شهد أمس هدوءاً حذراً في المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة ليل أول من أمس بين أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقوات "التحالف". ففي مدينة الصدر غرب بغداد قُتل 7 عراقيين في اشتباكات وقصف جوي أميركي. وفي الناصرية قتل 15 عراقياً، وفي كربلاء قتل 7 عراقيين و5 ايرانيين. ودعا نائب قائد العمليات في قوات "التحالف" الجنرال مارك كيميت مقتدى الصدر الى الاستسلام متوعداً ب"تدمير جيش المهدي" التابع للصدر. قال نائب قائد العمليات في قوات "التحالف" الجنرال مارك كيميت ان استسلام الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هو الطريقة الوحيدة التي يمكن ان يساعد فيها رجل الدين على عودة الهدوء في العراق، موضحاً في مؤتمر صحافي في بغداد "إذا أراد الصدر تخفيف حدة العنف وعودة الهدوء، فبإمكانه ذلك. عليه ان يسلم نفسه لأحد مراكز الشرطة المحلية ويواجه العدالة". من جهة أخرى، هدد كيميت ب"تدمير" ميليشيا "جيش المهدي" التابعة للصدر. وقال: "سنشن هجمات للقضاء على جيش المهدي"، واضاف: "ستكون عملياتنا الهجومية موجهة ومحددة وقوية، وستنجح". وتابع: "في ما يتعلق بالمناطق في وسط العراقوجنوبه غالبية شيعية فإننا سنواصل محاربة جيش المهدي وسنحقق نجاحاً". واوضح: "نتعلم أكثر فأكثر عن جيش المهدي، كيف يعمل وأين ينشط وضد من". ولفت الى ان "قوات التحالف لا تخوض معركة على جبهتين". وأوضح ان "قوات التحالف في محافظة الانبار غرب بغداد تعمل على احلال الامن. وذلك يجري بشكل جيد حتى الآن". مقتل 15 في الناصرية في الناصرية قتل الثلثاء 15 عراقياً، بينهم ثلاثة من عناصر "جيش المهدي"، في مواجهات مع القوات الايطالية، واستعادت الشرطة العراقية السيطرة على شمال المدينة من قوات ميليشيا الصدر. وكان مصدر طبي ذكر الثلثاء ان عشرة عراقيين قتلوا وجرح 37 آخرون في المواجهات. وكان الهدوء عاد ليل أول من أمس الى المدينة بعد المواجهات التي استمرت حتى ساعة متأخرة. وقال الضابط في الشرطة العراقية ضياء عبدالله ان الحياة عادت الى طبيعتها صباح الاربعاء، موضحاً ان المحلات التجارية فتحت أبوابها واستؤنفت حركة السير في الشوارع الكبرى في المدينة. واكد هذا الضابط انه تم التوصل الى اتفاق بين القوات الايطالية والمسؤولين المحليين في الناصرية لنقل سلطة حفظ النظام ومراقبة الطرق تدريجياً الى الشرطة العراقية. وكانت هيئة الاركان الايطالية اعلنت الثلثاء عن هذا الاتفاق من روما. وقال عبدالله ان هذا الاتفاق، ومدته 48 ساعة، يفترض ان يسمح للشرطة العراقية بطرد أنصار الصدر من شمال المدينة، على ان تسلم الشرطة مواقع أنصار الصدر تدريجياً الى قوات "التحالف". واكد ان انصار الصدر لا يشاهدون في شوارع المدينة لانهم موجودون في مكاتبهم او خارج المدينة. وتجوب سيارات الشرطة العراقية شوارع المدينة التي لم يسجل فيها وجود لسيارات او أفراد ميليشيا الصدر. وأعلن قائد القوة الايطالية في الناصرية الجنرال الايطالي ماركو كياريني ان الشرطة العراقية استعادت السيطرة على شمال المدينة، وأكد ان الوضع هادئ فيها .وأشار الى اتفاق تم بين ممثلة التحالف في جنوبالعراق، الايطالية باربارا كونتيني، والشرطة العراقية ووجهاء المدينة على ان يتم تطبيقه على مدى يومين .وقال: "اذا سمح الوضع سنسلم المواقع التي نشغلها الآن في المدينة الى الشرطة العراقية"، مشيراً الى ثلاثة جسور على الفرات تتمركز فيها القوات الايطالية منذ بداية المواجهات .وأضاف: "نريد عودة الهدوء حتى نستأنف دورياتنا والعمل الانساني". وأكد كياريني ان 12 جندياً ايطالياً اصيبوا في بداية المواجهات مع ميليشيا الصدر نقل ثلاثة منهم الى ايطاليا لخطورة اصاباتهم، كما اصيب ثلاثة جنود برتغاليين وقال الناطق باسم القوة الايطالية الكولونيل جوزيبي بيروني: "اعتقد ان سكان المدينة رهينة لهذه الميليشيا" . وتسيطر الشرطة العراقية حالياً على المدخل الشمالي للمدينة حيث تتمركز ثلاث آليات على متنها حوالى 12 من رجال الشرطة. وتقوم الشرطة ايضا بإزالة مخلفات المعارك التي جرت الثلثاء في المدينة، بينما كان الوضع على الضفة الجنوبية لنهر دجلة هادئاً. وتسيطر القوات الايطالية على جسر الزيتون، احد جسرين يربطان بين قطاعي الناصرية. وتمركزت أربع دبابات على الجسر الذي انتشر عليه جنود ايطاليون واقاموا حاجزاً لتفتيش السيارات والمارة. من جهة