تواجه القوى والعائلات الصيداوية صعوبة في تحييد الانتخابات البلدية عن الاستحقاق النيابي في الربيع المقبل، طالما ان هناك استحالة في تأمين حد أدنى من التوافق بين تيار رئيس الحكومة رفيق الحريري ممثلاً بشقيقته النائبة بهية الحريري وبين التنظيم الشعبي الناصري برئاسة النائب أسامة سعد، وآل البزري على رغم ان قوى وشخصيات صديقة للطرفين سعت الى تركيب ائتلاف بلدي، لكن جهودها بقيت في حدود الرغبة ولم تتجاوزها الى طرح افكار ملموسة يمكن تسويقها في الشارع الصيداوي. وتقول مصادر صيداوية، ل"الحياة" ان سياسة المراوحة تطغى على الحركة الانتخابية الناشطة التي تصطدم بعدم وضوح الرؤية وبعدم حسم الدكتور عبدالرحمن البزري موقفه النهائي من الترشح لرئاسة البلدية، مع انه لا يزال يتواصل مع أبرز القوى الصيداوية المقررة في الانتخابات خلافاً للقرار الذي اتخذه عدنان زيباوي ممثلاً تيار الحريري والذي يبدو ماضياً في المعركة حتى النهاية ما لم يطرأ تبدل في الحسابات يستدعي العودة الى التوافق، على رغم اعتقاد البعض باستحالته. وعزت المصادر السبب الى ان من شروط التوافق البلدي، التوفيق بين تيار الحريري والنائب سعد، كأساس لتأسيس لائحة ائتلافية يمكن ان يترأسها الدكتور البزري وتشارك فيها الجماعة الإسلامية والعائلات الصيداوية البارزة، لكنه غير قابل للحياة. وكشفت المصادر عن ان زيباوي عندما قرّر خوض الانتخابات لقي تأييداً من تيار الحريري، وجال على جميع القوى الصيداوية، خصوصاً انه كان يتولى في السابق مسؤولية أساسية في منظمة العمل الشيوعي برئاسة محسن ابراهيم وتربطه علاقات جيدة بالتنظيم الشعبي الناصري وبالاحزاب الموجودة على الساحة الصيداوية. وأضافت: أن "البزري يدرس في هذه الأثناء احتمال خوض الانتخابات على رأس لائحة، وباشر توسيع رقعة مشاوراته لتشمل جميع القوى والعائلات الصيداوية، والتقى لهذه الغاية رئيس الحكومة رفيق الحريري وشقيقته النائبة بهية، والنائب أسامة سعد، وقيادات الاحزاب وفي مقدمها الجماعة الاسلامية". وتابعت: "كان جواب الحريري ان لا مانع من دعمه كرئيس للائحة الائتلافية، وأن "تيار المستقبل" الذي يتزعمه يؤيده، مبدياً استعداده لاقناع زيباوي بصرف النظر عن الترشح ولا سيما ان عائلتي الحريري والبزري متقاربتان سياسياً". وترك رئيس الحكومة للبزري اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً، ناصحاً إياه بالتحرّك من أجل التوافق، مشترطاً ان يحظى اقتراحه بتأييد سعد، ولفت المصادر الى ان الجماعة الإسلامية لم تعترض على التوافق. لكن المصادر رأت ان لسعد حساباته المختلفة، خصوصاً أنه يمهد لخوض الانتخابات البلدية للمرة الأولى بعد وفاة شقيقه النائب مصطفى سعد وان الحياة السياسية في صيدا قائمة على المنافسة بين تيار الحريري والتنظيم الشعبي الناصري، وبالتالي لا يرى مصلحة في ان يكونا في لائحة ائتلافية خلافاً للانتخابات السابقة التي سجلت توافقاً بين الحريري والبزري والجماعة ضد أسامة سعد. واعتبرت المصادر نقلاً عن سعد انه سيكون الخاسر من الائتلاف مع تيار الحريري، رافضاً حصر المعركة في أمور إنمائية تخص صيدا ومحملاً المجلس البلدي الحالي مسؤولية التقصير الذي لحق بالمدينة، وهذا ما دفع بالبزري والجماعة الإسلامية الى الاعتراض على كلامه نظراً لأنهما كانا من النواة الأساسية في الائتلاف البلدي السابق، هذا فضلاً عن ان سعد يسعى الى الافادة من النقمة الشعبية على الأوضاع الاقتصادية عامة في ظل رئاسة الحريري للحكومة. وأوضحت ان البزري يحاول إضفاء الطابع الانمائي على المعركة، بينما سعد يتصرّف منذ الآن على انها معركة سياسية بامتياز في مقابل حرص الجماعة الاسلامية حتى اللحظة على الوقوف في منتصف الطريق بين الحريري وسعد مفضلة التريث في تحديد موقفها النهائي الى حين تظهير الفيلم البلدي على حقيقته. وفي قراءة أوساط صيداوية ان سعد يرفض الاندماج البلدي مع تيار الحريري ويعتبر ان شعبيته مستمدة من معارضة رئيس الحكومة، وبالتالي فإنه لا يستطيع التفريط بهذه الورقة حتى لو اتسمت المعركة بطابع بلدي، وهذا ما يدفع بالبزري الذي يواصل تحركه، الى تقويم ابعاد اي قرار يمكن ان يلجأ اليه في نهاية المطاف سواء بالنسبة الى الترشح أو العدول عنه والتفرغ من اجل التحضير للانتخابات النيابية في ربيع 2005. ومن اسباب تريث البزري حرصه على ان يقوّم حساباته الصيداوية متجنباً ان يخطو اي "دعسة ناقصة" يمكن ان تؤثر سلباً في علاقاته السياسية في المستقبل. كما ان البزري يتجنب تغليب حماسته في الترشح لرئاسة البلدية على أفق مصلحته السياسية، خصوصاً انه سيفترق عن الحريري للمرة الأولى منذ ان خلف والده المرحوم الدكتور نزيه البزري في التعاطي في الشأن السياسي العام. أما سعد فينطلق في خوضه المعركة ضد تيار الحريري من انه لن يدفع أي ثمن سياسي، مهما كانت النتيجة، فاذا فازت اللائحة التي يدعمها في الانتخابات البلدية يسجل نقطة في خانة رئيس الحكومة وشقيقته، بينما تؤدي خسارته الى تكريس حال من التعبئة السياسية ضد الحريري. ويواصل "حزب الله" وحركة "أمل" اللذان يتمتعان بحضور سياسي في صيدا حيث للطائفة الشيعية تمثيل في المجلس البلدي، حث القوى الصيداوية على الائتلاف، على رغم ان التنظيمين يعتبران ان مهمتهما صعبة، بل مستحيلة، وأن لا خيار أمامهما سوى الوقوف على الحياد وترك الأمر للعائلات الشيعية الصيداوية لاختيار ممثلين اثنين لها، بينما تنشط الماكينة الانتخابية التابعة لزيباوي بالتعاون مع ماكينة الحريري استعداداً لخوض المعركة التي قد لا يكون هناك مفرّ منها.