يرى القاضي الفرنسي المهتم بشؤون الارهاب جان لوي بروغيير، في حديث الى "الحياة"، ان نشاط الشبكات الارهابية دخل في مرحلة جديدة بعد تمكنها من "التدخل في الحياة السياسية للدول الديموقراطية، وباتت تستهدف قلب أوروبا". وقال بروغيير انه على رغم ضرورة اعتقال زعيم تنظيم "القاعدة" اسامة بن لادن، إلا أن هذا وحده لا يكفي لوقف تهديدات الشبكات الاسلامية التي تعد لعمليات ارهابية في أوروبا والعالم. واعتبر ان تنظيم "القاعدة" أضعف بشكل كبير من جراء الضربات الأميركية عليه، ولكن "لا تزال لديه نواة تضم أشخاصاً، مثل الزرقاوي وأيمن الظواهري، الذين نمت من حولهم شبكات مختلفة اعتمدت استراتيجية جهادية، تمتد في العالم كله". وأضاف ان فرنسا تدرس هذه الشبكات وتحقق مع المعتقلين من اعضائها منذ اكثر من عشر سنوات، مشيراً الى ان الحرب مع هذا النوع من الارهاب اشبه ب"حرب المئة سنة". وتابع أنها حرب طويلة وكونية مع "عدو حاضر وانما غير منظور"، ويستهدف دولاً "غير قادرة على إبداء ردة فعل كونها معتادة على مواجهة أعداء معروفين ومنظمين ولديهم مطالب ايديولوجية واضحة". وأشار الى انه يصعب على الديموقراطيات التكيّف مع مكافحة هذا النوع من الارهاب، وانه بالنسبة الى بريطانيا مثلاً، فإن التهديد كبير جداً والتعبئة جيدة من جانب السلطات، لكن "الإعداد الجيد لمكافحة هذا النوع من الاعمال لا يعني ان الإمكانية متوافرة للسيطرة عليها". وقال بروغيير ان فرنسا بدورها تواجه تهديداً كبيراً على رغم عدم مشاركتها في الحرب على العراق، وان "افتقار الشبكات الارهابية لقيادة مركزية، لا يلغي التجانس القائم على صعيد الأهداف التي تختارها وعلى صعيد استراتيجيتها، ما يعني ان هناك ترابطاً بين مكوناتها، لكن طبيعته غير معروفة". ويعتقد بروغيير أن تغييراً أساسياً طرأ على صعيد استراتيجية الارهاب عبر 11 أيلول سبتمبر، حين استخدمت طائرات مدنية "كأسلحة دمار شامل" لمهاجمة الولاياتالمتحدة. ويشرح ان "القاعدة" وغيرها من المنظمات أظهرت بعد ذلك قدرتها على الاستمرار في مهاجمة أهداف مختلفة وكونية، مثلما حصل في جربه وكراتشي ونيروبي وغيرها، وبالتالي فإن هذه الشبكات دخلت في مرحلة جديدة بعدما تمكنت من التدخل في الحياة السياسية للدول الديموقراطية على غرار ما حصل في تركيا مثلاً بالتزامن مع زيارة الرئيس الاميركي جورج بوش الى لندن في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. واشار بروغيير الى ان العامل الآخر المهم هو ان قلب أوروبا بات مستهدفاً، وان اسطنبول مثلاً تشكل جسراً رمزياً بين الشرق والغرب ونقطة تقاطع بين الشمال والجنوب، موضحاً ان استهداف تركيا اظهر رغبة لدى الارهابيين في الهجوم على أوروبا عبر شرقها، في ظل تقدم ظهر من الجنوب عبر عملية الدار البيضاء، مما يضيق الخناق على دول مثل بريطانياوفرنسا والمانيا. واعتبر ان الحرب على العراق شكلت قاطرة تستخدمها الحركات الارهابية للتعبئة والاستمرار في عملياتها تحت عنوان "الجهاد". واكد ان فرنسا مهددة على رغم عدم مشاركتها في الحرب "أولاً لأنها في قلب أوروبا، وثانياً لأنها أول دولة كافحت السلفيين الجزائريين من اعضاء الجماعة الاسلامية المسلحة، الذين يعتبرون فرنسا بمثابة عدوهم التقليدي، اضافة الى حظر الحجاب الذي شكل موضوعاً يمكن استغلاله". لكنه شدد على ان لدى فرنسا خبرة قديمة في مكافحة هذه الشبكات ولديها اجراءات قضائية تمكنها من تشديد المراقبة عليها وان "اليقظة دائمة ازاء مثل هذه التهديدات".