خبرة المغرب الذي اكتسبها من خلال ترشحه لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم أعوام 1994 و1998 و2006، جعلته يسبق بقية الدول العربية الأخرى المرشحة معه لاستضافة مونديال 2010 للمرة الأولى في افريقيا، وهي مصر وتونس وليبيا، الى العمل الجاد والترويج المثمر لملفه، "الأقرب" وفقاً لاستطلاعات الرأي الأولى، لمنافسة ملف جنوب افريقيا على نيل شرف تنظيم هذا المحفل الكبير على أرضه. وقبل ان يتقدم المغرب بملف ترشيحه في 30 أيلول سبتمبر الماضي، ضمن تضامن قوى كبرى على رأسها فرنسا وبلجيكا والبرتغال واسبانيا أوروبياً، والمملكة العربية السعودية عربياً، والسنغال افريقياً. ووقوف فرنسا الى جانب المغرب جاء ببيان رئاسي من الرئيس جاك شيراك نفسه خلال زيارته الى هذا البلد العربي أخيراً، ومساندة السعودية جاءت بفضل كلمات ولي العهد الأمير عبدالله بن العزيز حين زاره في الرياض وفد رياضي رفيع المستوى قبل فترة وجيزة من تقديم الملفات... قبل ان يزور الوفد الامارات وقطر للغرض ذاته. وفي هذه الأيام، يزور وفد مغربي البحرين للترويج لحملة الاستضافة برئاسة رئيس لجنة الترشيح سعد الكتاني، وعضوية محمد اوزال رئيس المجموعة الوطنية لكرة القدم رئيس اتحاد ألعاب القوى، ومحمد زغاري المسؤول التقني للملف. وجاء لقاء الوفد المغربي مع الشيخ فواز بن محمد رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة، والشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة رئيس اتحاد الكرة، مثمراً للغاية وفقاً للتقارير الصحافية الواردة من هناك... والدليل ما أكده الأخير حين قال: "اننا على ثقة من ان ملف المغرب وفق ما اطلعنا عليه من قبل المسؤولين عن ملف الترشيح، يتمتع بمقومات وعوامل الفوز والنجاح، وهو شرف عظيم لنا ان يحظى بلد عربي ومسلم بشرف الفوز بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم". ربما حملت الكلمات بعض المجاملة ورآها آخرون أنها "تعليق للموقف الرسمي"، وكلها أمور منتظرة حتماً في مثل هذه اللقاءات... لكن الأكيد أن تأثير الزيارة الباكرة سيكون أفضل كثيراً من حال السكون التي تشهده حملة الدعاية للملفات الثلاثة الأخرى. الكتاني أكد ان بلاده ماضية حتى الرمق الأخير من أجل أن تكون أول دولة عربية وافريقية تستضيف هذا المحفل العالمي الكبير، لكنه أكد في الوقت ذاته أن المغرب على استعداد تام لسحب ترشحه في حال "وجدنا أن ملف احدى الدول العربية الأخرى أقوى وافضل من ملفنا وسنقف الى جانبه ونسانده بكل ما أوتينا من قوة، لكننا نطالب في الوقت ذاته بان تسحب الدول العربية ترشيحاتها اذا ما اقتنعت بان الملف المغربي هو الاقوى، لأنه إذا فرطنا كعرب ومسلمين في هذه الفرصة فانها لن تتاح لنا الا بعد ربع قرن من الزمن". كلام رئيس لجنة الترشيحات المغربية منطقي جداً ومعقول، لكننا نقول له منذ الآن أنه لن يلقى أي آذان مصغية... لأنه لو كانت النية موجودة لأتفق العرب على مرشح واحد أو أثنين على أكثر تقدير منذ البداية، ولانتهى الاجتماع التنسيقي الذي عقده الاتحاد العربي مع ممثلين عن الدول المرشحة التي تنضوي تحت لوائه قبل أشهر في القاهرة بالأحضان والقبلات وباتفاق "جنتلمان" حتى لو كان صورياً... لا بعراك وصراخ ورفع شعار "وأنا مالي ما ينسحب غيري"، ما دفع الاتحاد العربي الى اتخاذ قرار بعدم التدخل في هذه المسألة مستقبلاً... لكن مسؤوليته التاريخية فرضت عليه ان يعيد الكرّة عندما أوفد وفداً برئاسة الشيخ عيسى بن راشد في جولة الى القاهرة والمغرب وتونس، وقبل ان يعلن الساعدي القذافي أنه لن يستقبل هذا الوفد إذا ما وصل الى ليبيا! المغرب اجتاز مرحلتين من اصل ثلاث، الاولى اعداد وتقديم الملف والثانية زيارة لجنة التفتيش... وبقيت الثالثة وهي تحركاته وجولاته لكسب التأييد والاصوات واقناع المؤثرين وصناع القرار لدى اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي والمخولة اختيار الدولة المضيفة في أيار مايو المقبل حين تجتمع في باريس... وهو بدأها فعلاً قبل الآخرين باستثناء جنوب افريقيا طبعاً. لقد تعلم المغرب كثيراً من تجاربه السابقة، فسبق الآخرين وصار جاهزاً أكثر من أي وقت مضى لدخول التحدي المرتقب، خصوصاً بعدما حصر الاتحاد الدولي الترشيح بقارة افريقيا. شعار ملف المغرب ارتكز على "النزاهة واللعب النظيف"، ولذا فانه لا يعير أي اهتمام لمسألة تعاطف اللجنة التنفيذية مع جنوب افريقيا... ولا يجب ان ننسى أو نتناسى أنه استعان بخبرات الاميركي الن روثنبرغ رئيس اللجنة المنظمة لمونديال الولاياتالمتحدة في عام 1994، وعينه مستشاراً للترويج على أمل بأن ينجح في جذب بعضاً من الأصوات المخصصة للأميركتين خصوصاً لمصلحة المغرب، ومن دون ان نغفل، حُكماً، أنه جند نجومه العالميين هشام الكروج ويونس العيناوي وصلاح الدين بصير وكل مواطن مغربي آخر في الخارج من أجل تحويل هذا الحلم الذي يرواده منذ ربع قرن واقعاً ملموساً في عام 2010. خيراً فعل المغرب حين بدأ تحركاته باكراً واستفاد من خبراته وتجاربه الميدانية من المرات السابقة، في وقت لا نزال نتنظر أشياء كثيرة غير الكلام من بقية الدول العربية المرشحة لاقتناص فرصة شرف تنظيم هذا الحدث للمرة الأولى... إذا ما أردنا فعلاً تقليص فرص جنوب افريقيا التي يبدو، والله أعلم أنها باتت تسبقنا بكثير!