ادلى اقطاب الحزب الحاكم في فرنسا بسلسلة تصاريح في الساعات ال48 الاخيرة، ابدوا فيها معارضتهم لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، فيما وضعت انقرة "يدها على الجرح"، معلنة ان تلك التصاريح ناجمة عن "اسباب محلية" في اشارة الى انتخابات البرلمان الاوروبي القريبة والتي يرغب اليمين الحاكم في فرنسا في الافادة منها لاستعادة مواقع خسرها في الانتخابات المحلية الاخيرة. تفادى وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه امس، نقض تصريحات في اوساط الحزب اليميني الحاكم في شأن معارضة فرنسا انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، لكنه اشار الى ان امر التفاوض مع انقرة في شأن الانضمام مرهون بتقرير سيصدر عن المفوضية الاوروبية الخريف المقبل، ويتقرر بنتيجته ما اذا كان مثل هذه المفاوضات يمكن ان يبدأ. وجاء تصريح بارنييه عقب محادثات عقدها في باريس مع نظيره التشيخي سيريل سفوبودا غداة نقل صحيفة "لو فيغارو" عنه معارضته انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي في المستقبل القريب. ونسبت الصحيفة إلى بارنييه قوله أمام الجمعية الوطنية الفرنسية: "لا مجال لدخول تركيا الاتحاد الاوروبي على المدى القريب أو المتوسط في ضوء الظروف الراهنة". وتزامن ذلك مع إعلان رئيس حزب "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية" الحاكم آلان جوبيه عن ان حزبه لا يرغب في بدء مفاوضات على انضمام تركيا الى الاتحاد بحلول نهاية السنة. وأكد جوبيه ان الدول القريبة من الاتحاد "ليست مرشحة للانضمام الى عضويته، لأن ذلك من شأنه ان يشوّه طبيعته". ورأى ان من الممكن الاستعاضة عن ذلك "بشراكة مميزة تقترح على تركيا وعلى دول المغرب الجنوبية والدول المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي". واعتبر كلام جوبيه هذا بمثابة تراجع عن موقف دافع عنه الرئيس جاك شيراك تكراراً، باعتباره من المتحمسين لضم تركيا الى الاتحاد، شرط التزامها بالمعايير المحددة في معاهدة كوبنهاغن، خصوصاً ما يتعلق بالديموقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق. كذلك قال فرانسوا باروان الامين العام للحزب الحاكم في فرنسا لإذاعة "اوروبا 1": "نقول بوضوح شديد: لا لاندماج تركيا في الاتحاد الاوروبي". وأضاف: "نقول نعم لتوسعة الاتحاد الى حدود معينة، وقد يشمل ذلك بلغاريا ورومانيا، بعدها سنبحث الامر. ستنتظر تركيا ولكنها تتعاون بالفعل مع أوروبا". ويذكر ان تركيا كانت حازت وضعية العضو المرشح للانضمام الى الاتحاد الأوروبي خلال قمة هلسنكي الأوروبية سنة 1999. غايات انتخابية وقلل وزيران في الحكومة التركية من أهمية التصريحات الفرنسية وقالا إنها ناتجة من اسباب محلية. وقال وزير الخارجية التركي عبدالله غل للصحافيين في أنقرة: "نظراً الى اسباب سياسية محلية، فإن من الممكن أن تصدر بعض الكلمات التي تجنح إلى المبالغة". وأضاف: "اتخذنا استعداداتنا. ففي فترة قصيرة سنرفع إلى البرلمان اقتراحاتنا الخاصة بالتغييرات الدستورية في القانون والتي طلبها الاتحاد الاوروبي". كما قلل وزير العدل التركي تشيميل تشيشيك من أهمية التصريحات الفرنسية، قائلاً انه يأمل في أن تتغير وجهات نظر باريس بمجرد انتهاء انتخابات البرلمان الاوروبي. واعتبر ان موقف الحزب الحاكم في فرنسا يندرج في صلب حملة الانتخابات الأوروبية المقرر عقدها في 13 حزيران يونيو المقبل ويهدف الى تجنيب حزبه خلالها، هزيمة مماثلة لتلك التي واجهها في الانتخابات الإقليمية الأخيرة. والمرجح ان المسؤولين اليمينيين ارادوا الالتفاف على المحور الذي بدأ يتبلور في اطار الاستعداد للانتخابات الأوروبية، ويتكون من حزب "الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية" يمين وسط والسياديين الممثلين برئيس "الحركة من اجل فرنسا" فيليب دوفيلبيه وأيضاً بعض رموز حزب "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية"، اضافة الى اليمين المتطرف الذين يلتفون جميعاً عند رفض انضمام تركيا الى عضوية الاتحاد الذي يعتبر بمثابة "نادٍ مسيحي" لا مكان في اطاره لنحو مئة مليون مسلم تركي. ومن السابق لأوانه تقدير جدوى مثل هذا الالتفاف على الصعيد الانتخابي، لكنه كفيل بإثارة بلبلة داخلية كونه يضع "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية" على تباين مع الموقف الرسمي المعلن لزعيمه، الرئيس الفرنسي جاك شيراك، كما انه كفيل بإثارة بلبلة اوروبية حول حقيقة الموقف الفرنسي من الموضوع التركي.