لن تستجدي امتثال أبو السعود، موظفاً في مركز تسجيل ناخبين، كي «يتكرم» عليها بتسجيل اسمها، ضمن قوائم الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في انتخابات المجلس البلدي في محافظة القطيف، «فالموظف سيكون مجبراً على تسجيله، بفضل قرار أبو متعب اليوم»، بحسب قولها. الحال ذاته ينطبق على سمر بدوي وفوزية الهاني اللتين رفعتا قضيتين على وزارة الشؤون البلدية والقروية، لعدم سماحها للمرأة بالمشاركة في الانتخابات، ناخبة ومرشحة. ولا تجد هاتان الناشطتان، التي تسكن أولاهما في غرب البلاد، والأخرى في شرقها، «داع للمضي في الدعوى»، كما قالتا ل«الحياة» أمس. وتوقعت أبو السعود التي تحدثت ل«الحياة» أمس فور سماعها كلمات خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى، ان يوم الأحد 25 من أيلول (سبتمبر) من العام 2011، 27 من شوال من العام 1432ه، «سيُسجل بمداد من ذهب في ذاكرة التاريخ السعودي، فهو منعطف حقيقي ونقلة مميزة، لم نكن نتوقع أن نصلها خلال الفترة الراهنة». وتجد امتثال أن «هذا القرار من القائد الحكيم خادم الحرمين الشريفين، يضعنا على عتبات المواطنة المتساوية، بإثبات حقوق المرأة المُغيبة، من أجل مسيرة التنمية التي يجب أن تكون فيها المرأة مشاركاً، لا مستهلكاً لها فقط، وذلك كما تقتضيه العقول السوية والفطرة المستقيمة، بأن يكون لها صوت يُسمع، ويد تبني». وأكدت ان المرأة «ستساهم في علو وطنها، من خلال مشاركتها في الشأن العام، جنباً إلى جنب مع الرجل، فالوطن لم يكن يوماً لجنس من دون آخر، أو لفئة من دون غيرها. فهي بهذا القرار المبارك سيكون لها الحق بالمشاركة في اتخاذ القرار، والمساهمة في آليات تنفيذه، والاستعداد للمراحل المقبلة، وإعادة النظر فيما هو قائم، وستشارك من خلال وجودها الفاعل في طرح مقترحات لقوانين وأنظمة جديدة، وعلى أعلى المستويات، وفي أجهزة الدولة كافة التي ننتظر أن تتكامل أدوارها بوجود المرأة فيها»، لافتة إلى ان هذا «يحملها مسؤولية جسيمة، يجب أن تُعد العدة لها»، مؤكدة أنها «أهلاً لذلك». وأضافت «اليوم فقط، أعطي للوطن جزء كبير من حقه على أبنائه، وهو بانتظار باقي ما له، من أجل التوازن والتكامل الطبيعي». واعتبرت المشرفة على حملة «بلدي» لدعم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية فوزية الهاني أن قرارات خادم الحرمين الشريفين «تصب في صالح المرأة، وهي ليست مستغربة منه، فطالما أعطى المرأة حقها من التقدير والاحترام، والمكانة المرموقة»، مضيفة أنه «طالما إن المرأة لن تكون لها مشاركة في الدورة الحالية، كمرشحة وناخبة، بسبب ضيق الوقت؛ نطالب بإشراكها ضمن المجالس المقبلة بالتعيين» من جهتها، قالت دلال كعكي: «غمرتنا الفرحة ونحن نستمع إلى قرارات الملك، فقد أعادت لنا الثقة، وأكدت أننا فعلاً قادرات على خوض هذا المجال، وخدمة الوطن والمواطن من خلاله، كما أخرس كل الأصوات المعارضة لمشاركة المرأة في الشأن العام». ونبهت نائلة عطار، إلى أن «القرارات بوسعها