انتقد خبير مصرفي عراقي ظاهرة تمركز معظم مصارف القطاع الخاص في بغداد، معتبراً ذلك من المعوقات التي تحد من تطور العمل المصرفي وتمنع عنه استيعاب مجالات الاستثمار الاقتصادي بمختلف ميادينه في المحافظات الاخرى. وقال عبدالجبار احمد الربيعي المدير المفوض في"مصرف الاتحاد الصناعي للاستثمار"، الذي تأسس حديثاً من قبل رجال أعمال عراقيين ل"الحياة"ان الساحة المصرفية العراقية قادرة على استيعاب أكبر عدد ممكن من المصارف، شرط انفتاحها على المحافظات ومراكز المدن الاخرى خارج العاصمة بغداد، بهدف استثمار الاموال المتراكمة فيها بشكل مجدٍ وبما يخدم عملية التنمية الاقتصادية الشاملة. وكان البنك المركزي العراقي أصدر عام 1992 قانوناً أجاز فيه للقطاع الخاص العراقي فتح مصارف أهلية لتمارس دورها في التنمية الاقتصادية، جنباً الى جنب مع المصارف الحكومية الاخرى. وأضاف الربيعي ان الهدف من تشريع قانون المصارف الاهلية كان حفز المصارف الحكومية على الانتشار المصرفي في المحافظات والاقضية والنواحي المهمة التابعة لها، وتمكين تلك المناطق من المساهمة في اعادة بناء البنية التحتية فيها والتي عانت من تهميش تنموي طوال السنوات السابقة. ويعزو خبراء المصارف العراقيون ظاهرة التمركز المصرفي في بغداد إلى كون العاصمة تشكل أكبر المراكز التجارية والصناعية والخدمية في العراق، فضلاً عن أنها تمثل مركزاً حيوياً مهماً للاتصال برجال الاعمال والتجار والمقاولين والصناعيين الأجانب الذين يتوافدون على بغداد دون غيرها من المناطق الاخرى. وأشار الربيعي إلى أن وزارات التخطيط في العالم تدرس طبيعية كل منطقة جغرافية على حدة، ثم تقوم بتوزيع المشاريع حسب امكانات كل منطقة، مؤكداً ان هذه الخطط والبرامج لم يتم تطبيقها في العراق وبقيت نظرة المسؤولين فيه قاصرة ومحصورة في زاوية ضيقة، ما أدى الى تعطيل الكثير من الامكانات والطاقات الاقتصادية في كثير من محافظاتالعراق. واعتبر ذلك اخلالاً صارخاً بمبادىء التنمية الشاملة التي تسعى الى تطبيقها المنظمات الدولية، وخصوصاً البرنامج الانمائي للأمم المتحدة، مشيراً في هذا الصدد الى"مصرف الشرق الاوسط العراقي للاستثمار"الذي تأسس عام 1992 والذي لديه حالياً 11 فرعاً منها ثلاثة فروع فقط في كل من الموصل والبصرة وسامراء. وقال:"هذا يؤشر إلى الحاجة الملحة للتوسع المصرفي في بقية المحافظات سيما أن هناك 20 مصرفاً تم تأسيسها منذ عام 1992 وحتى نهاية آذار مارس الماضي، إلا أن اكثر من 80 في المئة من فروع هذه المصارف ما زالت محصورة في العاصمة بغداد وهو ما يتناقض مع فكرة التوسع المصرفي التي يروج لها حالياً بعض الخبراء المصرفيين العراقيين انسجاماً مع صدور قانون الاستثمار الاجنبي وقانون البنك المركزي العراقي الجديد اللذين أفسحا المجال أمام المصارف الاجنبية للدخول الى السوق العراقية".