قال رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر محمد فاروق قسنطيني ان اللجنة المختصة في معالجة ملف المفقودين ستستمع الأسبوع المقبل إلى شهادة رئيس الحكومة السابق رضا مالك في شأن اختفاء آلاف الإسلاميين في السنوات الأولى لتصاعد أعمال العنف في التسعينات. وحرص قسنطيني في مقابلة مع "الحياة"، أمس، على التأكيد أن الاستماع إلى رضا مالك "يهدف إلى التعرف على آراء واقتراحات هذه الشخصية الوطنية". وأكد ان هذه الجلسة الأولى من نوعها "ليست محاكمة ولن تكون كذلك بأي حال من الأحوال"، لافتاً إلى أن مهمة "الحكم على عمل رضا مالك وأدائه مسألة أتركها للمؤرخين الذين سيكتبون تاريخ الجزائر". وأصبح رضا مالك عضواً في المجلس الأعلى للدولة الهيئة الخماسية التي عوضت منصب رئيس الجمهورية بعد تنحي الشاذلي بن جديد بعد مقتل الرئيس الراحل محمد بوضياف في حزيران يونيو 1992، قبل أن يكلّف منصب رئيس الحكومة في آب اغسطس 1993 لغاية نيسان ابريل 1994. وعُرف عنه تشدده ضد الإسلاميين المتشددين، ونسب اليه قوله مع تصاعد الاعتداءات المروعة ضد المثقفين والمدنيين "يجب أن ينتقل عنف الجماعات المسلحة إلى الجهة الأخرى"، وهو ما يفسره خصومه على أنه إشارة من السلطات لبدء عمليات الخطف والاغتيال ضد عناصر الجماعات المسلحة وأقاربهم. وقال قسنطيني: "ارجو أن لا يفهم من دعوة رضا مالك إلى لجنة ملف المفقودين على أنها محاكمة له". وأضاف: "هذه شخصية محترمة وذات نضال وطني كبير، وأنا أرفض محاكمته حتى ولو أخرج والدي من القبر". ونجح رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية، الاثنين الماضي، في إقناع أعضاء لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بأن السلطات الجزائرية ستتكفل ملف المفقودين. وأوضح قسنطيني، في هذا المجال، أن مصادقة الهيئة الدولية على تقرير الجزائر جاء "بعد تأكدها من تحمل السلطات مسؤولياتها في معالجة ملف المفقودين". وقال قسنطيني ان لجنة المفقودين التي تأسست في أيلول سبتمبر 2003 واجهت منذ بدء عملها مشكلة تحديد عدد المفقودين. وأكد في هذا الشأن أن عددهم 7250 شخصاً لا يُعرف مصيرهم حتى الساعة. وتحدى منظمات حقوق الإنسان أن تقدم شخصاً واحداً زيادة على هذا العدد. وكانت تنظيمات غير حكومية ناشطة في مجال حقوق الإنسان قدّمت في السابق أرقاماً تتراوح بين 10 آلاف و15 ألف مفقود، غير أن السلطات الجزائرية كانت ترفض هذه الأرقام "جملة وتفصيلاً". وقال قسنطيني إن المشكلة الثانية التي ما زالت تنتظر أعضاء اللجنة هي "الدخول إلى جوهر الموضوع، فنحن ننتظر من السلطات أن تقدم جواباً عن كل حالة". وأضاف: "إذا كان هناك أحياء ضمن المفقودين سنبلغ عائلاتهم بذلك، وإن لم يكونوا أحياء سنبلغهم بذلك أيضاً" وتابع: "سنقدم الجواب لعائلاتهم ولن نخفي عليهم الحقيقة مهما كانت مؤلمة".