محاولة للجمع بين الليونة الجسدية والترقي الاجتماعي والبعد عن الروتين وضغوط الحياة، بالإضافة الى الموضة الرائجة... هي "الوصفة" التي تجمع بين معظم الشباب اللبناني وتحفزه على تعلم فنون الرقص على أنواعه. وان كان ميل الشباب الذكور الغالب يجنح نحو تعلم الرقص اللاتيني ورقص الصالونات، فبسبب نظرة المجتمعات العربية المريبة تجاه الرجال الذين يتقنون الرقص الشرقي، في حين ترجح كفته عند الفتيات كمترجم لأحاسيس أنثوية موجودة لديهن. وأياً كان نوع الرقص الذي يتقنه الشباب، فإن الثابت لديهم هو الشعور الذي يولده فيهم الرقص، ليتحول لغة تطلقها أجسادهم للتعبير عن مكنوناتهم. "حب الحياة يعني حب الرقص" هذا هو تفسير الراقص خوانيتو لمجيء الشباب الى معهده لتعلم فنون الرقص على أنواعه، وإن كانت نسبة الشباب الذكور في معهده لا تتعدى الثلاثين في المئة من العدد الإجمالي للطلاب، مرجحاً أن يكون ذلك عائداً الى "نظرة الاستخفاف التي يطلقها المجتمع الشرقي على الراقصين والراقصات عموماً، ناهيك برواج صورة نمطية تحكي خروج هؤلاء الراقصين الذكور عن الطبيعة في تصرفاتهم وعلاقاتهم". سوليته ابنة خوانيتو تتولى تدريب الراقصين الصغار في المعهد، وتصف الحالة التي تعتريها أثناء الرقص بأنها "الدخول الى عالم يشعرها وكأن كل شيء على ما يرام" ولذلك فهي تشعر بعدم التوازن إذا لم تواظب يومياً على الدخول في هذه الحالة. حب الرقص هو العنصر المشترك لدى طلاب معهد خوانيتو، هو السبب الذي دفعهم لتعلم هذا الفن، في حين ان الاختلاف يقع في الحالة التي تعتريهم حين يرقصون. فالرقص عند كل من نادين قسيس 24 عاماً وكارين غريّب 21 عاماً هو فرصة لتمرين كل عضلات الجسم، "وبالتالي هو نوع من أنواع الرياضة الممزوجة بأحاسيس جميلة وبعيدة عن الميكانيكية التي تتسم بها التمارين الرياضية". لا تعرف نادين سوى خوانيتو من الراقصين وهي معجبة بشاكيرا وطريقتها في الرقص. أما كارين فهي من أشد المعجبات بآنا بيليتكوف. وتقول جوزيت حلو 17 عاماً إن الرقص ينقلها الى حالة الأنوثة التي لم تعهدها في نفسها من قبل، ولم تعتد ارتداء أدواتها كالتنورة والشال الخاص بالرقص والكعب العالي، كما تقول. ويعطي الرقص شانت أسرليان 23 عاماً الشعور "بالPrestige والمكانة الاجتماعية" بطريقة مختلفة عن موقعه كمختص في كهرباء السيارات، وغالباً ما يواجه بالاستغراب حين يعلم زبائنه بأنه راقص شبه محترف في حين ان رفاقه وأصدقاءه يتمنون الحصول على ميزته، كما يقول. إضافة الى العنصر الاجتماعي، هناك أيضاً سبب أساسي يكمن في دخول هواة الرقص عبر الموسيقى، في حالة انسجام ذاتي وهذا ما دفع كل من علي منصور 22 عاماً وسوزان شرتوني 21 عاماً ومارلين زخور 16 عاماً الى تعلم التانغو ورقص الصالونات، فهذان النوعان بالنسبة الى علي لهما "تاريخ وموسيقى جميلة يمكن تطبيقهما اجتماعياً". ولا يتقصد علي الذهاب الى أماكن محددة للرقص بل ينتظر مناسبة مواتية