حتى اليوم، إذا كان يمكننا التحدث عن نجاح حقيقي لأي سينما لبنانية، في الخارج ثم في الداخل، فإن الفيلمين الأولين اللذين يردان الى الأذهان هما "بيروت الغربية" لزياد دويري، و"لما حكيت مريم" لأسد فولادكار. فهذان الفيلمان نجحا حين حققا وعرضا، نقدياً وجماهيرياً وفي العديد من المهرجانات، انطلاقاً من قوتهما الذاتية، موضوعاً وشكلاً. لذلك ووسط الضجيج الإعلامي الذي ساد من حولهما، كان متوقعاً أن يتمكن دويري ثم فولادكار، وبكل سهولة، من العثور على من يمول مشاريعهما التالية، ولا سيما محلياً. لكن هذا التوقع كان خاطئاً، اذ ها هو زياد دويري يحقق فيلماً ثانياً له، ولكن في فرنسا وبأموال لا علاقة لها بلبنان، وبموضوع لا علاقة له به. أما أسد فولادكار، فإنه بعد بحث مضنٍ وجد ضالته الانتاجية في... مصر، وليس في لبنان... ما يطرح اسئلة حقيقية حول قيمة النجاح في لبنان، وحول جدية ما يجري الحديث عنه عن دعم للسينما، وأكثر من هذا عن "خطط" لدعم المشاريع الاستثمارية في البلد! المهم، إذاً، أن الترياق جاء هذه المرة أيضاً من البعيد. وها هو أسد فولادكار يتفاوض مع المنتج المصري غابريال خوري، منتج أفلام خاله يوسف شاهين عادة، على انتاج فيلمه الجديد، الذي يفترض أن تصوّر مشاهده بين لبنان واستراليا. ومن المتوقع أن تسير المفاوضات في شكل طيب، ما يمكن من عودة خوري نفسه - وهو ذو أصول لبنانية وعلى علاقة مصاهرة مع لبنان - الى الاستثمار في السينما اللبنانية. أما بالنسبة الى زياد دويري فها هو بعد ستة أعوام من النجاح الكبير والاستثنائي ل"بيروت الغربية" ينجز في مدينة مرسيليا الفرنسية تصوير فيلمه الثاني "ليلى تقول هذا"، وموضوعه حكاية حب، وسلوك درب الحياة في مدينة الجنوب الفرنسي التي تكاد تكون عربية الطابع، بين مهاجرة بولندية حسناء تقوم بدورها فاهينا جيوكانتي، أحدى ممثلات فيلم "بلوبيري" الذي يثير ضجة في فرنسا الآن وفتى من أصل عربي يقوم بدوره محمد خواص. هذا الفيلم لن يكون جاهزاً الا بعد شهر أو أكثر، ما يجعل مجلة "ستديو" الفرنسية تتحدث عن امكان مشاركته في احدى تظاهرات الدورة المقبلة لمهرجان "كان" السينمائي...