سبع سنوات بعد نيله سعفة الخمسينية الخاصة في مهرجان "كان" الدولي، عن مجمل أعماله، وعرض فيلمه "المصير"، يعود يوسف شاهين، الى تظاهرات المهرجان الفرنسي العريق، ليقدم فيه هذه المرة فيلمه الجديد "اسكندرية - نيويورك"، الذي تغير اسمه مراراً، ويبدو انه سيعود، للمناسبة، الى اسمه الأول "الغضب". الفيلم الشاهيني الجديد، الذي يتحدث عن اربعين عاماً - وأكثر - من علاقة شاهين بالسينما وبهوليوود وبالغرب عموماً، مع نفحة غضب خاصة ضد السياسة الأميركية، سيعرض في الحفلة الختامية لتظاهرة "نظرة ما.." التي تعتبر ثاني أهم تظاهرة في "كان" بعد المسابقة الرسمية، بل ثمة من يفضلها على التظاهرة الرسمية على اعتبار انها تميل أكثر نحو سينما المؤلفين. وفي التظاهرة نفسها، لن يكون شاهين العربي الوحيد، بل "يصحب معه" يسري نصرالله الذي يقدم فيلمه الجديد "باب الشمس" المتحدث عن القضية الفلسطينية. وهكذا يلتقي في تظاهرة "كانية" واحدة، الأستاذ شاهين وتلميذه نصرالله، عبر فيلمين من المؤكد انهما سيكونان وحدهما كافيين لجعل السياسة الشرق أوسطية في صلب المهرجان... بخاصة ان فيلمين للإيراني الكبير عباس كياروستامي ينضمان اليهما الأول عنوانه "10 على عشرة" والثاني "خمسة".... ولكن اذا كان هذا ما يهمنا حتى الآن، من المهرجان، فإن اهتمام عالم السينما سينصرف الى مكان آخر: الى المسابقة الرسمية بالطبع. وهنا سيكون على لجنة التحكيم التي يترأسها كوينتن تارانتينو، ان تحكم بين نحو دزينتين من أفلام تتبارى على الجوائز الرئيسة. ومن الواضح ان اختيارات هذا العام، بما فيها من "عودة" لأبناء "كان" الذين غاب معظمهم في العام الفائت، ستأتي لتعيد الى المهرجان رونقاً فقده في دورته السابقة التي أتت، في حينه، من أضعف دورات السنوات الأخيرة. الخروج من المستنقع مضمون هذه المرة، منذ الافتتاح فيلم "التربية الفاسدة" لبيدرو ألمودافار حتى الختام "دي لافلي" لأرفن فنكلر، مروراً بجديد وونغ كاروي "2046" ووالتر ساليس "يوميات سائق دراجة" والرائع مايكل مور "فهرنهايت 11/9" الذي سيثير عاصفة سياسية حادة ضد جورج بوش بالتأكيد، والأخوين كوين "قاتلو النساء" وبخاصة أمير كوستوريتسا الذي يعود بعد غياب عبر جديده "الحياة معجزة". وهذه الأفلام وغيرها ستكون في المسابقة الرسمية، متجاورة مع أفلام كثيرة أخرى. وهذا ليس كل شيء، وإن كان هو ما سيلفت الانتباه أكثر، كالعادة. اذ هناك أيضاً "يوم أوروبا" و"لقاء الاستديوات". والعروض الفنية المختلفة وصولاً الى عرض خاص سمعي - بصري حول جان - لوك غودار، سيكون تحية لمجمل عمل السينمائي الذي يمتد منذ اكثر من نصف قرن حتى الآن. وكذلك ستكون هناك تحية خاصة الى استديوات "مترو غولدوين ماير"، وأخرى لنجوم السينما البوليسية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تحت عنوان "صبيان سيئون". منذ الآن يمكن القول، إذاً، ان اصحاب "كان" بذلوا خلال الشهور الفائتة جهوداً اضافية، للتعويض على كارثة العام الفائت... ويمكننا أن نتوقع مسبقاً، مفاجآت في الكثير من الأفلام... ولكن ايضاً في المناخ العام، ولا سيما لناحية السجالات السياسية، خصوصاً ان مايكل مور صاحب "بولنغ لكولومباين" سيواصل معركته ضد بوش في فيلمه الجديد، الذي يعرض داخل المسابقة الرسمية، ولكن - هذه المرة - في اقتراب اكبر من "الخطوط الحمر" وفي هجوم صاعق على جورج بوش يطاول تحديداً جملة "أكاذيب متعلقة بعملية نسف البرجين الارهابية". ولمناسبة الحديث عن النسف يبقى أمر أخير... لكنه لن يكون الأقل إثارة للاهتمام ويتعلق بخطر "نسف" المهرجان من أساسه، ولكن ليس بفعل ارهابي هذه المرة، بل من طريق أهل الفن الذين سبق لهم ان "نسفوا" مهرجان "آفينيون" لغضبهم إزاء سياسة الدولة الفرنسية الناسفة لحقوقهم، إذ ثمة بينهم من بدأ يهدد بالتحرك الى "كان" خلال المهرجان بين 12 و23 أيار/ مايو المقبل في عمل منظم وجذري ضد السياسة الفنية للدولة الفرنسية.