شهدت مدينة نيس وسط فرنسا تجمعاً صامتاً شارك فيه بضع مئات من افراد الجالية المسلمة احتجاجاً على الحريقين المتعمدين اللذين اضرما في مسجد المدينة وفي قاعة صلاة تقع في ضواحيها، في حضور عميد مسجد ليون كامل قبطان، عضو المجلس الاقليمي للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة وفي غياب اي ممثل رسمي عن المدينة او السلطة الفرنسية. ودان الرئيس جاك شيراك الحادثين، وقال في بيان نشره مكتبه انه "شعر بصدمة شديدة لدى علمه بالهجومين وهو يدين بقوة هذه الاعمال البغيضة"، معرباً "عن تعاطفه وتضامنه مع جميع المسلمين في فرنسا ويؤكد لهم اصرار السلطات على ضبط ومعاقبة مرتكبي الهجومين". ويعكس هذان الحادثان التوتر القائم في فرنسا والذي تصاعد منذ طرح قانون حظر الحجاب في المدارس العامة الذي اقر نهائياً قبل يومين بعدما صوّت عليه مجلس الشيوخ، ويجد فيه البعض ذريعة لاستهداف المسلمين والتعبير عن رفض تقبلهم كجزء من المجتمع الفرنسي. وبعد التجمع استقبل محافظ المنطقة فرانسوا كازكو وفداً من الجالية المسلمة على رأسه قبطان الذي كان صرح بأن حريقي المسجد وقاعة الصلاة ليسا مجرد عمل تخريبي وانما يمثلان اعتداء. وقال قبطان ان مثل هذا العمل "لا يمكن الا ان يعزز قناعتنا بأننا على الدرب الصحيح" و"سنبقى متضامنين في وجه محاولات تهميشنا". وأبدى اسفه للاضرار البالغة التي لحقت بالمسجد وقاعة الصلاة، وأيضاً لغياب اي ممثل عن الدولة او عن مدينة آنسي، داعياً الى انخراط السلطات الفرنسية في شكل اكبر لفرض احترام المسلمين. وكان الحريق الذي استهدف قاعة الصلاة الواقعة في حي سيينود، في ضاحية آنسي وقع عند الواحدة و50 دقيقة من الليلة ما قبل الماضية وتبعه الحريق الثاني الذي استهدف مسجد المدينة فجراً وتمكن رجال الاطفاء من السيطرة عليه قبل ان يأتي على المبنى بأكمله. ودان المجلس الفرنسي للديانة المسلمة في بيان له الحادثين اللذين وصفهما ب"العنصريين والعداء للاسلام"، ودعا السلطة الى الكشف عن المتسببين بهما، كما دعا المسلمين الى "تحمل هذه الضربة بهدوء وكرامة ويقظة". وفي بادرة تضامن مع مسلمي فرنسا، دان المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية الحادثين "بقوة" وقال ان الاعتداءات على اماكن العبادة لا يمكن التغاضي عنها وتستدعي رداً حازماً من السلطات العامة. وتعهد وزير العدل الفرنسي دومينيك بيربين اعتماد اقصى قدر من القسوة بحق مفتعلي الحريقين، مشيراً الى ان هذا العمل يقع تحت طائلة قانون شباط فبراير 2003 الذي ينص على مضاعفة العقوبة بحق مرتكبي الاعمال العنصرية. وفيما تولت الشرطة القضائية في المنطقة التحقيق في الحادثين، فإن كلام بيربين يعني ان مرتكبيهما يتعرضون في حال الكشف عنهم لعقوبة تصل الى السجن 02 سنة. وقد ينجح التشدد الذي تبديه السلطات في التعامل مع الاعتداءات التي تستهدف الجاليتين المسلمة واليهودية في الحد من هذه الاعمال، لكنه غير كفيل بتبديد الاحتقان الناجم عن اعمال باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في فرنسا. فالحريقان في آنسي يعقبان منع عرض فيلم "الطريق 181" للمخرجين الاسرائيلي ايال سيفان والفلسطيني ميشيل خليفة، في مركز بدبروغ الثقافي الفرنسي بحجة ان الفيلم ينطوي على تحريض على قتل اليهود، ومنع الممثل الكوميدي مبالا مبالا ديودونيه من تقديم عرضه المسرحي في الاولمبيا بحجة العداء للسامية وأيضاً منع مفوضة فلسطين في فرنسا ليلى شهيد والكاتب الاسرائيلي ميشال وارشافسكي من عقد لقاء مع مجموعة من الشباب في حي الاريان في مرسيليا.