جدّدت اللجنة الأميركية المكلفة التحقيق في هجمات 11 أيلول سبتمتر، طلبها من مستشارة البيت الابيض لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس، المثول امامها لتقديم شهادة علنية، على رغم رفض رايس المتكرر لذلك، مستندة الى مبدأ الفصل بين السلطات. وحظي الحدث بتغطية كبيرة من القنوات التلفزيونية الأميركية التي اجرت مقابلات مع كبار المسؤولين في الادارة. لكن ابرز المقابلات كان مع ريتشارد كلارك المستشار السابق في البيت الأبيض لشؤون الإرهاب في "قابل الصحافة" على شاشة "أن بي سي". وأعاد كلارك تأكيد ان ادارة الرئيس جورج بوش اخفقت في اتخاذ اجراء عدائي ضد "القاعدة، قبل هجمات 11 ايلول. تسابقت شاشات التلفزيون الأميركية على استضافة الأعضاء في الإدارة الاميركية في برامجها الحوارية، مع تجديد رئيس لجنة التحقيق في "11 ايلول" توماس كين ونائبه لي هاملتون مطالبتهما كوندوليزا رايس المثول في جلسة علنية لنقض شهادة مرؤوسها السابق ريتشارد كلارك. ورأى كين أن البيت الأبيض يتخوف من أن تلغى بعض امتيازاته التنفيذية لتمكين اللجنة من الوصول إلى السبب الرئيسي الذي أدى إلى وقوع الهجمات. وقال لشبكة "فوكس نيوز": "نعرف أن هناك حججاً تتعلق بفصل السلطات. لن نسعى إلى اجبار رايس على الادلاء بشهادتها علناً من خلال استصدار قرار من محكمة، ولا نعتقد أن الدخول في معركة قضائية ملائم في الوقت الحالي، كما أنه لا يساعدنا". واضاف: "نعتقد أنه في مأساة بهذا الحجم، لا تصمد مثل هذه الحجج القانونية على الارجح". من جهته، قال لي هاملتون لشبكة "سي أن أن": "من مصلحة الإدارة أن تشهد رايس علناً، لكنهم رفضوا ذلك". وأشار إلى أن رايس "ساعدتنا كثيراً في الجلسات الخاصة. عبرت لنا عن سعادتها لعودتنا، لذا سنحصل في اللجنة على المعلومات التي نريد. غير أن ثمة بعداً آخر هو البعد العام، وأعتقد أن الجمهور الأميركي سيستفيد من سماع كوندوليزا رايس تشهد تحت القسم". وكان مرشح الحزب الديموقراطي الى الرئاسة جون كيري تحدى رايس أن تدلي بإفادتها علناً واتهم إدارة بوش بعرقلة عمل اللجنة وبشن حملة ذم بكلارك. تعنّت رايس وأعلنت رايس خلال برنامج "60 دقيقة" أنه من المستحيل لها أن تشهد علناً بسبب موقعها في الإدارة، لا سيما أنها خصصت أربع ساعات لشهادة خاصة. وقالت: "هناك مبدأ مهم في هذه المسألة. لدينا سلطتان منفصلتان: الاشتراعية والتنفيذية. تستمد اللجنة هذه 11 أيلول سلطتها من الكونغرس، وثمة مبدأ يقول أن مستشاري الأمن القومي لا يمثلون أمام الكونغرس". واستطردت: "ليس لدي ما أخفيه". وعمّا إذا كانت لتتخذ إجراءات مختلفة في ما يتعلق بالتهديدات الإرهابية المحتملة بين تاريخ تولي الرئيس جورج بوش الحكم في كانون الثاني يناير 2001 وتاريخ وقوع الهجمات بعد تسعة أشهر، قالت: "كنّا حيث كنّا وأعرف ماذا فعلنا". وأضافت: "أعلم أنهّ بعد فترة قصيرة على عملنا في الإدارة، سألت فريق مكافحة الإرهاب الذي أبقيناه منذ عهد إدارة الرئيس كلينتون من أجل الاستمرارية والخبرة، سألناه عن المبادرات السياسة الواجب اتخاذها". وأشارت إلى أن المسؤولين في إدارة بوش تسلموا لائحة المبادرات السياسية واتبعوها ووضعوا استراتيجية للقضاء على تنظيم "القاعدة" قبل وقوع هجمات 11 أيلول. وإلحاح كلارك وحض ريتشارد كلارك الإدارة على إعلان ما أفاد به عام 2002 أمام اللجنة المشتركة للكونغرس التي كانت تحقّق في الهجمات. وقال إن الشهادات ستبيّن أنّ الإدارة أخفقت في اتخاذ إجراء عدائي ضدّ "القاعدة" قبل وقوع الهجمات في نيويورك وواشنطن. وطالب الإدارة في شكل خاص بالكشف عن مبادرات مكافحة الإرهاب التي وضعها بعد أيام فقط على تولي بوش الرئاسة، إضافة إلى الخطّة التي صدّق البيت الأبيض عليها بعد أكثر من سبعة أشهر، أي قبل أسبوع على وقوع الهجمات. وعن قول كلارك في شهادته أن بوش "قوّض في شكل كبير الحرب على الإرهاب" لغزو العراق، ردّت رايس بأنها اتهامات "بذيئة". وقالت في اعتذاره لأهالي الضحايا: "لن أسأل عما كان كلارك يشعر أو لا يشعر به. أظن أن العائلات في حاجة إلى إدراك أن الجميع يفهم خسارتهم الكبيرة". وأقرّت أنهّ في اليوم التالي للهجمات، طلب الرّئيس بوش من كلارك اكتشاف رابط بين الاعتداءات والعراق. لكنها نفت أن يكون عمد إلى التهويل على كلارك "لافتعال" معلومات في هذا السياق. وكان البيت الأبيض أنكر الأسبوع الماضي حصول هذا الحديث بين الرئيس وكلارك، ما يدعم تهمة الأخير للإدارة بتحويل الاهتمام إلى العراق وصدام حسين على حساب ملاحقة "القاعدة". ثم أوضحت رايس أنه خلال اجتماع كبار مستشاري الإدارة في كامب ديفيد للتخطيط لإستراتيجية ما بعد الهجمات، "وضعت خريطة أفغانستان على الطاولة وكانت محور التركيز". باول ورامسفيلد ودافع وزير الخارجية كولن باول عن موقف رايس، مشيراً إلى أنه ما كان ليمثل علناً عندما كان مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس رونالد ريغان في أواخر الثمانينيات. واعلن لشبكة "اي بي سي" ان رفض المستشارين الشخصيين للرئيس الاميركي استجوابهم علناً وتحت القسم من قبل الكونغرس "قاعدة مطبقة منذ فترة طويلة وقد شهدت سوابق وبدت مفيدة". كذلك قال وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أن رايس "بإمكانها أن تكون شاهدة رائعة. إنها متلهفة لذلك والرئيس سيكون مسروراً، غير أن محامي الإدارة رأوا أن خطوة مماثلة ستجعل الوضع مختلفاً عمّا كان عليه وإن كانت قادرة على وضع حدّ للكثير من الخلافات".