أظهر نجاح"معرض السياحة الدولية"الذي انتهى مؤخراً في برلين أن قطاع السياحة الدولي يتطلع بتفاؤل الى المستقبل ويتوقع نمواً ملحوظاً في أعداد السياح في الفترة المقبلة. وذكر بيان التقويم الختامي الذي أصدرته ادارة المعرض الدولي السنوي، الذي استمر خمسة أيام وشاركت فيه مجموعة كبيرة من الدول العربية بصورة رفيعة عن طريق وزراء السياحة فيها، ان 75 في المئة من العارضين ال 10023 من 178 دولة قيّموا بصورة ايجابية نتائج الاتفاقات السياحية التي عقدوها وحققت زيادة بلغت 5 في المئة. وزار المعرض حوالي 141 ألف زائر ومسؤول سياحي بينهم 75 ألف متخصص في القطاع السياحي أعرب 90 في المئة منهم عن توصلهم الى نتائج ايجابية. وكانت السياحة العالمية سجلت العام الماضي تراجعاً واضحاً عن العام الذي سبقه 694 مليوناً العام 2003 مقابل 702 مليون العام 2002. وذكر بيان احصائي وزع في"الملتقى السياحي العربي الالماني السادس"الذي عقد على هامش المعرض بدعوة من"غرفة التجارة والصناعة العربية - الالمانية"وحضره ثمانية وزراء سياحة عرب وكبار المسؤولين عن القطاع في الدول العربية والمانيا أن أسباب التراجع تعود الى ثلاثة عوامل رئيسية هي حرب العراق ووباء"سارس"الذي تفشى في جنوب شرق آسيا وتراجع الاقتصاد العالمي عموماً. وعلى رغم ذلك شكلت منطقة الشرق الاوسط ودول شمال افريقيا استثناء ايجابياً حيث سجل نمو السياحة فيها العام الماضي زيادة بلغت أكثر من 10 في المئة مقارنة مع العام 2002. وارتفع عدد السياح في منطقة الشرق الاوسط من 27.6 مليون الى 30.4 مليون شخص في حين ارتفع العدد في شمال افريقيا من 10.3 مليون الى 10.8 مليون. وشهدت السياحة العربية نمواً وصل الى 10 في المئة العام 2003 مقارنة مع العام 2002، أي بزيادة 2.8 مليون سائح، ما يعتبر من أحسن النتائج الاحصائية التي أصدرتها منظمة السياحة العالمية. وتمكنت دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وسورية والاردنولبنان وسلطنة عمان من تحقيق معدلات نمو جيدة. وما يلفت الانتباه، كما جاء في البيان الاحصائي، نمو السياحة داخل المنطقة العربية نفسها الى جانب قيام الحكومات العربية بالاهتمام بصورة أكبر بشؤون تطوير السياحة. ومنذ العام 2000 زاد عدد السياح الى منطقة الشرق الاوسط الى نحو 6.5 مليون سائح اجنبي، وهي نسبة نمو تبلغ 27 في المئة. وتبشر توقعات المسؤولين عن السياحة الدولية والعربية بأن يحقق العام 2004 الجاري نمواً أعلى بعد التأكد من المؤشرات الأولية للانتعاش الاقتصادي في كل من الولاياتالمتحدة الاميركية واوروبا واليابان، اضافة الى الامال المعقودة على تهدئة النزاعات السياسية العالمية. وأشار البيان الى أن الاوروبيين شكلوا خلال السنوات الاخيرة نسبة 35 في المئة من زوار الشرق الاوسط فيما وصلت نسبتهم الى 65 في المئة في دول شمال افريقيا. ويبقى السياح الالمان ركيزة هامة للقطاع السياحي في الدول العربية حيث ان دولاً مثل مصر وتونس والمغرب تجذب منذ سنوات عدة السائح الالماني بصورة متزايدة حدّت منها للاسف الاعتداءات الارهابية التي وقعت خلال الاعوام الثلاثة الفائتة، خصوصاً في تونس واليمن أو في مناطق النزاع الإقليمي