أخرى، نفى ممثل مقتدى الصدر في الناصرية الشيخ اوس الخفاجي تورط "جيش المهدي" بخطف الكوريين العاملين في منظمة غير حكومية في المنطقة. وقال ل"الحياة" أمس: "عملنا على تخليص الكوريين من أيدي عصابات السلب، ووفرنا لهما الحماية وأوصلناهما الى أحد فنادق المدينة"، مشيراً الى "وجود جهات خفية تعمل على إفشال اتفاق وقف النار الذي عقد أول من أمس بين أنصار الصدر والقوات الايطالية". كربلاء: مقتل 5 ايرانيين و3 عراقيين في كربلاء ذكرت مصادر طبية وأمنية ان ثلاثة عراقيين، بينهم مرتضى الموسوي رئيس مكتب مقتدى الصدر في المدينة قتلوا خلال اشتباكات وقعت ليل الثلثاء - الأربعاء. كما قتل خمسة ايرانيين حين فتحت قوات النار على سيارة عند نقطة تفتيش قرب كربلاء. وأوضح ناطق باسم الشرطة ان الحادث وقع ليل أول من أمس حين تخطت السيارة التي يستقلها الضحايا نقطة تفتيش قرب كربلاء. يذكر ان آلاف الايرانيين وصلوا الى العراق قبل حلول ذكرى اربعينية الامام الحسين بن علي التي يتدفق خلالها ملايين الشيعة على كربلاء. وأكد مدير صحة محافظة كربلاء الطبيب صالح الحسناوي ان خمسة ايرانيين وثلاثة عراقيين قتلوا وجرح 16 شخصا آخرين في مواجهات ليل الثلثاء - الاربعاء في المدينة. واوضح مصدر في الشرطة ان الايرانيين الخمسة كانوا في حافلة صغيرة كانت تمر أمام مبنى محافظة كربلاء عندما تعرضت لنيران عن طريق الخطأ. وأضاف ان المواجهات التي "استخدمت قذائف مضادة للدبابات آر بي جي والاسلحة الخفيفة والرشاشات تركزت خصوصاً في مناطق حي الموظفين وحي الاسكان وحي الأسرة القريب من القاعدة البلغارية". وتابع ان "مسلحين كانوا يترصدون قوافل القوات البولندية بين الازقة والشوارع ويطلقون عليها نيران اسلحتهم". وقال ناطق باسم القوات البولندية التي تقود فرقة متعددة الجنسية في المنطقة اللفتنانت كولونيل روبرت سترزيليكي ان الاشتباكات التي وقعت مع ميليشيات الصدر أثناء الليل انتهت فجر أمس، مشيراً الى مقتل سبعة عراقيين واصابة خمسة من عناصر الشرطة العراقية، غير أنه لم تقع اصابات في صفوف القوات البولندية. وكانت شوارع المدينة خالية والمكاتب الحكومية والمدارس والمحلات التجارية مغلقة، بينما تحصن عدد من الجنود البولنديين في مبنى المحافظة الذي بدا خالياً من الموظفين العراقيين ورجال الشرطة. مدينة الصدر: مقتل سبعة عراقيين في غارات اميركية واشتباكات الى ذلك، اعلن مدير مستشفى الثورة العام قاسم مذكور أمس مقتل سبعة عراقيين في اشتباكات الثلثاء في مدينة الصدر. وأوضح ان اربعة سقطوا في غارات شنتها طائرات اميركية ليل الثلثاء - الاربعاء على حي قيارة في مدينة الصدر أسفرت ايضا عن جرح سبعة عراقيين آخرين. وأضاف ان "ثلاثة ممن جرحوا في القتال ليل الثلثاء - الاربعاء فارقوا الحياة اليوم أمس". وأوضح مذكور ان المستشفى استقبل منذ الاحد 46 قتيلاً، بمن فيهم صبي في العاشرة من عمره لم يتم التعرف على هويته، وجرح 132 شخصاً آخرين. وقتل 64 شخصاً على الاقل وجرح 242 في مدينة الصدر منذ ان شن الجيش الاميركي هجوماً لقمع تمرد بدأه أنصار مقتدى الصدر الاحد، بحسب حصيلة اعدتها وكالة "فرانس برس". وكان جنود اميركيون فتشوا أول من أمس مسجداً قريباً من مكتب الصدر في الكاظمية غرب بغداد حيث داسوا على صور مقتدى ومزقوا صورة لوالده آية الله محمد صادق الصدر. وقال حارسا هذا المسجد محمد حيدر 22 عاماً ومصطفى حيدر 21 عاماً ان 31 جندياً اميركياً قدموا على متن دبابة وثلاث آليات "هامفي" دخلوا الى المكتب الاعلامي لمقتدى الصدر في الكاظمية بحثاً عن اسلحة. واضافا ان الجنود دخلوا بأحذيتهم الى المسجد الصغير المجاور للمكتب، ومزقوا صور مقتدى الصدر وداسوا عليها. كما مزقوا صورة لوالده محمد صادق الصدر الذي اغتاله رجال صدام حسين في 1999. البصرة: هدوء حذر في غضون ذلك، تشهد البصرة، ثاني المدن العراقية، هدوءاً مشوباً بالحذر وسط انتشار كثيف للشرطة العراقية، بينما تجوب دوريات راجلة للقوات البريطانية وسط المدينة. وسمع دوي انفجار وعيارات نارية متقطعة لم يعرف مصدرها، فيما انتشرت عناصر الشرطة حول وفوق المباني والمؤسسات والدوائر الحكومية ومبنى المحافظة خصوصاً، حيث لم يشاهد اي مسلح من أنصار الصدر. وبدت الشوارع أقل ازدحاماً صباح أمس مما كانت عليه قبل اندلاع الاشتباكات اذ فضل الكثير من الناس، على ما يبدو، البقاء في منازلهم خوفاً من حدوث مواجهات.