لم تتمالك مذيعة محطة CNN الأميركية نفسها بعد استعادة صور الحشود العراقية التي "احتفلت" بمقتل أربعة أميركيين في مدينة الفلوجة، وقالت لضيفها والانزعاج باد على وجهها: "نريد العدالة! ما الذي يجب ان يحدث الآن في الفلوجة؟ ألم يكن بالامكان اعتقال هؤلاء الذين فعلوا ذلك؟ وأين هي الشرطة العراقية"؟ كانت الأسئلة السريعة للمذيعة الأميركية نموذجاً لأحد أوجه التخبط الذي عاشته وسائل الاعلام الأميركية ومعها الرأي العام، إثر انتشار صور جثث الأميركيين الأربعة المتفحمة والتي شُنق بعضها وسُحل بعضها الآخر في الفلوجة. المسؤولون عن الأخبار في محطات CNN وABC وCBC بثوا بعضاً من تلك الصور في النشرات الرئيسة بعد تحذير المشاهدين من محتواها. لكن تلك الصور كانت وصلت الى ملايين الأميركيين كاملة عبر الانترنت وعبر الصحف في اليوم التالي. وبدا واضحاً كم أن هذه الصور أحيت مشاهد ليست ببعيدة من ذاكرة الأميركيين حين سُحلت جثة طيار أميركي بعد اسقاط طائرته في شوارع مقديشو عام 1993. جميع وسائل الاعلام تقريباً استعادت تلك الحادثة، وربطت بينها وبين ما حدث في الفلوجة وسط تساؤلات هل تؤدي صور الفلوجة الى تأثير فعلي كما حدث في الصومال حيث انسحبت القوات الأميركية من هناك. جدل حقيقي يدور في الولاياتالمتحدة حول الكلفة الفعلية لاحتلال العراق وهل يستحق البقاء مثل هذا الثمن؟ "انها ليست فيتنام لكنها بالتأكيد تذكر بها". والقول إن تلك الصور هي لأشخاص يحاولون منع الديموقراطية من التحقق لم يكن مبرراً ومقنعاً لكثير من الأميركيين. صور العراقيين المتحلقين حول جثث متفحمة يبتسمون ويضحكون كانت أقوى من أي خطاب يمكن المرشح الديموقراطي جون كيري ان يلقيه ضد خصمه الرئيس جورج بوش. فعلى رغم ان المرشح الديموقراطي رفض التعليق على الأمر على نحو ينال من منافسه، معتبراً ان الوقت هو وقت حزن، الا ان الضربة التي تلقتها الادارة الجمهورية قد تكون الأقسى منذ بدء احتلالها العراق. النقاش حول صور الفلوجة لا يزال في بدايته هنا في الولاياتالمتحدة والسيل الكبير من التعليقات والتحليلات بالكاد بدأ. ومحاولات بعض القول ان من رقصوا وضحكوا في الفلوجة ليسوا من العراقيين أو ان يد أبي مصعب الزرقاوي تقف وراء الحادثة، كما قال بعض المحللين، لم تتمكن من التخفيف من وقع تلك الصور. في برنامج محطة فوكس الإخباري الصباحي ناقش مذيعو المحطة القضية، وحاولت المذيعة الرئيسية ان تخفف من الأمر، مشيرة الى ان العراقيين الذين فعلوا ذلك هم أقلية، ومضيفة: "ما اعتقدته معلومة دقيقة انهم من السنة، والسنة أقلية في العراق"!