عندما تقرأ هذه الكلمات تكون أربع دول عربية في لحظة الذروة لاختبار جديد لصورة العربي في العالم. اذ يكتشف هذا العالم اليوم الدولة التي نالت "الجائزة الكبرى" لتنظيم مونديال 2010. لا تهم كثيراً حظوظ المغرب أو مصر في زحزحة أي مرشح آخر لنيل شرف التنظيم. ولا يهم كثيراً ماذا جنت تونس أو ليبيا بعد الترشح ثم الخروج من اللعبة. المهم اليوم ان قرابة بليون مشاهد، العاشقين لكرة القدم، سيكتشفون عبر شاشات كل الدنيا، ان هنالك 4 دول هي المغرب ومصر وتونس وليبيا، من الضفاف العربية للشمال الافريقي، عزمت على استضافة أهم حدث كروي وعالمي، مونديال كرة القدم. انها صورة حديثة للعرب، مثيرة للاعجاب والتقدير، تقطع مع صور الحروب والتعصب والارهاب وذبح للمدنيين على شاشة التلفزيون، تعبق بالحياة وتحتفل بالشباب وتنتصر لمتعة كرة القدم. كانت كلمات زملائي الصحافيين الرياضيين الاجانب، عندما نلتقي في الدورات الرياضية الكبرى، تصدمني. الزميلة الكولومبية فاليريا رودريغيز قالت لي بلكنة فرنسية وروح لاتينية ان اكتشافها للعرب كان عبر الحرب العراقية الايرانية وأهوالها. اما الآخر الآتي من البرازيل فروى ان واجهة نادي سانتوس، الحصن الحصين للملك بيليه، كتب عليها عشاق الكتابة على الجدران "تسقط اميركا ويحيا رمز المقاومة" وذكروا اسم اسامة بن لادن... كان زميلي يعتقد ان جسر التواصل مع العرب لا يمر إلا عبر كره اميركا أو الحديث عن المقاومة، وأية مقاومة؟ عاش شباب العرب، في السنوات الأخيرة، على وقع مسلسل مكسيكي مثير للاعصاب، ويحمل في حلقاته الطويلة استفزازاً للكرامة. اذ خضعت دول عربية واسلامية لجولات وجولات من المراقبة والتفتيش بحثاً عما سمي بأسلحة الدمار الشامل والاسلحة المحظورة. وما زالت دول أخرى تعاني من الزيارات والضغوط والابتزاز. كانت ولا تزال أياماً عصيبة وسيئة لمشاريع التنمية ومخيبة لآمال الشباب العربي الذي يمثل أكثر من 60 في المئة من سكان المنطقة العربية. جاءت لجان التفتيش للاتحاد الدولي لكرة القدم. زارت الدول العربية المترشحة. استقدمت الفنيين والخبراء القانونيين ومدققي الحسابات، قابلت كبار المسؤولين والرياضيين وشريحة من المواطنين، راجعت دراسات الصندوقين الدوليين وتقويمهما لقدراتها الاقتصادية والمالية ونسب المخاطر فيها. كانت هنالك مجاملات وعبارات ديبلوماسية ما بين أصحاب الأرض وأعضاء لجان التفتيش. شعرت الدول الأربع بأنها أمام اختبار حقيقي، لا يفيد فيه تمرينها اليومي في مخاطبة شعبها بالغث والسمين. حانت لحظة اعلان نتائج الامتحان، فحصلت مصر على علامة الامتياز والمغرب على رتبة جيد جداً وتونس على علامة جيد... والحسم اليوم.