تجرى غداً الانتخابات البلدية في جبل لبنان وسط توقعات بأن تحمل النتائج اكثر من مفاجأة، بعد أن انقسمت المعارضة المسيحية لقاء قرنة شهوان، والتيار الوطني الحر - العماد ميشال عون على نفسها في معظم البلدات والقرى وتعاونت في أخرى وخصوصاً في دائرة المتن الشمالي، وفي ضوء اشتداد المنافسة بين النائب وليد جنبلاط وبين الوزير طلال ارسلان في الشويفات، وتعذر الائتلاف بين حركة "أمل" و"حزب الله" في الضاحية الجنوبية واستمرار لعبة خلط الأوراق في البلديات المسيحية في ساحل المتن الجنوبي - بعبدا. إضافة الى تبدل التحالفات في القرى ذات الغالبية السنّية في اقليم الخروب قضاء الشوف. فالمعارضة أضحت معارضات في كسروان وجبيل والمتن الشمالي الذي يشهد معركة حامية بين لقاء قرنة شهوان، وبين النائب ميشال المر، واقتصر تحالف قواها على ست بلدات في مقابل خوضها المعركة على لائحتين في المناطق الأخرى. وفيما رفضت مصادر في حركة التجدد التعليق على ما يتردد من حصول تناغم بلدي بين الرئيس أمين الجميل والمر، قالت أوساط في "التيار العوني" ان لعبة تبادل الأصوات ناشطة بين الطرفين، وهذا ما دفع بالنائب بيار الجميل الى التهديد بالانسحاب من المعركة، بحسب ما أبلغ البطريرك نصرالله صفير، والتحضير لعقد مؤتمر صحافي. لكنه عدل عن ذلك بعد اتصالات تولتها أطراف في "لقاء القرنة". وفي دير القمر الشوف، المنافسة حامية بين رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون المتحالف مع جنبلاط والعونيين وبين تحالف العميد المتقاعد أدونيس نعمة والمحامي ناجي البستاني. وكذلك الحال بالنسبة الى الدامور حيث المعركة محصورة بين انطوان غفري الذي يحظى بدعم أساسي من جنبلاط وقوى أخرى وبين شارل غفري على رأس لائحة تجمع قوى معارضة. أما في جبيل، فتدور المنافسة بين ثلاث لوائح، الأولى مدعومة من الوزير جان لوي قرداحي، والثانية من تحالف العونيين والكتلة الوطنية والثالثة من شخصيات جبيلية، بينما ينتظر أن تحتدم المنافسة في جونيه بين 3 لوائح يؤيد الأولى النائبان جورج افرام ومنصور غانم البون ضد ثانية تحظى بدعم من الوزير فارس بويز وفريد الخازن والثالثة تضم التحالف الكتلوي - العوني. أُطلق أمس مختار مزهر ومجذوب عقل نهرا وعضو المجلس البلدي سامي بوسابا وسليمان سليمان وإميل بوسابا الذين أوقفتهم السلطات اللبنانية بتهم شراء اصوات ناخبين عشية الاستحقاق البلدي في جبل لبنان، وكان وفد من أهالي بصاليم مزهر ومجذوب زار البطريرك الماروني نصرالله صفير امس وأطلعه على ظروف اعتقال مختار البلدة ورفاقه، ونقل عن صفير استنكاره هذا التصرف ووعده بمراجعة المسؤولين للافراج عنهم. كما زار الوفد للغاية نفسها متروبوليت بيروت المطران الياس عودة. وكان صفير التقى عميد الكتلة الوطنية كارلوس إده الذي شدد في تصريح له على "ضرورة اعتماد العازل خلال عملية الاقتراع"، وقال: "بعض المحسوبين على الاجهزة تسهل له الدولة أموره لجهة تأمين البطاقات، سمعنا تأكيدات من وزارة الداخلية بأنها تقف على الحياد لكن يبدو ان وزير الداخلية غير مطلع على كل الامور وسنبلغه ذلك". وعقد النائب فريد الخازن مؤتمراً صحافياً في الكسليك قال فيه إن "على السلطة ان تكون حريصة على مراقبة الرشوة وشراء الاصوات"، منتقداً أداء البلدية الحالية في جونيه، ومتحدثاً عن "أموال ترمى مما يجعلنا نعرف سلفاً نتيجة انتخابات الأحد". وقال: "ان مشروع آل افرام في جونيه تجاري جدواه الاقتصادية بلدية جونيه". بري: "لا طرق عسكرية" لأي ناخب واعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري "ان الاستحقاق البلدي يحتاج الى جهد مخلص من اجل انتاج بلديات لديها برامج لتحسين الواقع البلدي وتنميته، بلديات ذات معايير وطنية لا فئوية، تتألف من اشخاص لا يبحثون عن وجاهة، ولا عن مقاعد في الصفوف الامامية بل يتقدمون الناس الى العمل". وأكد خلال احتفال لحركة "أمل" في المصيلح ان هذا الاستحقاق "هو اختبار لمجموع كوادر "أمل" من اجل الانضباط السلوكي والمسلكي بما يؤكد ان لا احد فوق التنظيم لا رئيساً ولا وزيراً ولا نائباً ولا مديراً، وان لا خصوصية لأحد ولا طريق عسكرية يمر عبره اي