شهد لبنان أمس مؤتمرين دوليين ركز الأول على الديموقراطية في أفغانستانوالعراق والكونغو الديموقراطية بعد النزاعات فيها فيما تناول الثاني احتلال العراق وتداعياته. مسألة الديموقراطية كانت أمس في صلب الاجتماع المشترك للجنة العلمية للمركز الدولي لعلوم الانسان في جبيل والمنتدى الدولي حول الديموقراطية والتنمية الذي نظمته "اليونيسكو" بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية. وحدد الاجتماع الذي شارك فيه الأمين العام السابق للأمم المتحدة رئيس المنتدى الدولي للديموقراطية والتنمية بطرس بطرس غالي ومدير عام اليونيسكو المساعد للعلوم الاجتماعية والانسانية الفرنسي بيار سانيه ووزير الثقافة اللبناني غازي العريضي وخبراء دوليون في مجال الديموقراطية، ثلاثة محاور لعمل الاستراتيجية وهي تعزيز البحوث التحليلية المقارنة وتنظيم منتديات الحوار الدولية في شأن مستقبل الديموقراطية وتدعيم الديموقراطية في مجتمعات ما بعد النزاعات. وأشار سانيه في كلمة له في الافتتاح الى ان غاية الاجتماع تكمن في تعزيز مبادرات اليونيسكو وبرامجها وادماجها في مجال العمل والبحث في الديموقراطية وعملية ارسائها في المجتمعات التي انغمست اخيراً في النزاع. وركز غالي في مداخلته على "التدخل المتزايد للأمم المتحدة في النزاعات الداخلية والذي ترجم عملها في مجال تعزيز الديموقراطية عبر عمليات حفظ السلام". وأكد ان الأممالمتحدة والمنظمات الاقليمية ترى في شكل تدريجي ان قلب حكومة منتخبة ديموقراطياً بالقوة لم يعد شأن الدولة وحدها بل أصبح يشكل اهتماماً شرعياً للمجتمع الدولي. ولاحظ ان السلام والديموقراطية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، داعياً اليونيسكو الى "تأدية دور أساسي لجعل الشرعية الديموقراطية والأمن الديموقراطي مبدأين جديدين من مبادئ القانون الدولي". وأمل العريضي في ان "تنتهي المناقشات الى سلسلة من القرارات تنسجم مع ما يجرى في العالم". وقال: "كلام كثير يقال عن الديموقراطية وحقوق الانسان والتنمية وخصوصاً في منطقتنا ومشاريع كثيرة تعد وآخرها الشرق الأوسط الكبير الذي تتحدث عنه الولاياتالمتحدة الأميركية". وسأل: "هل تبنى الديموقراطية بالحرب وهل هي سلطة الأقوى وحرية ممارسة كل اشكال الارهاب والقمع والتسلط لأنها نتاج الأقوى؟ وهل تعني الديموقراطية ممارسة الكذب والتضليل وكل الأساليب البشعة التي نسمع من كثير من الكتّاب الأميركيين والبريطانيين؟ وهل الديموقراطية هي في التجسس على كوفي أنان وعلى رؤساء دول خلال مشاركتهم في مؤتمر للأمم المتحدة لاتخاذ قرارات من أجل السلام وضمان الديموقراطية؟". ورأى "ان كل الاشكال المناقضة للأخلاق يلجأ اليها الأميركيون عندما تقتضي المصلحة الخاصة ذلك ويحملون الشعوب المسؤولية وهذا ما فعلوه مع صدام حسين عندما انتهى دوره ومع الرئيس الهاييتي الأميركي أريستيد وحتى مع بن لادن الأميركي". أما ندوة "مركز دراسات الوحدة العربية" عن "احتلال العراق وتداعياته: عربياً واقليمياً ودولياً"، فانها استهلت بكلمة لرئيس المركز خير الدين حسين طرح فيها اسئلة أبرزها: "هل احتلال العراق كان تنفيذاً لاستراتيجية أميركية مستدامة أم انها استراتيجية أم كان احتلاله أمراً محتوماً أم انه الطوفان الذي يمكن ان يأتي بعده الهدوء؟". ثم تحدث الرئيس سليم الحص فرأى ان "مشكلة العرب في هذا العصر هي غطرسة القوة التي تحكم سياسة الدولة العظمى الولاياتالمتحدة في منطقتنا على كل صعيد، و"قانون محاسبة سورية" آية من آيات الغطرسة الاميركية التي لا تعرف حدوداً". وقال ان "العراق كان يشكل هاجساً للدولة العبرية، وكان من أهداف أميركا القيام بضربة ترهب بها العالم العربي أجمع". وأشار الى ان "الادارة الاميركية بعد ان تبين أن العراق لا يملك اسلحة دمار شامل، اخذت تبرر هجومها عليه بتحريره من حكم استبدادي غاصب، وبهذا المنطق ما الذي يمنعها من مهاجمة اي دولة لا يعجبها نظامها؟". وبدأت الجلسات وأبرزها جلسة عن "الرؤية الاستراتيجية الاميركية الجديدة للمنطقة العربية والعالم" وتحدث فيها مدير مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة "جورج تاون" في واشنطن الدكتور مايكل هدسون مركزاً على "سياسات السلام الاميركي في العراق والشرق الاوسط". وقال: "ان الولاياتالمتحدة ابتعدت عن موقفها التقليدي اذ انتقلت من موقف التمسك بالامر الواقع الاقليمي الى سياسة تدخل نشط". ورأى ان "احداث 11 ايلول سبتمبر مكنت شبكة المحافظين الجدد المتأثرة بمصالح الجناح اليميني الاسرائيلي، من انتهاز هذه الفرصة لفرض جدول اعمالها الراديكالي". واشار الى "بدء انتفاض تيارات داخلية معارضة ومنها الصوت الناقد للحزب الديموقراطي"، معتبراً ان "المعارضة الداخلية الأميركية هي العامل الوحيد الذي يمكن ان ينهي ثورة السياسة الخارجية للمحافظين الجدد في الشرق الاوسط". ثم تحدث رئيس "مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية" في دمشق الدكتور عماد فوزي شعيبي فركز على الخلفيات الاستراتيجية والفلسفية لتمادي اليمين الجديد في الولاياتالمتحدة وهو "ثلاثة تيارات متمايزة وكلها محافظة: تيار اليمين الجديد، تيار المسيحيين الاصوليين، وتيار التمامية البروتستانتية". ورأى "ان سياسة هؤلاء تهدف الى احداث تحول دائم لأميركا".