في حادثةٍ غريبة أثارت تساؤلات فقهية وشرعية، قطع إمام المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي صلاة المغرب بعد أن كبر تكبيرة الإحرام مخاطباً المأمومين بأن انتظروا، ثم خرج مسرعاً تاركاً المصلين خلفه في حال انتظار، ليعود بعد دقيقتين ويصلي بهم من جديد. تلك الحادثة، أحدثت جدلاً لمتابعي المقطع الشهير على موقع «يوتيوب» والمنقول مباشرةً من قناة السنة النبوية السعودية، إذ وصل عدد متابعي هذا المقطع نحو 12 ألف مشاهد، ساقوا من خلال تعليقاتهم أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وآراء فقهية تؤيد تصرف الحذيفي أو تستنكره، خصوصاً أن للحادثة خصوصيةً كبيرة، كونها وقعت في المسجد النبوي الذي يؤمه المسلمون من كل بقاع الأرض. وأوضح عميد كلية الشريعة في الرياض سابقاً الدكتور سعود الفنيسان أن تصرف إمام المسجد النبوي صحيح، وليس مخالفاً للسنة النبوية، لكونه محدثاً لا تجوز صلاة المأمومين خلفه إلا بطهارة، إلا أنه رأى أن الأفضل والأولى أن يأمر أحد المأمومين خلفه بإمامة الناس ليكمل بهم الصلاة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى». واستدل الفنيسان في حديثه إلى «الحياة» بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري حينما ذهب للإصلاح بين قبيلتين في قباء وأمر بلال بن رباح بأنه في حال تأخره أن يؤذن ويتقدم أبو بكر للصلاة، ثم جاء النبي وأبو بكر يصلي بالناس مخترقاً الصفوف، فصفق الناس في إشارةٍ إلى قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى وصل إلى الصف الأول فتأخر أبو بكر غير أن النبي أشار إليه بإكمال الصلاة فامتنع فأكمل النبي الصلاة، فصلى الناس بإمامين. وقال الفنيسان إنه في العصور المتأخرة وفي حالي المسجد الحرام والمسجد النبوي يقف خلف إمام الحرمين أكثر من إمام، وأضاف:» فلو أوكل الحذيفي من خلفه للصلاة بالناس لكن ذلك أولى من أن ينتظروه»، مرجحاً أن يكون ذلك قد غاب عن ذهنه. وبين أنه لحساسية هذه الحادثة في المسجد النبوي التي قد تشكل على الناس، فكان من الأفضل أن يبين الشيخ الحذيفي الحكم الشرعي بعد فراغه من الصلاة لمن خلفه من المصلين، ويؤكد لهم عدم مخالفته للسنة في ذلك كما ورد في حديث أبي هريرة في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة فلما كبر انصرف وأومأ إليهم أي كما أنتم ثم خرج فاغتسل ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما صلى قال:»إني كنت جنباً فنسيت أن اغتسل».