قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، في حوار مع "الحياة"، إن الاطراف التي توسطت لإطلاق المخطوفين الأجانب على خلفية "ازمة الفلوجة" لن تحصد ارتفاعاً في رصيدها، مضيفاً أن علامات استفهام ستوضع على هذه الأطراف في المستقبل. وحول تسلل المقاتلين من دول الجوار، ولا سيما من سورية وايران، رأى أن المطلوب من هذه الدول تقديم المساعدات الاستخبارية اذا لم تستطع مراقبة الحدود المترامية الاطراف. وأشار الوزير العراقي إلى أن مجلس الأمن القومي في العراق، المكون من الحاكم الاميركي السفير بول بريمر والقائد العسكري الأميركي الجنرال ريكاردو سانشيز ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمال والعدل هم الطرف المعني بعقد الاتفاق الأمني الذي سينظم العلاقة بين العراق وقوات التحالف. واعتبر أن الدول العربية غير جدية في ارسال قواتها إلى العراق. وقال إن ابن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ومينون سيفان مدير برنامج "النفط مقابل الغذاء" معنيان بموضوع التحقيق في الفساد الذي شاب البرنامج. وفي ما يأتي نص الحوار: ما هو استحقاق موعد الاول من تموز يوليو المقبل بالنسبة إلى الخارجية العراقية؟ - الموعد مهم لأنه موعد نقل السلطة ونهاية قانونية لسلطة الاحتلال. والخارجية العراقية هي أول من شدد على الحاجة القصوى إلى صدور قرار من مجلس الامن لإضفاء شرعية على نقل السيادة، ولتجاوز قراري مجلس الامن السابقين 1483 و1511 اللذين شرّعا احتلال العراق وكرساه. وبالنسبة إلى الخارجية، فإن هذا الموعد سيتيح حرية أكبر في التصرف والعمل على رغم ان الوزارة كانت دائماً تتمتع باستقلالية وسيادة في تحديد تحركاتها. هل نتحدث هنا عن وزارة خارجية ذات "سيادة" من دون تدخل الأميركيين؟ - الخارجية كانت مستقلة منذ تشكيل مجلس الحكم، بعكس الكثير من الوزارات الاخرى وبخلاف التصورات السائدة، ونحن نقرر سياساتنا وقراراتنا بصرف النظر عن وجود مستشارين أميركيين، وهؤلاء لا يتدخلون في عمل الوزارة وفي من يمثل العراق في الخارج. بل يقتصر دورهم على إعادة تأهيل الوزارة وتأسيسها وتنظيمها. ماذا يعني وجود شخصية كردية على رأس وزارة الخارجية؟ - هذا يمثل العراق الجديد ويعني أن الوطن للجميع من دون استثناءات ومن دون سياسات التهميش والتشكيك في ولاءات العراقيين، كما أنه يحمل مغزى التشديد على وحدة العراق في مواجهة من يروج هنا وهناك عن تمزق البلد وتقسيمه. الأميركيون شجعوا وجود وزير خارجية كردي لضمان سياسات صديقة للولايات المتحدة على المدى البعيد ربما. ما تعليقكم؟ - كل الدول في المنطقة والعالم تتسابق لكسب ود الولاياتالمتحدة ولأنها دولة عظمى لا تحتاج إلى وزير لتسيير سياساتها. الاختيار وقع علينا من مجلس الحكم وليس من الأميركيين، وبالتوافق بين جميع أعضاء مجلس الحكم. ورشحوني لهذا المنصب على أساس الكفاية والتجربة في حقل العمل السياسي والديبلوماسي. هل جرت مخاطبة من الخارجية الاميركية الى الخارجية العراقية في شأن تعيين سفير اميركي في بغداد؟ - نعم، هذا الأمر حصل منذ البداية، وقد أبلغتنا الخارجية الاميركية رسمياً نيتها انهاء سلطة التحالف الموقتة وتأسيس علاقات ديبلوماسية كاملة مع العراق بعد إنجاز الاتفاق السياسي ونقل السيادة، كما أبلغونا ان واشنطن تفكر في إنشاء سفارة هي الأكبر في العالم. وقبل أيام أبلغني نائب وزير الخارجية ريتشارد ارميتاج في بغداد رسمياً انه تم تعيين جون فيركوبونتي، سفيراً لدى العراق. ما رأيكم بتعيين السفير جون نيغروبونتي سفيراً في العراق، سيما وأنه غير مقبول من الشارع العراقي الذي عرفه مؤيداً قوياً للحرب ضد العراق؟ - اي مسؤول اميركي يمثل سياسة بلده، واذا كان الشارع العراقي غير راضٍ عن نيغروبونتي، فهذا الشارع غير راض عن الكثيرين... المهم انه شخصية ديبلوماسية متمكنة وله اطلاع وخبرة ويحظى بثقة الرئيس جورج بوش، كما اتوقع ان تكون مهمته صعبة وسيرافقه الكثيرون من المختصين في الشأن العراقي. وهو من ابرز المؤيدين لحرب "تحرير العراق". هل ستشارك الخارجية العراقية في المفاوضات مع سلطة التحالف الموقتة لعقد اتفاق أمني؟ - بالتأكيد الخارجية ستكون مشاركة في المفاوضات، فهي عضو في مجلس الامن القومي في العراق المكون من الحاكم المدني والقائد العسكري لقوات التحالف ووزراء الدفاع والخارجية والمال والداخلية والعدل ومستشار الامن القومي. وهذا المجلس هو الطرف المعني في بحث الاتفاق الأمني. كيف تقومون زيارتكم الاخيرة للعاصمة البريطانية؟ - هي زيارة تاريخية، وللمرة الاولى يعقد رئيس الوزراء البريطاني مؤتمراً صحافياً مع وزير خارجية. طرحنا في لقاءاتنا مع المسؤولين البريطانيين ما نراه حول الوضع العراقي بصراحة، وقلنا لهم إن ما يحدث في العراق ليس حرباً اهلية ولا فوضى، في اشارة إلى احداث الفلوجة وتيار الصدر، ولا هي ثورة شعبية ضد قوات التحالف، كما طلبنا منهم مساعدتنا في استصدار قرار جديد من مجلس الامن، وأن تثق الحكومة البريطانية بقدرة القوى العراقية على حكم البلد. ما هو الاختلاف بين الأسلوب البريطاني والأسلوب الاميركي في التعاطي مع الملف العراقي؟ - بالتأكيد الاسلوب البريطاني مختلف لأنه يعتقد انه لا بد من تسريع العملية السياسية في العراق لمواجهة الوضع الامني وعدم الفصل بينهما وأن يسيرا جنباً الى جنب، وهذا الاسلوب يفهم الموضوع العراقي في شكل عقلاني. كانت لديكم تصريحات متشددة في لندن ضد ما جرى من طرف تيار الصدر. هل جرت اتصالات مع قوى شيعية لتوضيح موقفكم؟ - لدينا تصريحات واحدة سواء كنا في بغداد أو لندن. فما يحدث ليس ثورة شيعية ولا ثورة سنية ولا حرباً اهلية. والمفروض أنه لا مكان لأشخاص يتصرفون فوق القانون ولا مكان للميليشيا سواء كانت شيعية أو سنية أو كردية أو عربية أو تركمانية. واذا كان البعض يريد الاعتراف بالسيد الصدر فيجب عليه انتهاج خطة سياسية وانتخابية لتحقيق ذلك من دون اللجوء الى العنف. ولذلك لا يمكن وصف من يلجأون الى العنف بالمقاومين. هم ارهابيون وأنا لا أستطيع أن أسمي "أبو درع" الذي خرج على الفضائيات بأنه مجاهد، فهو مجرم مطلوب ويداه ملطختان بدماء العراقيين. هذه هي الأمور التي بحثناها في بغداد بعد عودتنا من لندن. أما من تأثر بتصريحاتنا فهذا شأنه. وفي ما يتعلق بخطف الاجانب، فقد أضر بسمعة العراق وبمسيرة اعادة الإعمار. وفي وقت تبذل الدولة جهداً كبيراً لاجتذاب الاستثمارات يقوم الارهابيون في العراق بطرد الاستثمارات. وأتساءل: هل هؤلاء سيعمرون العراق؟ غيب دور الخارجية العراقية تماماً في موضوع المفاوضات لاطلاق المخطوفين الأجانب، ما ردكم؟ - جرت اتصالات مع وزارتي الخارجية في الصين وتشيخيا، كما اتصلنا بوجهاء العشائر ورجال الدين، لكن عملية المفاوضات كانت مسيسة بين المفاوضين والخاطفين، وهذا لن يؤدي إلى رفع رصيد من توسط لإطلاق المخطوفين الأجانب، وستوضع علامات استفهام كبيرة عليه في المستقبل. القرار الاسباني مضر كيف ستتصرفون حيال انسحاب قوات بعض دول التحالف من العراق؟ - في زياراتي الأخيرة لمدريد، طرحنا الموضوع مع الحكومة الإسبانية الجديدة ومع الدنمارك أيضاً، ونحن نعتقد أن العراق يمر بمرحلة حساسة جداً ويحتاج إلى مساندة دولية كبيرة لتثبيت الأمن وإعادة الإعمار. بعد ذلك جاء القرار الاسباني مخيباً للآمال، وبحسب ما قال لي وزير خارجية اسبانيا، فإن انسحاب قوات بلاده من العراق وعد انتخابي وسيؤجل تنفيذه، لكن اتضح انه قرار مسبق وسيضر بعملية المساعدة في تثبيت الأمن في البلاد. ماذا ستفعلون اذا أقدمت دول أخرى على سحب قواتها؟ - في الحقيقة ان مشاركة هذه الدول مشاركة سياسية وليست عسكرية، لأن القوة الفعلية تؤمنها القوات الأميركية والبريطانية. أما الدول الاخرى المشاركة وعددها 30، فإن انسحابها لن يؤثر في الوضع الميداني لكن له عواقب سياسية. حضر مبعوث الأممالمتحدة الأخضر الابراهيمي إلى بغداد وغادرها، ما الذي تنتظره من المنظمة الدولية في الفترة المقبلة؟ - إقترح الأخضر الابراهيمي حلاً لموعد تسليم السلطة هو تشكيل "حكومة انتقالية راعية" تتكون من وزراء كفيين ومعروفين، أما الخطوة الثانية فسيجرى تنظيم مؤتمر وطني في الصيف أو الخريف المقبل، والهدف تحقيق مشاركة سياسية لجميع العراقيين ولن يمثل المؤتمر جهة تشريعية. والخطوة الثالثة هي استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي لإعطاء شرعية لعملية نقل السلطة. وخلال الأسابيع المقبلة ستنظم محادثات بين الأمانة العامة للأمم المتحدة وسلطة التحالف ومجلس الحكم العراقي للبحث في بعض التفاصيل المعلقة، لأن احدى المسائل المقترحة هي أن تعين الأممالمتحدة الحكومة الجديدة وهي من ستسمي هذه الحكومة وتعلنها بالتوافق مع الأطراف الأخرى بالطبع. الأممالمتحدة تريد ضمانات أمنية لعودتها إلى العراق، هل قدمت هذه الضمانات؟ - هذا صحيح، فسابقة خطيرة أن تكون الأممالمتحدة مستهدفة من الأرهاب. وكان التصور لدى ممثلي المنظمة الدولية في بغداد أنهم لن يستهدفوا من الارهابيين. لكن الفكر الارهابي المتخلف استهدف الجميع. ولأن عودة الأممالمتحدة ضرورية قدمت ضمانات منها استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بتشكيل قوة متعددة الجنسية لحماية الأممالمتحدة في العراق. هناك دائماً تصريحات أميركية متشددة تجاه سورية وايران، ما موقف الخارجية العراقية منها؟ - نطلب من دول الجوار العراقي أن تساعد العراقيين على تثبيت الأمن وعدم التدخل في العراق. وهذه الرسالة نقلتها شخصياً إلى القيادتين في دمشق وطهران، سيما وأننا نعتقد بوجود عمليات تسلل من هاتين الدولتين وربما لا تستطيع سورية وايران والدول الأخرى ضبط الحدود المترامية الأطراف، لكنها تستطيع أن تساعد العراق في المجال الاستخباراتي لتحديد من هي الجهات التي تدعم الارهاب فيه. وأقول لهذه الدول: إذا انهار الوضع داخل العراق ستقع نتائج كارثية على جميع دول الجوار. الموضوع الأمني مع دول الجوار يحتاج إلى عقد اتفاقات، ما هي الخطوات العملية في هذا الاتجاه؟ - لدينا لقاءات واتصالات مستمرة بإيران وسورية. وبصراحة نحن غير جاهزين لعقد اتفاقات لأننا ما زلنا في صدد بناء قدراتنا الأمنية والعسكرية. وقريباً سنعلن عن نظام تأشيرات لدخول العراق. وقد أنجز هذا النظام بالتنسيق بين وزارتي الخارجية والداخلية. ماذا في شأن الأموال العراقية الموجودة في دول الجوار؟ - جرى حصر هذه الأموال في الأردن وسورية ولبنان، ونحن في الخارجية نعمل على استرجاعها ونقوم بجهد كبير في ذلك. ووفقاً للقانون الدولي يجب أن تعود الأموال ثم يتم البحث في المطالبات لاحقاً. لا جدية عربية ما هي مطالب العراق في مؤتمر القمة العربية المقبل؟ - قدمنا مشروع قرار من أجل العراق، في المحاولة الأولى لعقد القمة في تونس حصل على اجماع الدول العربية، وفيه نطلب دعم جهود الأمن والاستقرار والترحيب بقانون ادارة الدولة الموقت وادانة الارهاب والتشديد على وحدة أراضي العراق وسلامتها. أما مسألة ارسال قوات عربية إلى العراق فبحثت، لكننا لم نلمس أي جدية من الحكومات العربية. وأنا شخصياً طرحت سؤالاً على الوفود العربية: هل أنتم جاهزون لارسال قوات حفظ السلام؟ فأجابوا بلا. هل طرحت عليكم في اجتماعات عربية، مخاوف من علاقات اسرائيلية - عراقية؟ - يطرح هذا الموضوع دائماً وقلنا للأطراف العربية إنه لا توجد علاقات ولا يوجد "موساد" ولا وجود لشراء أراض من يهود، وسبب اثارة موضوع اسرائيل في العراق هو اعتقاد البعض ان العراق قُرئ عليه السلام، وإلا فهناك سفارات اسرائيلية في دول عربية والعراق لا يزايد على أحد ولا يقبل أن يزايد عليه أحد. ما مصير ممتلكات البعثات الديبلوماسية العراقية في الخارج؟ - اكتمل الهيكل القيادي لوزارة الخارجية بعد تعيين الوكلاء الأربعة، ولدينا الآن 251 متدرباً ديبلوماسياً موجودون في 19 دولة. ونحن في صدد تسمية السفراء في الخارج، كما أن إرجاء ازاحة العناصر السيئة من الخارجية أنجزت بعد إزاحة 500 شخص من السلك الديبلوماسي الخارجي. أضف إلى ذلك أنه جرى تقليص البعثات من 68 إلى 34 بعثة. وفي موضوع المتعلقات والأملاك الديبلوماسية في الخارج، فقد تم حصرها وستجرى متابعة الموضوع أولاً بأول لدى الدول المعنية. ما موقف الخارجية العراقية من ملف الفساد الذي طاول مذكرة تفاهم "النفط مقابل الغذاء والدواء"؟ - أصابع الاتهام موجهة إلى ادارة برنامج المذكرة. ومجلس الحكم شكل لجنة لمتابعة الموضوع. ودور وزارة الخارجية يكمن في جمع المعلومات وتوفيرها لتسهيل عملية متابعة الملف. هل الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان مهتم بالملف؟ - أنان غير معني بالموضوع ومدير البرنامج مينون سيفان هو المعني بالاتهام، كما أشار بعض المعلومات إلى علاقة ابن أنان الذي يمتلك شركة محاسبة في جنيف والتي ساهمت في مسائل الاشراف على المذكرة. أما شخص أنان فهو غير معني.