لإظهار مواهبه، في حين ان سوزان ومارلين تحاولان الرقص أسبوعياً في المراقص أو في أي مكان تتواجدان فيه مع الأصدقاء، خصوصاً انهما تجيدان كل أنواع الرقص وان كانت بدايتهما مع الباليه كلاسيك. وهما من أشد المعجبات بمارتا غراهامز، ولا يعجبهما رقص شاكيرا على رغم انه موضة رائجة، فهي تجسد "الإباحية ولا تقدم فناً". ويفضل كل من أيمن السيد وكريم باقر ومروان الخرسا ورامي سلامة الرقص الغربي واللاتيني، "فهو أسهل ويمكننا من خلاله التعبير عن شعور داخلي، فالتانغو يسمح للراقص باظهار ملامح الرجولة فيه". وعلى رغم اعجابهم بشاكيرا كأنثى، إلاّ أن رامي يعتبر انها "تستغل الرقص الشرقي للشهرة من دون أن تمتلك إحساسه". وينظر الثلاثة الى الرقص الشرقي كمادة للإغراء وتعبئة الفراغ في الأفلام المصرية، مشيرين الى ان الراقص مصباح "هو أفضل من يرقص الشرقي". في معهد Attitude Dance Center، الإقبال كثيف من قبل الفتيات على تعلم الرقص الشرقي على يد المدرب بيار حداد الذي يفسر سبب هذا الاقبال بأنه "نوع من اتباع الفتيات لتوصيات التغذية التي تفيد بضرورة المشي والرقص كي تتمكن العظام من امتصاص الكالسيوم". ويشير الى اتباعه مراحل عدة لتحضير طالباته: "البداية بالتمرين على حركات معينة لتحضير الجسد لتقبل كل الخطوات الراقصة ويستمر هذا التحضير لمدة شهرين بعدها يبدأ التمرين على حركات لشد عضلات الجسم، أما في المرحلة الثالثة فندخل في التدريب على اكتساب مهارة تحريك الدماغ للجسد بشكل تلقائي". أهم ما تكتسبه الطالبات من تمارين الرقص هو منحهن القوة للتعبير الجسدي بجرأة أكبر، كما تقول مديرة المعهد ماي حيدر، إضافة الى اكتساب الحرية النفسية والهروب من ضغوط الحياة على حد تعبيرها، علماً ان المعهد يعلم كل أنواع الرقص اللاتيني والشرقي والباليه والفلامنكو وHiphop وdance de Salon. الدافع عند كاتيا بيوض احدى طالبات لمعهد التي تتلقى تمارين الرقص منذ تسع سنوات كنوع من أنواع الرياضة، هو "اكتساب الليونة الجسدية، إضافة الى ان الرقص هواية تمكنني من التخلص من ضغوط الحياة، علماً أنني لا أتعمد السهر لتطبيق ما أتعلمه". وتحرص كل من ريان زنتون 18 عاماً وملك قليلات 18 عاماً وليزا مزّا 20 عاماً وكارول قزي 20 عاماً وشانتال عضيمي 20 عاماً على المداومة على ممارسة الرقص الشرقي لأنه الأكثر شيوعاً واستعمالاً بالنسبة لهن. ولا يعرفن اهتماماً لفنون الرقص الأخرى. لكن ريان وملك لا تتقبلان تعلم فنون الرقص الشرقي على يد مدرب لأنه "لا يملك الإحساس أو الخصر للهز" على حد تعبيرهن. ولا يفترض كل من علي مراد 20 عاماً ومحمد التنير 19 عاماً وبندر سعد 20 عاماً أن تميّز الشاب بموهبة الرقص يعني بالضرورة أنه مميّز في شخصيته، "فتكوين انطباع عن شخص يتم من خلال كلامه وتصرفاته وليس من خلال موهبة قد يتمتع بها". وتطلق كل من غنى التنير ورولا ابراهيم صفة "الجنتلمان" على الشاب الذي يعرف كيف يراقص الفتيات.