هدد وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز باستهداف "قادة التنظيمات الإرهابية وبكل الوسائل دفاعاً عن إسرائيل"، مضيفاً ان المؤسسة الأمنية وضعت سياسة واستراتيجية لهذه الغاية. وقلل من شأن تحفظ رئيس جهاز الأمن العام شاباك آفي ديختر عن قرار تصفية مؤسس "حماس"، وقال إن قادة كل الأجهزة الأمنية أيدوا القرار في نهاية المطاف. بدوره، اعتبر رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون تعقيب رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات والأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله على اغتيال الشيخ ياسين "دليلاً على أنهما باتا يدركان أن ذلك الاغتيال يقترب منهما". وكرر الموقف الإسرائيلي الزاعم أن الشيخ ياسين لم يكن زعيماً روحياً ولا سياسياً لحركة "حماس" إنما وقف على رأس منظمة "إرهابية عملت ضد دولة إسرائيل، وكان مصدر إلهام لنشاطات مسلحة أسفرت عن مقتل إسرائيليين ابرياء". وأضاف في سياق محاضرة ألقاها في تل أبيب، ان تصفية الشيخ ياسين "تشكل ضربة قاصمة لحركة حماس"، معترفاً بأنها "تحفز ناشطيها على تصعيد هجماتهم، لكنها على المدى البعيد قد تحقق الهدوء في قطاع غزة وتشجع عناصر فلسطينية معتدلة على العمل من دون تحويل القطاع إلى حماس لاند". وأعرب عن أمله بأن يعي كل من اختار قتل إسرائيليين ان مصيره سيكون الاغتيال. وهدد يعالون "برد قاسٍ" على أي هجوم على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، وقال: "أرجو أن يفهم حزب الله أن ليس من مصلحته اللعب بالنار". وانضم وزير الأمن الداخلي، من أبرز صقور ليكود، تساهي هنغبي، إلى المتوعدين، وقال للإذاعة العبرية إن كل قادة "حماس أهداف مشروعة"، وان "أيام الذين يواصلون تخطيط عمليات انتحارية باتت معدودة". وزاد ان إسرائيل انتقلت من الدفاع إلى الهجوم "والبحث عن كل من يبادر أو يخطط أو يمارس الإرهاب". وعكست عناوين الصحف العبرية أمس حال الخوف في الشارع الإسرائيلي تحسباً لانتقام "حماس" وتصدرتها بيانات الشرطة وأجهزة الأمن عن اتخاذ أقصى درجات التأهب في شتى أرجاء إسرائيل وعلى حدودها مع لبنان ومع أراضي السلطة الفلسطينية وفي المعابر الحدودية والمطارات. وانعكس هذا التحذير في امتناع الإسرائيليين عن ارتياد التجمعات التجارية الكبرى والمقاهي ودور السينما وتفادي الصعود إلى الحافلات أو المكوث في أماكن عادة تعج بالناس. وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن أجهزة الأمن لا تستثني في اجراءاتها المشددة المباني الشاهقة والمستشفيات والمدارس، وأنها تتوقع أن تستمر حال التأهب هذه أسابيع وربما شهوراً، معتبرة أيضاً كل مؤسسة يهودية في العالم هدفاً قد تطاله "حماس". وتساءلت صحيفة "يديعوت احرونوت" في عنوان بارز "من اين ستأتي العميلة الانتحارية". وتابعت: "ان الجميع، المؤيدين والمعارضين لعملية اغتيال الشيخ ياسين يعرفون ان العملية الاستشهادية قادمة، المسألة مسألة وقت". وكتبت "معاريف" تحت عنوان "دائرة الانتقام" ان "كل عملية ممكنة بدءاً بتفجير مجمعات تجارية كبيرة وابراج مروراً بوضع عبوات ناسفة في السفارات الاسرائيلية وانتهاء بهجوم الصواريخ على اسواق شعبية : انتظروا الأسوأ". وعلى رغم هذا القلق الذي يساور الاسرائيليين و يكاد يشل حياتهم أعرب 60 في المئة منهم، وفقاً لاستطلاع للرأي نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" امس عن تأييدهم الاغتيال 32 في المئة عارضوه ورأى 81 في المئة منهم انه سيعاظم عمليات العنف في المدى القصير، بينما تساوت نسبة الذين توقعوا ان يقلصها في المدى البعيد ونسبة الذين رأوا انه سيزيدها او سيبقي على وتيرتها. الى ذلك حملت تعليقات ابرز كتاب الاعمدة انتقادات لجريمة الاغتيال على رغم تأكيدهم جميعاً على ان الشيخ ياسين "يستحق الموت" وانتقدوا توقيتها وانها لن تحقق ما يدعيه اقطاب الدولة من نتائج ايجابية على المدى البعيد. وكتب أبرز المعلقين في "يديعوت احرونوت" ناحوم بارنياع ان "القرار بتصفية الشيخ ياسين نجم اولاً عن وجهة نظر مُتخذيه القائمة على الاكتفاء من ألم الطرف الآخر، لكنه اساساً ينم عن الاحباط الفظيع الذي تواجهه الحكومة حيال عجزها امام الارهاب الفلسطيني الذي لا ينتهي". وتابع: "لا احد في المؤسسة الاسرائيلية يؤمن حقاً بأن الاغتيال سيقلص الارهاب حتى ولا شارون. القرار ليس استراتيجياً انما نتاج احباط مرير وصعوبة متزايدة لديهم شارون ورفاقه في النظر الى عيون ناخبيهم الموعودين بالامن والسلام". وختم "ان الشيخ ياسين يتحمل المسؤولية عن موت مئات اليهود في حياته والسؤال الذي ينبغي ان يقلق الاسرائيليين الآن هو كم عدد اليهود الذين سيقتلهم بموته!". وكتب الأديب ب. ميخائيل ان "الاغتيال الذي أراد منه رئيس الحكومة ارييل شارون إعادة توحيد صفوف ائتلافه الحكومي دفع بأمة كاملة إلى التقوقع في الزاوية كالجرو الذي تبوّل فوق سجادة، تنتظر بخنوع الضربة الشديدة الوطأة التي ستأتي حتماً... ليس لدى أحد شك بأنها ستقع، لكن لا يعرف بعد أين ومن هم الموتى الأحياء بيننا الذين تم التبرع بهم على مذبح عبث شارون وموفاز بالحرب". ورأى المعلق البارز في "معاريف" بن كسبيت أن شارون وموفاز أدخلا إسرائيل إلى أخطر دهليز في العالم، إلى طريق الانفصال التي يفرشونها بالدم والنار وأعمدة الدخان وعدد غير قليل من الجثث. وزاد: "ان شارون يقوم الآن بمحاولة فرض الهدوء على النسق الذي اتبعه دائماً وأدى إلى كثير من العنف". وكتب ان "ياسين أصبح تاريخاً، لكن السؤال كم منا يسير إلى مصير مماثل. موسم الصيد. كما وصفه مسؤول أمني، قد بدأ، لكن الأسوأ ما زال أمامنا". وكتب المعلق السياسي في "هآرتس" ألوف بن أن شارون وموفاز قدما للإسرائيليين ما رجوه، خصوصاً بعد الدهاء والجرأة لحركة حماس في عمليتها الأخيرة في أشدود التي حضت شارون وموفاز على تصعيد الرد "لكن لا يغتر أحد بالهدوء النسبي. إنه مجرد وهم ولا مجال للفرملة في منحدر العنف".