أن تنهي أية مشكلة يختلف عليها المجتمع، وكنا محتاجين لها». وتمنت ان «تصدر قرارات لاحقة، ومن الآن لا بد أن تكون هناك توعية حول الانتخابات، وشروطها، لأن هذه الثقافة جديدة علينا». واقترحت ان «تدخل المرأة المجالس البلدية، بالتعيين، طالما حصلنا على موافقة رسمية، على أن تمنح المرأة ثلث مقاعد المعينين على الأقل». واعتبرت الناشطة سمر بدوي قرارات الملك «من أهم المطالب التي سعينا لها، من الدخول إلى مجلس الشورى، والمشاركة كناخبة ومرشحة في المجالس البلدية، وهذا بحد ذاته انتصار». وقالت: «رفعت قضية ضد وزارة الشؤون البلدية والقروية، ولم يتم إنصافي، ورفعتها مرة أخرى، وتكتمنا عليها إعلامياً، لنصل إلى نتيجة، وجاءت بشائر الخير من خادم الحرمين نصير المرأة، وكان الخبر انتصاراً لنا، وأمراً تفخر به المرأة السعودية، وهذا عهدنا بأبي متعب». وأضافت بدوي أن هذه القرارات «تجعلنا نطالب بحقوقنا الأخرى، مثل قيادة المرأة السيارة، ونتمنى ان تكون هناك قرارات أكثر صرامة ووضوحاً، تصب في صالح المرأة، والملك لن يخيب ظننا». وعن دخول المرأة إلى المجالس البلدية في الدورة الحالية، قالت: «لا بأس من دخول المرأة بالتعيين حالياً، لأنها منذ فترة طويلة تطالب بهذا الحق، إلا أن الانتظار لا مانع منه أيضاً، على أن تكون نهايته الدورة المقبلة، وتستغل هذه الفترة في توعية المرأة السعودية حول مهام المجالس البلدية، وهذا الدور منوط في المرأة، لأن شريحة كبيرة من النساء لا تعلم ماهية المجالس البلدية ودورها، وذلك من طريق محاضرات وأنشطة وفعاليات، ليكون لدى المرأة وعياً كاملاً، وصورة واضحة في الدورة المقبلة». بيد ان الإعلامية تهاني الجهني عارضت دخول المرأة إلى المجالس بالتعيين حالياً، قائلة: «طالما حصلنا على القرار؛ فلماذا العجلة، في الوقت الذي لا يوجد مجال للمرأة أن تدخل كناخبة أو مرشحة، وعلينا استيعاب الموقف بمنطقية، فقد طالبنا كثيراً بذلك، وعلينا أن نكمل طريقنا خطوة خطوة، والخطوات بطيئة، وهذا لا يعني إننا لن نصل»، مؤكدة أنه «حان الآن دور المرأة لترى أخطاء الرجال في المجالس البلدية، وإن كانت التجارب لرجال، إلا إنها تمثل تجربة في السياق ذاته. وعلينا ان نطلع على الخبرات والتجارب في الدول التي سبقتنا في هذا المجال، مثل الإمارات، فقد بدأت المرأة هناك بترشيح نفسها، فما المشكلة إن استسقينا من الخبرات الأخرى، بما يتماشى مع أوضاع مجتمعنا». وأكدت الجهني أن القرارات «ستشكل دافعاً للمرأة للإطلاع على مهام المجالس البلدية، وينصب اهتمامها عليها، وعلينا من الآن، أن نثبت أننا على قدر كبير من المسؤولية، وان نوعي المجتمع النسائي، ونعود الجيل الناشئ على آلية عمل المجلس البلدي، من الألف إلى الياء، فلقد أتيحت لنا الفرصة»، وواصفة القرارات ب«الخطوة الحكيمة والطريقة المدروسة، فلقد كانت المرأة مستشارة في مجلس الشورى، مع وقف التنفيذ، والآن أتيح لها المجال أن تدخله كعضو، وهذا هو عصر الملك عبدالله، عصر النهضة بالنسبة للمرأة».