المزمن مثل الاردن وسورية وفلسطين في حين يشهد لبنان جذباً بطيئاً لكن واضحاً للسائح الالماني راجع جدول تطور عدد السياح الالمان الى الدولة العربية. وتمكنت الدول العربية بصورة متمايزة من تعويض خسارة السياح الاجانب العام الماضي عن طريق سكان دول الخليج العربية الذين تحفظوا بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر عن مواصلة سياحتهم التقليدية المفضلة في الولاياتالمتحدة وأوروبا، خصوصاً بعد التقييدات الاميركية الصارمة والمذلة التي فرضت على العرب. ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر في السنوات القادمة أيضاً، الأمر الذي جعل المسؤولين عن السياحة العربية يتحدثون عن بدء التفكير في تطوير السياحة العربية الداخلية على غرار البلدان الاوروبية حيث أن 70 في المئة من سياح 20 بلداً فيها يأتون أصلاً من أوروبا. وتعي الحكومات العربية هذه الحقيقة، كما جاء في البيان، وتعمل على ايجاد عروض سياحية تتناسب مع الطلب والذوق الغربي، لذلك قد يفيد ربما الربط بين مقصد سياحي معين وتطوير هوية محددة للتعريف به كمقصد معين مثل مدينة دبي التي تروج لنفسها"روح الاصالة العربية"من جهة أخرى. وتتوقع منظمة السياحة العالمية في حال حدوث استقرار للوضع في العراق وفي النزاع الاسرائيلي الفلسطيني انتعاشاً سياحياً في البلدان العربية بسبب التنوع السياحي المتميز فيها. كما تتوقع في المقابل انتعاشاً للسياحة العربية الى اوروبا، خصوصاً الى المانيا حيث عدد الزوار العرب في ازدياد مضطرد وحيث تزدهر فيها أيضاً السياحة الطبية. وسجل العام 2003 الماضي زيارة 143 ألف عربي من دول الخليج فقط الى المانيا حيث قضوا فيها 440 ألف ليلة يزيادة تصل الى 10 في المئة عن العام 2002 حسب ما ذكر المكتب الاتحادي الالماني للاحصاء. ولتعزيز تطور السياحة العربية ونجاحها على المديين المتوسط والطويل حدد خبير السياحة الالماني الدكتور أيريش كاوب، وهو رئيس سابق لاتحاد اقتصاد السياحة الالمانية، في حديث مع مجلة"السوق"التي تصدرها غرفة التجارة والصناعة العربية - الالمانية في برلين ستة معايير أساسية: 1 التركيز على المحيط، أي أخذ الأسواق المحلية وأسواق المنطقة والأسواق الدولية بعين الاعتبار خلال التخطيط السياحي وتنفيذ المشاريع السياحية. 2 تطوير المنتج السياحي عن طريق تقديم عروض سياحية متنوعة مع التركيز على النشاطات المتميزة. 3 الحفاظ على الأصالة في التصميم المعماري والانسجام في اسلوب البناء من خلال العودة الى استخدام العناصر التقليدية المحلية المتميزة للبلد. 4 الانتباه الى ان استراتيجيات التسويق ستتغير من حيث الأساس بحكم الانتشار العالمي لانظمة المعلومات والحجز الجديدة التي تؤثر في بنية العرض والطلب. 5 الالتزام المتبادل والشراكة المنظمة بين القطاعين الخاص والعام على اعتبار أنهما يشكلان ضماناً لسياحة المستقبل، مع الاشارة الى عدم القدرة على اجراء تسويق فعال للمنتجات السياحية إلاّ اذا تم انشاء بنية تحتية مناسبة من جانب الحكومات وعبر انشاء لجان سياحية حكومية. 6 اعادة اكتشاف الثروات السياحية الطبيعية في كل بلد حيث لا بد من سياحة ملائمة للبيئة تتمتع بجودة عالية.