فجّر المحامي الفرنسي جاك فيرجيس، المعروف بحبه للإثارة والاستفزاز، قنبلة إعلامية جديدة بإعلانه خلال تسجيل برنامج تلفزيوني دعي إلى المشاركة فيه، عزمه على الدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. وفاجأ فيرجيس معدي البرنامج والضيوف المشاركين فيه، بإعلانه تلقائياً أن ابن شقيق صدام خوّل إليه الدفاع عن عمه، وأن حوالى اثني عشر محامياً فرنسياً سيعاونونه في هذه المهمة. وكان فيرجيس الملقب ب"محامي الشيطان" نظراً الى لائحة الشخصيات المثيرة للجدل التي مثلها امام المحاكم، ومنها مجرم الحرب النازي كلاوس باربي، والارهابي الدولي ايليتش راميريز سانشيز الملقب ب"كارلوس" وغيرهما، كلف أيضاً الدفاع عن نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز الذي كانت تربطه به علاقات شخصية على مدى سنوات. وفي اطار الإعداد للدفاع عن صدام في موعد غير معروف بعد، ووفقاً لاجراءات لم تحدد، زار فيرجيس الأردن، حيث قال إن مقربين من الرئيس المخلوع اتصلوا به، وأبدى في حينه استعداده لتمثيل صدام أمام المحكمة من دون أن يكون مكلفاً بذلك بعد. وشبه فيرجيس الذي لم يكشف تفاصيل تكليفه المستجد، محاكمة صدام بمحاكمة المسؤولين النازيين في نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية. ويعتزم فيرجيس، صاحب الشخصية المتعالية الذي اختار السير عكس التيار نهجاً لحياته وعمله، منذ دفاعه عن اعضاء جبهة التحرير الوطني الجزائرية وزواجه من المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، رد التهمة التي توجهها الولاياتالمتحدة الى صدام، الى المسؤولين في الادارة الاميركية بصفتهم متواطئين ومتهمين مثله. وقال إن واشنطن التزمت على مدى سنوات طويلة دعم النظام العراقي السابق وان وزارة التجارة الاميركية سمحت في ايلول سبتمبر 1988 ببيعه مواد كيماوية سامة، في اطار صفقة ابرمت في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان، وعبر وزير الدفاع الحالي دونالد رامسفيلد. ويعتبر فيرجيس انه إذا كان صدام يواجه تهمة ارتكاب مجازر بحق الابرياء، بواسطة اسلحة كيماوي، ينبغي ان يقف رامسفيلد إلى جانبه في قفص الاتهام، ويواجه التهمة ذاتها. ويؤكد المحامي الفرنسي أنه تلقى من مخبر مجهول وثائق سرية تسمح له بتدعيم هذا التوجه، وأن ضمن هذه الوثائق صورة لرامسفيلد مصافحاً صدام بحرارة. صحيح ان فيرجيس معروف بحماسته للقضايا العربية، لكن اهتمامه بمصير طارق عزيز وصدام مرده أكثر الى اصراره على رغم بلوغه التاسعة والسبعين على تسليط الأضواء على شخصه وتدعيم سيرته الفريدة. فهو مولود لأب طبيب عمل في المستعمرات الفرنسية وأمه فيتنامية. انخرط في مقاومة النازية وهو في السابعة عشرة والتحق بالحزب الشيوعي الفرنسي، وذاع صيته منذ دفاعه بشراسة عن ناشطي جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وتعمد فيرجيس دوماً أن يقترن اسمه بالمحاكمات البارزة، سواء على الساحة الفرنسية أو الدولية، ومنها محاكمة رئيس يوغوسلافيا السابق سلوبودان ميلوشيفيتش أمام محكمة لاهاي، حيث أظهرت مقدرته الكلامية وقوة شخصيته مهارة في خلط الأوراق. لكن سلوكه جعله معرضاً للمغالاة ولشكوك برزت في علاقته ببعض الحكام الأفارقة وأيضاً ب"الخمير الحمر"، ما أدى الى اختفائه عن الساحة في صورة غامضة بين عامي 1970 و1978. يقول الصحافي برنار فيوليه الذي أعد سيرة لفيرجيس، ان حاجته منذ الصغر إلى اعتراف الآخرين به وبكفاءته، اصابته بجنون العظمة، وأبعدته عن مهنة المحاماة ليصبح بمثابة "مرتزق في الحقل القانوني".