأيه كما يريد". وقد توقع خبراء صناعة السينما ان يحقق الفيلم نجاحاً كبيراً على رغم ان بعض الكتابات النقدية المبكرة لم تكن في مصلحته. وقال دي ايه بنيبيكر مخرج الافلام الوثائقية للوكالة إن "11-9 فهرنهايت" سيحظى بقدر كبير من الدعاية". فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن دان بارليت مدير الاتصالات في البيت الابيض الاسبوع الماضي قوله ان الفيلم "مضلل في شكل سافر بل انه لا يستحق التعليق". الفيلم سخيف؟ كثيرون في الولاياتالمتحدة لا يشاطرون بارليت هذا الرأي فصحيفة "واشنطن بوست" اعتبرت إن حصوله على السعفة الذهبية للمهرجان "ليس مجرد فوز إنه قنبلة يدوية موجهة نحو البيت الأبيض". على أي حال تبدو آراء وسائل الإعلام الأميركية هي أيضاً متضاربة في شأن فيلم مور، فقد انتقدته مجلة "ديلي فارايتي" المتخصصة في الانشطة الترفيهية ووصفته بانه "منشور سينمائي مكشوف لحملة 2004 الانتخابية وانه فشل في تقديم اي حقائق صلبة". وأبدت مذيعة قناة "فوكس نيوز" المحافظة فرحاً كبيراً برسالة تلقتها جاء فيها: "لم لا يبقى مايكل مور في فرنسا وينزع منه جواز سفره الأميركي". نجح الرجل الأبيض السمين منذ فيلمه الأول "روجر وأنا" 1989 في تكريس صورته كمعارض شرس للسياسات الأميركية وكواحد من الأصوات الناقدة واللاذعة. يكرهه الجمهوريون ويصنفه الديموقراطيون كواحد من "المتطرفين"، ويرفض أعضاء أكبر حزبين في الولاياتالمتحدة خطابه المعارض للحرب الأميركية على العراق. هو الأميركي المناهض للرأسمالية، واحد من وجوه التيار المعارض للعولمة، صوره في كان برفقة الفرنسي جوزيه بوفيه في الأيام الأولى للمهرجان هذا العام جابت العالم واحتلت صفحات رئيسة في المجلات والصحف الأوروبية. الكل يذكر مور حاملاً جائزة الأوسكار عن فيلمه "بولينغ فور كولومبيا" يصرخ: "عار عليك مستر بوش". والكل سيحفظ ما قاله ساخراً بعد أن حمل جائزة كان، مؤكداً أنه يتمنى ألاّ يقرأ الرئيس الأميركي خبر فوزه وهو يتناول البسكويت المالح. آخرون - غير بوش - قرأوا الخبر وعلقوا سلباً، وشعرت لجنة التحكيم أن خيارها لن يمر على خير، فعقد رئيس اللجنة المخرج الأميركي كوانتن تراتينو وبعض الأعضاء مؤتمراً صحافياً الأحد الماضي ردوا فيه على القائلين إن الخيار بني على أسس سياسية وليست فنية، وقال تراتينو: "لو كان فيلم مور سيئاً لعارضت فوزه"، لافتاً إلى اللغة الساخرة التي تطبعه. وقالت الممثلة الفرنسية إيمانويل بيار في المؤتمر إن "11-9 فهرنهايت" ليس مناهضاً للولايات المتحدة بل هو يتحدث عنها بطريقة أخرى، وأكدت إنه فيلم جميل. وعلق بعضهم على حماسة تارنتينو لفيلم مور بالقول: "اقتل بوش -2" في إشارة الى فيلمه الأخير "اقتل بيل". معارض لبوش ولسياسة إدارته، هكذا يمكن أن نصف وباختصار "11-9 فهرنهايت"، وربما كان هذا سبب الحفاوة به، لكن الجدل حوله كان السبب الرئيس في إشاحة التركيز عن أفلام أخرى مناهضة للسياسة الأميركية في العالم لا تقل لغته أهمية عن فيلم مور، ومنها فيلم أميركي يعارض ما بات يعرف بسياسة المكدنة في إشارة الى سلسلة ماكدونالد. مايكل كسب معركته الأولى، كما يرى بعضهم، وهو حالياً لا يخفي رغبته في عرض فيلم "11-9 فهرنهايت" سريعاً كي يؤثر في الناخب الأميركي في انتخابات الرئاسة التي تجرى في تشرين الثاني نوفمبر فيعيد بوش الى مسقط رأسه تكساس.