لا يزال الغموض يلف قضية الشيخ الفلسطيني عمر محمود أبو عمر أبو قتادة الذي "اختفى" مباشرة بعد إقرار بريطانيا قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب نهاية العام الماضي. وقدّم نائب في مجلس العموم البريطاني طلباً لاستجواب وزير الداخلية ديفيد بلانكيت حول ملابسات اختفاء "أبو قتادة" بعد أنباء فرنسية عن احتمال فراره من منزله في لندن بمساعدة أجهزة الأمن البريطانية. وكانت "الحياة" آخر وسيلة إعلامية تزور الإسلامي الفلسطيني في منزله في كانون الأول ديسمبر الماضي. وهو "اختفى" من منزله بعد أيام فقط من المقابلة، بعدما أقر مجلسا العموم واللوردات قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب يسمح باعتقاله فترة زمنية غير محددة ومن دون محاكمة بدعوى تهديده "الأمن القومي". ووضعت بريطانيا والولايات المتحدة اسمه على لوائح المشتبه في دعمهم الإرهاب، وجمّدت وزارة الخزانة البريطانية أمواله في المصارف. ودأب "أبو قتادة"، وهو لاجئ سياسي في بريطانيا، على نفي علاقته بالإرهاب، لكنه كان يُجهر بدعمه ما يُسمّيه "جهاداً" في بقاع عديدة من العالم. وكان اختفاؤه ليمر من دون ضجة لو لم يكن معروفاً على نطاق واسع بأنه يتصدر لائحة أعدتها الاستخبارات لمشتبه فيهم سيشملهم القانون الجديد لمكافحة الإرهاب. وهو أقر بذلك علناً، في مقابلته الأخيرة مع "الحياة"، عندما قال انه يتوقع اعتقاله في اليوم التالي لدخول القانون حيّز التنفيذ. وروى جيران للناشط الفلسطيني في منطقة آكتون، غرب لندن، انه غادر منزله عشية إقرار البرلمان قانون الإرهاب. ونفّذت أجهزة الأمن اعتقالات في اليوم التالي شملت ستة أشخاص وضعوا في سجن بلمارش جنوبلندن من دون محاكمة. وبما ان القانون لا يسمح بكشف اسمائهم سوى في حال تقديمهم طعناً وهو أمر قام به واحد منهم فقط من جنسية مغاربية، فإن وسائل إعلام عديدة توقعت ان يكون "أبو قتادة" بينهم. ورفضت الشرطة البريطانية تأكيد ذلك في حينه، كما لم ترد محاميته على اتصالات في هذا الشأن. وظل الأمر على هذا الوضع حتى بداية هذه السنة عندما تأكد ان الفلسطيني "اختفى". واستغلت وسائل إعلام فرنسية ذلك للنيل من الانكليز المتهمين بالتساهل مع الإسلاميين. وتصاعدت هذه الحملة أخيراً مع مزاعم بأن أجهزة الأمن البريطانية "سهّلت" اختفاءه لأن لها اتصالات معه. غير ان مصادر أخرى قالت ان الأمن البريطاني ربما غض الطرف عن اختفائه لمراقبته سراً وكشف الأشخاص الذين يؤوونه. لكن يبدو ان المعلومات الفرنسية أثارت مخاوف لدى برلمانيين بريطانيين. إذ أفادت صحيفة "ذي إندبندنت" أمس ان النائب العمالي آندور ديزمور، سيكتب الى الوزير بلانكيت ليسأله هل كان "أبو قتادة" مُخبراً لجهاز الأمن أم. آي. 5 أو لشرطة اسكوتلنديارد، وهل تواطأت بريطانيا في اختفائه. وقالت مصادر إسلامية موثوق بها ان زوجة "أبو قتادة" انجبت له صبياً خلال فترة اختفائه. وهو الإبن الأول بعد ثلاث بنات. و"أبو قتادة" إسلامي معروف يعيش في بريطانيا منذ 1993، وله مواقف داعمة لكثير من العمليات المسلحة في أنحاء عديدة من العالم. وأصدرت السلطات الأردنية حكمين بالسجن في حقه بعدما دانته غيابياً بالتورط في قضايا إرهاب. كذلك ورد اسمه في قرار اتهام أصدره القاضي الإسباني بالتاثار غارثون في حق مجموعة من الإسلاميين السوريي الأصل المتهمين في قضايا إرهاب.