توصلت الولاياتالمتحدة الاميركية والمغرب مساء اول من امس، وبعد 8 جولات من المفاوضات الماراثونية استغرقت زهاء عام، الى اتفاق يقضي بتأسيس منطقة التبادل التجاري الحر بين البلدين على مراحل تشمل السلع والخدمات المختلفة مع بعض الاستثناءات في مجال الصادرات الزراعية خصوصاً القمح الاميركي. واصبح المغرب ثاني دولة عربية، بعد الاردن، وثالث دولة شرق اوسطية بعد الاردن واسرائيل لها اتفاق تجاري مع الولاياتالمتحدة في حين تتفاوض كل من مصر والكويت والبحرين مع واشنطن لتوقيع اتفاقات مشابهة. وقع مسودة الاتفاق التجاري عن الجانب الاميركي الممثل التجاري الأميركي روبرت زوليك وعن الجانب المغربي الوزير المنتدب في الخارجية الطيب الفاسي الفهري. وينتظر ان يتم توقيع الاتفاق رسمياً الشهر المقبل بحضور الملك محمد السادس والرئيس جورج بوش على ان يٌعرض الاتفاق على الكونغرس الاميركي والبرلمان المغربي للتصديق. واعربت الخارجية المغربية عن ارتياحها للتوصل الى اتفاق تجاري مع الولاياتالمتحدة واعتبرت"ان تأسيس منطقة التجارة الحرة مع الولايات لمتحدة يندرج في اطار الجهود التي تقوم بها المملكة لدمج الاقتصاد المغربي في المجال الاقليمي والدولي ومواكبة مسلسل العولمة وتنويع الشركاء الاقتصاديين واجتذاب الاستثمارات الخارجية". وجاء في بيان مغربي"ان الاتفاق يراعي الوضعية الاقتصادية المحلية ووتيرة التنمية المغربية ويأخذ بعين الاعتبار الاكراهات والتحديات التي تواجه بعض القطاعات الانتاجية وانعكاساتها الاجتماعية"في اشارة الى الملف الزراعي الذي كان من اسباب ارجاء التوصل الى الاتفاق نهاية العام الماضي. ويعيش على الزراعة نحو 40 في المئة من السكان. ويشمل الاتفاق، الذي ستُكشف تفاصيله لاحقاً، اجراءات لتقليص الرسوم الجمركية ورفع الحواجز عن التجارة البينية في الاتجاهين وحماية الملكية الفكرية والصناعية وحقوق الابتكار ويسمح بفتح اسواق الخدمات مثل المصارف والتأمين والاتصالات والترفيه ويضمن التدبير الجيد للادارة والشفافية الحكومية في الاشراف على الاقتصاد. وقال زوليك:"ان الاتفاق يسمح بفتح الاسواق المغربية امام السلع الاميركية ويحمي حقوق الاختراع ويمكن الصناعات الاميركية من الحصول على موطئ قدم في منطقة استراتيجية قريبة من الاسواق الاوروبية واسواق الشرق الاوسط". وعلى رغم ان الاتفاق لا يقضي بفتح اسواق القمح في المغرب الا انه يضع الصادرات الزراعية الاميركية في مستوى الامتياز الذي تحصل عليه الشركات والصادرات الاوروبية المرتبطة مع المغرب باتفاق الشراكة لعام 1996 . واعتبرت مصادر اميركية ان الاتفاق مع المغرب يندرج في اطار"صوغ الشرق الاوسط الكبير"ودعم الديموقراطية وحقوق الانسان في المنطقة والاعداد للمنطقة اليورومتوسطية التي سيؤسسها الاتحاد الاوروبي مع دول جنوب البحر الابيض المتوسط في افق سنة 2012 . ومن المتظر ان تنطلق مفاوضات مشابهة مع البحرين لاقامة منطقة حرة. وكانت جمعيات من المنظمات غير الحكومية انتقدت الاتفاق مع الولاياتالمتحدة واعتبرته لا يحمي مصالح الفقراء في مجال العلاج وتحصيل الادوية المستنسخة الرخيصة اضافة الى المخاطر التي قد تحدق بالقطاع الزراعي ووضعية الارياف المغربية التي تواجه صعوبات اجتماعية. تأهيل القطاع الزراعي وقال وزير الزراعة والتنمية القروية محمد العنصر ل"الحياة"ان"الاتفاق متوازن وسيفتح افاقاً واسعة امام الاقتصاد المحلي والصادرات المغربية ويؤمن الاستثمارات الاميركية وهناك اتجاه الى تأهيل القطاع الزراعي على مدى العقد الجاري لتمكينه من المنافسة". واشار الى ان تأهيل القطاع الزراعي كان وارداً في خطة الحكومة سواء بالاتفاق التجاري او من دونه بفعل التحولات الدولية وتوسع الاتحاد الاوروبي وزيادة المنافسة وفتح الاسواق. ويتوقع ان تتضاعف المبادلات التجارية بين الولاياتالمتحدة والمغرب الى بليوني دولار في السنوات القليلة المقبلة من بليون دولار حالياً. ويراهن المغرب على الحصول على مزيد من الاستثمارات الاميركية خصوصاً الصناعية منها والموجهة الى اسواق الاتحاد الاوروبي والشرق الاوسط"الكبير".