ناخب ليصنع القرار البلدي من فوق من دون الأخذ في الاعتبار آراء الجميع". وتجرى اليوم محاولة أخيرة لانقاذ الائتلاف البلدي بين حركة "أمل" و"حزب الله" في البقاع والجنوب بعد ان تعثر نهائياً في الضاحية الجنوبية برج البراجنة، حارة حريك، الغبيرة وحل مكانه تعاون بين الحزب والنائب باسم السبع، الذي قرر عدم التدخل في الغبيرة التي تشهد معركة بين لائحة الحزب وبين لائحة مدعومة من "أمل" ورياض رعد. وعلمت "الحياة" ان اجتماعاً يعقد اليوم بين الوزير علي حسن خليل مسؤول ملف الانتخابات في "أمل" ونائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في محاولة لانقاذ الائتلاف بعدما اخفقا في اجتماع أول من امس، في التوصل الى قواسم مشتركة خصوصاً بالنسبة الى بعلبك وشمسطار والهرمل في البقاع يمكن ان تفتح الباب امام اعادة الائتلاف في الجنوب. وذكرت مصادر حزبية ان لقاء خليل - قاسم لم يسجل اي تقدم وتزامن مع معلومات شبه مؤكدة عن احتمال التوصل الى ائتلاف في شمسطار بين الحزب والرئيس حسين الحسيني. وكشفت المصادر النقاب عن ان الاجتماعات بين الحسيني والنائب في "حزب الله" حسين الحاج حسن تتواصل وانهما توصلا الى اتفاق غير نهائي يقضي بإسناد رئاسة البلدية الى فاضل الحاج حسن من مناصري الحسيني. وأحدثت هذه المعلومات ضجة في صفوف العائلات التي كانت تحالفت في الانتخابات البلدية السابقة مع الحزب ضد اللائحة المدعومة من الحسيني، خصوصاً انها فوجئت باللقاءات القائمة بينهما من دون التشاور معها. وبالنسبة الى بعلبك تتمحور المشكلة حول اصرار "حزب الله" على ترشيح محسن الجمال لرئاسة البلدية، معتبراً انه من المستقلين بخلاف "أمل" التي تتعامل معه على انه من الحزب. وإذ تحدثت المصادر عن صعوبة التوصل الى تفاهم اذا استمرت المواقف على حالها، قالت في المقابل ان "أمل" تسعى الى الائتلاف وتنظر الى التوافق في البقاع كأساس لتعميم التجربة في الجنوب. ولفتت مصادر "أمل" نقلاً عن مسؤولين كبار في الحركة، الى انها ستحاول في حال تعثر الائتلاف الى "السعي لتنظيم الخلاف رغبة منها في الحفاظ على الهدوء والاستقرار في الجنوب، خصوصاً ان تواجد الطرفين يستدعي ضبط النفس وعدم الانجرار الى حوادث فردية يمكن ان تترتب عليها صدامات تفضل ان يكون الجنوب في هذا الظرف الدقيق في منأى عنها". الأحزاب تتضامن مع الكتائب وزار امس وفد من الاحزاب بيت الكتائب والتقى رئيس الحزب الوزير كريم بقرادوني، وقدر له موقفه من الانتخابات البلدية في بيروت. وقال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي ان الزيارة تضامنية وشكلت قراءة أولية لتأسيس جبهة حزبية سياسية نواتها الاحزاب الخمسة. واستمرت أمس الاتصالات لتوحيد المعارضة البيروتية في لائحة بلدية واحدة ضد لائحة وحدة بيروت. وعلمت "الحياة" من مصادر المرشح عبد الحميد فاخوري ان المفاوضات مع رئيس لائحة المعارضة خالد الداعوق لم تصل الى نتيجة، ويتجه فاخوري الى إعلان لائحة ثالثة خلال الساعات المقبلة. الحص: صفقة ملك وأمراء وأطلق رئيس الحكومة السابق سليم الحص موقفاً حاداً من مجرى المعركة الانتخابية في بيروت بعد اعلان اللائحتين، قائلاً: "يقول المثل العامي ان العين لا تقاوم مخرزاً، والمخرز في هذه الحال هو تضافر قوى شملت تدخلاً مُعلَناً من جهاز امني بنفوذه العريض، ودوراً نشطاً من تجمع الأحزاب الستة، وسطوة الهيمنة المالية والإعلامية المعهودة، ومباركة من مراجع دينية معينة، وترافقت كلها مع انتقال قوى سياسية معروفة من ضفة الى ضفة على مسرح المواجهة البيروتية. فخلت الساحة من المنافسة الحقيقية الا من قوى تفتقر الى رصيد او صدقية او قواسم مشتركة في ما بينها سياسياً ووطنياً". وأضاف: "هكذا حكمت الساحة صفقة بين ملك وأمراء، أحيطت برعاية وإرادات عُليا زمنية وروحية، مدنية وأمنية. فحسمت المعركة، أو كادت، على صعيد رأي عام تعتمل فيه عصبيات غير صحية يحرص اقطاب الزمن الرديء على استغلالها في كل مناسبة بلا وازع ولا رادع. فلم يعد للمنافسة الديموقراطية الحقيقية مُتّسع او حتى متنفس. وكل ذلك باسم حفظ الساحة من مغبة معركة حامية. يا للمفارقة، نتغنى بالديموقراطية ونخاف منها".